دردشة صباحية
الحيّة ذات الرؤوس المتعددة
يكتبها الياس عشّي
قرأت للجاحظ:
«… فقد زعم صاحب المنطق (أرسطو) أنه ظهرت حيّة لها رأسان، فسألت أعرابياً عن ذلك، فزعم أنّ ذلك حقٌّ، فقلت له: فمن أيّ جهّة الرأسين تسعى، ومن أيهما تأكل وتعضّ؟ فقال: فأمّا السعي فلا تسعى، ولكنها تسعى إلى حاجاتها بالتقلب كما يتقلب الصبيان على الرمل، وأمّا الأكل فإنها تتعشّى بفم وتتغدّى بفم، وأمّا العضّ فإنها تعضّ برأسيها معاً… فإذا هو أكذبُ البريّة».
كتبت:
لم يكن الأعرابي كاذباً، فأنا واثق أنّ هذا الأعرابيّ قد زار العالم العربي، واحتكّ بناسه، وتواصل مع زعمائه، وقرأ صحفه، ودخل إلى صفحات التواصل الاجتماعي، واستمع إلى إذاعاته، وتابع برامجه التلفزيونية، واكتشف، بكلّ بساطة، أنّ الحيّات في الدول العربية لها مئة رأس، تأكل بها مجتمعة، وتعضّ بها مجتمعة، وتسعى إلى أهدافها بالتقلّب والتلوّن واللعب على الحبال. باختصار: إنها الأكثر براعة في تغيير جلدها، وتغيير لونها.