مقالات وآراء

العصيدة الأميركية!

‬ عبدالملك سام (حنظلة) – اليمن

أميركا تتصرف كوحش كاسر في قفص الأسر، كيف لا وهي تشعر بالإهانة وانعدام الحيلة؟ وأكثر ما يقلق ساستها المبهوتين اليوم هو أن تتكرّر هزيمة فيتنام، بل أنهم قلقون بأن تكون التداعيات أكثر كارثية من فيتنام؛ فقد قادها ساستها عديمو البصيرة إلى فخ يكاد يزهق كلّ ذلك الغرور الذي تعاملت به مع المنطقة الحيوية التي تطلق عليها اسم «الشرق الأوسط»، وها هي آثار سوء التدبير تتكاثف حول المشهد الذي قادتها إليه «إسرائيل».
أكثر ما يؤلم ساسة أميركا اليوم هو أنهم تورّطوا وحدهم هذه المرة، وفي ظلّ انعدام المبرّر الذي يضمن لهم تمويل حملتهم العسكرية على اليمن، فإنّ هذه المعركة ستمثل عبئاً على الميزانية الأميركية المتعبة أصلاً! وحتى لو وجدوا تمويلاً من بعض الأنظمة التي اعتادوا استنزافها، فهذا لن يكون كافياً نظراً للفخ العسكري المعقد الذي أوْقعها فيه الجيش اليمني هذه المرة، ولعلّ سوء هذا الوضع ناتج عن العناد الأميركي الذي أعلن وقوفه منذ البداية مع المخطط الإسرائيلي المجنون؛ فلو أنهم قالوا «لا» لـ «إسرائيل» لما وصل الحال لما هو عليه اليوم!
محاولات الضغط على السفن التي تعبر باب المندب يومياً بسلام لتغيّر وجهتها باتجاه طريق (رأس الرجاء الصالح) ليست عملية، وستكلف شركات الشحن البحري المزيد من التكاليف الباهضة، ومن ذا سيقبل أن يخسر أمواله فقط ليثبت أنّ أميركا على صواب؟! وحتى لو امتثلت بعض الشركات لذلك فإنّ هذا يعطي الأفضلية للشركات التابعة لدول لا تدور في الفلك الأميركي كالصين وروسيا وغيرها من الدول التي ستستطيع أن تشحن سلعها وسلع الآخرين بسعر أقلّ بكثير من سعر الشركات التي ستوافق على التوجه الأميركي!
لمحبي مصطلح «المطبخ السياسي» الأمر يشبه (العصيدة)، والتدخل العسكري الأميركي غير مضمون من حيث مدته وتكلفته ونتائجه، والحلّ السياسي ليس مطروحاً على الطاولة في ظلّ استمرار الجرائم الإسرائيلية والحصار الذي يتعرّض له الفلسطينيون، وقد تمّت محاولة استقطاب اليمن ولبنان لضمان استبعادهما من الواجهة دون جدوى، والوضع معرّض للتفاقم بما يضرّ بالمصالح الأميركية وحلفائها أكثر فأكثر، ولكن لسنا نحن المعنيين بالقلق، وكما يقول المثل اليمني: «عصيدتكم متنوها»، ولله عاقبة الأمور…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى