سرد الحقيقة على لسان أصحاب العملية
رنا العفيف
هذه روايتنا… لماذا طوفان الأقصى، تطلق حركة حماس روايتها حول طوفان الأقصى وأسبابه ومآلاته والمطلوب، كيف يفسّر أو يعرف أهمية النقاط التي جاءت في هذه المذكرة؟
مذكرة من 18 صفحة حول طوفان الأقصى، أتت لتبث الحقائق والمطالب الفلسطينية بسرد الحقيقة على لسان أصحاب العملية بشكل توثيقي وأكاديمي علمي يحمل في أبعاده تاريخ من النضال الفلسطيني ليس فقط لتاريخه الحديث، وإنما لأكثر من مئة وخمس سنوات من الاستعمار والاحتلال والاستيطان والسرقة والنهب، وهي في حقيقة الأمر والواقع ملخص توثيقي في التاريخ والحقوق والقانون والشرع، تضمّنت هذه الرواية عدة نقاط ذات أهمية في البعد الجغرافي والتاريخي لما تعرّض ويتعرّض له الشعب الفلسطيني من ظلم واضطهاد، إذ تؤكد حركة حماس فيها على قدرة الشعب الفلسطيني على تقرير مستقبله بنفسه، وترفض المشاريع الإسرائيلية والدولية لتحديد مستقبل غزة،
أتت هذه الرواية لتؤكد المؤكد أن الرواية الإسرائيلية لما جرى في السابع من أكتوبر تضمّنت الكثير من الكذب، وكشفت الأيام لاحقاً كيف أنّ أكثر المستوطنين قتلهم المروحيات والطائرات والدبابات الإسرائيلية خلال ملحمة الطوفان، حتى تراجع البيت الأبيض عن أكذوبته في سردية النفاق بتقطيع الرؤوس والاغتصاب في خضمّ البروباغندا الإسرائيلية وحاولت الحفاظ على المضمون، فكان لا بدّ من سرد الحقيقة بالتوقيت والشكل والمضمون، لأنها الأقرب للثوابت المعلنة أن لا تهجير ولا خضوع للاحتلال، ولا تخلّ عن المقاومة ولا تقاعس عن التحرير ولا قبول بأيّ وصاية غير شرعية عبر المشاريع الدولية الإسرائيلية، من يحدّد مستقبل غزة هو أهلها وأن الشعب الفلسطيني قادر على تقرير مستقبله، وبالتالي هذا الموقف لحماس يعتبر محلّ إجماع لدى فصائل المقاومة بكل أطيافها وأشكالها التي تواجه الاحتلال، وهي موحدة شاملة متكاملة الأركان وتحديداً منذ بدأ الملحمة التي هزت «إسرائيل» سواء في القيادات أو الحكومة وحتى الوزراء الذين لم يدركوا من السقوط سوى الحضور المباشر الأميركي المباغت في مجلس الحرب، وأمام هذه الرواية بات الحلم «الإسرائيلي» عاجز عن إدارة المنطقة من دون الوصاية الأميركية الدائمة، لذا كان لا بدّ من حماس أن تنشر هذه المذكرة أو الوثيقة لما فيها من معطيات في خضم حرب الرواية أو السردية التي يعلنها الاحتلال الإسرائيلي والأميركي وهي لا تقلّ أهمية عن الحرب العسكرية في الميدان، وذلك استناداً لما جاء في مقدمة الرواية من حقائق حول الاحتلال والتهجير والتهويد والاعتقالات، ماذا ينتظر ما بقي من فلسطين والفلسطينيين في المستقبل.
لهذا كان طوفان الأقصى، نريد أسر جنود للإفراج عن أسرانا فعلنا ذلك بعد ما سدّت الطرق وأقفلت جميع الأبواب أمامنا، لم نقتل النساء ولا الأطفال ولا المدنيين فنحن مقاومة ملتزمة أخلاقياً، أهدافنا نبيلة، أما الذبح والاغتصاب فذلك من نسج روايات الاحتلال المضللة وثبت زيفها، وتؤكد حماس من خلال عملية الحقيقة الجديدة المجازر والتوحش والمحارق والقتل بدم بارد ليس له مثيل في تاريخ البشرية، إذ لا يمكن محو آثارها من أرض فلسطين وخاصة في أرض غزة التي بصم بنيامين نتنياهو وأركانه وحكومته وجيشه على هذه الإبادة بالإصبع،
فكان لا بدّ من العالم بأسره ليس فقط الفلسطينيين بالعموم أن يواجه هذه الرواية وهي رواية حقيقية واقعية علمية تاريخية في ظل هذه المعركة، حيث لا غموض بها واضحة عين الشمس، وبالتالي هي رواية الحق التي تنتصر على سردية الباطل من حيث المبدأ والشكل والمضمون لا إغفال فيها، ومن خلال هذه الحقيقة سوف يواجه الكيان الصهيوني محاكمة دولية نأمل أن تكون نزيه بالمعنى، كي لا تفقد الأمم والشعوب ثقتها الكاملة بالعدالة، لأن حجم الإبادة والمجزرة التي ارتكبت في قطاع غزة يندى لها الجبين، ولو لم يكن هناك صدى على المستوى الدولي والإعلامي والرأي العام والمنظمات والمجتمعات لما تقدّمت جنوب أفريقيا بدعوة بحق الجرائم التي ترتكبها «إسرائيل» بغطاء أميركي، ولعلّ انطلاق هذه الرواية في هذا التوقيت هو عوامل ومعطيات الوثيقة بدقة وهي استكمال لما تقوم كل يوم بعرضه عبر فيديوات تنشرها لعملياتها بالصوت والصورة، في مقابل ما يصدح في أزقة الاعلام الغربي والأوروبي والأميركي من نفاق وكذب وتداعيات ذلك حجم الأضواء المسلطة على تصريحات الرئيس الأميركي بايدن وإدارته إذ تلقفوا الدعاية الصهيونية ثم بعد ذلك تراجعوا عنها حيال مسار المواجهة بشتى أنواعها، وما استدعى ربما هذا التوقيت هو الموقف الدولي والقانوني والإعلامي الذي فتح الباب أمام حركة حماس لتتحدث بكلّ خطوة في مسار المواجهة الحالية،
وأخيراً لهذه الرواية مآلات في مقابل التعتيم الإعلامي الغربي والذي هو ضعيف وهزيل إذ لم يعد أحد يصدقه وهو بالعموم مشكك به، إذ استأثر الإعلام الصهيوني بالعالم لنفسه مجنداً كلّ طاقاته الدعائية ضدّ فصائل المقاومة الفلسطينية وكلّ من يقف داعماً للقضية الفلسطينية، حتى أصبح ينقم على الإنسان العربي أينما وجد وحلّ ليس فقط الفلسطيني، لذلك أتت هذه الرواية في التوقيت المناسب لتسقط كلّ الدعايات الصهيونية، وكشف من هو الإرهابي ومن هو الفلسطيني بشكل خاص والانسان العربي بشكل عام، وقد تكون لهذه الرواية صدعاً عميقاً تطيح في الدعاية الإعلامية الصهيونية المغرضة، وتظهر حجم الإعلام الحربي المقاوم بالصوت والصورة والكلمة التي اخترقت أسوار النفوذ الغربي والأوروبي ليكشف للعالم وللرأي العام العالمي وخاصة من هم متأثرون بأضاليل الإعلام الصهيوني أنّ المقاومة الفلسطينية مهد الأخلاق والإنسانية والحضارة وهم أهل القوة والبأس وأهل الرحمة، هذا من منطق حركة التاريخ والأمم الحية التي تواصل مسيرتها، أيضاً نقطة لافتة في هذه الحقيقة التي تستوجب تسليط الضوء عليها وهي أنّ الحقيقة في هذه الرواية لا تقتصر على حجم وهول التوحش والهمجية الصهيونية في غزة، وإنما بينً الفرق بين الإرهابي المخرّب وبين الثائر الذي انتهج الكفاح المسلح وسيلة لتحقيق التحرير في ظلّ الصمود الأسطوري الفلسطيني أمام هول المجازر الوحشية، وبالتالي لترى وتسمع شعوب المنطقة ما هي الصهيونية التي تبتزه وتجعل منه مطية للوصول إلى مآربها، وبين الطريقة الوحيدة التي تجعل شعوب العالم تقطع المسافات الشاسعة لتصل إلينا هي صحافتنا وإعلامنا المنبر الوحيد الذي يستطيع من خلاله تعرية خصومنا وأعدائنا أعداء الأمة العربية.