دردشة صباحية
حذارِ أيها الجزارون من خنجر «جسّاس»
يكتبها الياس عشي
هذا ما حدث:
لُقّب بـ (كُليب)، وعاش في عصر الجاهلية. كان متغطرساً، ومتشاوفاً، وقويّاً، فمدّ عباءته، واستأثر بما تقدّمه البادية لأهلها من عشب وماء.
أمّا اللَقَبُ فجاءه من جرو كان يطلقه في الصحراء، وكلّما وصل الجرو إلى مكان وضع «كليب» يده عليه، وأدخله في حماه، ومنع أيّاً من سكان البادية أن يدخل حماه ليشرب ماءً، أو يرعى إبلاً.
وفي يوم شردت ناقة اسمها «السراب»، ودخلت في حماه، فرآها «كليب» فشقّ ضرعها بسهمه، وأشعل حقداً في قلوب أبناء العمومة. كمنَ له ابن عمّه «جسّاس» وطعنه في الظهر (…)، وتركه في العراء. وظلّ «كليب» أياماً ثلاثةً يُحتضرُ مشويّاً على الرمال، يلوب من العطش، فيمرّ به العرب ولا يغيثونه، ولا يطفئون عطشه بنقطة ماء!
مات «كليب»، واشتعلت حرب دامت أربعين عاماً عُرفت بحرب «البسوس».
كتبت:
ما زال «كليب» يتكرّر في وجوه دول مصابة بعقدة التفوّق، والصلف، ومصادرة اللقمة من أفواه الضعفاء. وما تذكرت «كليباً» إلا كي أصرخ في وجوه من أصيبوا بجنون العظمة، فما عادوا «يرون أحداً فوقهم، ولا أحداً مثلهم»!
ماذا أريد؟
أريد أن أقول، وغزّة ما زالت منهمكة بتعداد شهدائها: حذارِ، أيها الطغاة الجزّارون من خنجر «جسّاس».