باب المندب… تغيير جذري عالمي
عدنان عبدالله الجنيد
ظهرت الأهمية الاقتصادية لمضيق باب المندب الواقع في محافظة تعز في عام 1869م، وذلك بافتتاح قناة السويس لتربط البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، وأصبح من أهمّ الممرات والمعابر البحرية الواقعة على الطريق البحرية بين بلدان أوروبية والبحر المتوسط وعالم المحيط الهندي وشرق أفريقيا، وتمر عبره يومياً ما يقارب 57 ناقلة نفط بمعدل 7 مليون برميل نفظ يومياً، أي ثلث نفظ العالم.
وبهذا الموقع الاستراتيجي لمحافظة تعز اليمنية، والتي ميّزها عن مثيلاتها من المحافظات الأخرى بموقعها الجغرافي المطلّ على مضيق باب المندب والتحكم في طرق الملاحة البحرية، ليكسبها أهمية استراتيجية ليس لليمن فقط بل لشبة الجزيرة العربية، لتمثل الجمهورية اليمنية البوابة الجنوبية لمدخل البحر الأحمر.
وعندما أعلن قائد الثورة يحفظه الله عن التغييرات الجذرية في خطابه بمناسبة المولد النبوي الشريف في عام 1444 هجري، كان أول تغيير جذري تنفذه القوات المسلحة اليمنية، هو منع السفن المتعددة الجنسيات ذات العلاقة بالكيان الغاصب بالمرور ذهاباً وإياباً من مضيق باب المندب إلى الموانئ الإسرائيلية، حتى يتمّ رفع الحصار على غزة.
وقد أثمر هذا التغيير الجذري المبارك في باب المندب… مشيراً إلى تغيير جذري عالمي وله ثأثيرات على اقتصاد العدو الإسرائيلي من خلال ثلاثة مستويات:
المستوى الأول: خسائر «إسرائيل» من توقيف حركة السفن في مضيق باب المندب خسائر اقتصادية باهظة وغير متوقعة تمثلت في فقدان إمداد استراتيجي، لأنّ «إسرائيل» تستحوذ 70% من الواردات عبر البحر، ويقدّر حجمها السنوي 75 مليار دولار، وبهذا التغيير الجذري في مضيق باب المندب تخسر النصف منها، وعليه… ونتيجة الهجمات الصاروخية تراجع ميناء إيلات بمقدار 85% من بداية هذا التغيير الجذري في مضيق باب المندب، وخسائر بمقدار 80% في الإيرادات، وتفريغ بضاعة حمولتها 40.6 مليون طن، ونقص العمالة في موانئ «إسرائيل» بسبب الاستدعاء المكثف لجنود الاحتياط العسكري، وبسبب مخاوف المستوطنين من العمل في القطاعات الحيوية المعرضة لمخاطر الحرب.
المستوى الثاني: زيادة تكاليف النقل البحري، سبب تغيير ما يقارب عن 55 سفينة مرتبطة بالعدو الإسرائيلي طريقها إلى رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، وهذا يزيد من المسافة البحرية بنحو 13 ألف كيلو متر، ويؤخر وصول الإمدادات لأكثر من أسبوعين، وارتفاع تكاليف النقل بمقدار مليون دولار لرحلة الواحدة، وارتفاع سعر نقل الحاوية إلى 400 دولار لهذا تعاني «إسرائيل» من أزمة بحرية وارتفاع الأسعار وتأثير التبادل التجاري بين الدول، حيث انخفض التبادل التجاري مع عدد من الدول يصل إلى 50%، وخسارتها خلال شهر بمقدار 4 مليار دولار، وتجارة السيارات سيكون أكثر القطاعات تأثيراً في «إسرائيل» لارتفاع تكاليف نقلها نسبة 36%، من الصين خلال الشهر الماضي، وتضاعف ضرائب الاستيراد، وتأثير الصناعات الكيميائية.
المستوى الثالث: رفع شركات السفن أسعار التأمين بسبب الأخطار.
أرتفاع تكاليف تأمين السفن «الإسرائيلية» بنسبة 250%، في حين أنّ بعض شركات التأمين لن تغطيها على الإطلاق، وبذلك ارتفعت أسهم قطاع شركات الشحن البحري بنحو 22 مليار دولار، وارتفاع تكاليف التأمين ما يقارب 50 ألف دولار للحاوية الواحدة، وبالإضافة إلى رسوم إضافية بمقدار 700 دولار للحاوية الواحدة، وارتفاع تأمين بدل المخاطر للحاوية الواحدة بمبلغ 800 دولار. وامتناع شركات كبرى عن الرسو في موانئ «إسرائيلية» تجنباً لتهديدات مستقبلية…