كتائب حزب الله العراق وحركة حماس
تعيش المنطقة تسارعاً في الأحداث وزخماً في التفاوض على صفيح ساخن، والعضّ على الأصابع في أعلى المراتب. فمن جهة عروض تفاوضية لصفقة تبادل الأسرى بشروط جيدة قد تتيح خروج الآلاف من الأسرى الفلسطينيين مقابل 35 أسيراً من الجنود والمستوطنين في كيان الاحتلال، في ظروف إنسانية شديدة القسوة يعيشها قطاع غزة، بما يجعل التعامل مع المقترح باهتمام. ومن جهة المطروح هو هدنة وليس وقفاً نهائياً لإطلاق النار لكن مع وعود وتعهدات بما يجعلها كذلك.
بالتوازي تفاوض يبدأ بين الحكومة العراقية وقوات الاحتلال الأميركي حول جدولة الانسحاب الأميركي، بينما تنفذ المقاومة العراقية عمليّة مؤلمة لقوات الاحتلال التي تتحدث عن رد شديد القسوة، ووراء الكواليس تلويح بوقف التفاوض أو تسريع التفاوض، وتجربة تاريخية مع قوات الاحتلال الأميركية تقول بأنها لا تنسحب إلا تحت النار.
في العراق وجدت كتائب حزب الله العراق أن إعلان تعليق العمليات لمدة محددة متفق عليها دون إعلانها، مقابل التزام الحكومة العراقية بإنهاء التفاوض إذا انتهت المهلة ولم يتمّ التوصل إلى اتفاق انسحاب سريع لقوات الاحتلال، يمثل خياراً يحفظ المصالح العليا لمحور المقاومة والعراق، ويبقى بيد المقاومة حق العودة لخيار العمليات مع انتهاء المهلة المتفق عليها بين المقاومة والحكومة. وبالتوازي اقتصر الإعلان عن تعليق العمليات على كتائب حزب الله، وامتنعت الفصائل المقاومة الأخرى عن التعليق أو إعلان موقفها تعليقاً أو استمراراً للعمليات..
حركة حماس تناقش المقترحات الخاصة بصفقة التبادل والهدنة، وإن وافقت فإن بيدها سلاحها وعدداً من الأسرى كافٍ للتفاوض على وقف نهائي لإطلاق النار، أو الذهاب الى هدنة ثانية بتبادل ثانٍ يبقى بيدها ما يكفي للاتفاق على هدنة ثالثة ورابعة وصولاً لفرض وقف إطلاق نار نهائي، بينما أعلنت حركة الجهاد الاسلامي تمسكها بشرط وقف إطلاق نار نهائيّ للبحث بأي تبادل للأسرى، ولدى الجهاد عدد وازن من الأسرى.
لا أحد يملك تفاصيل ما يجري في الكواليس، والمنطقة في حال توتر مرتفع، وقوى المقاومة تحفظ تنوّعها وتعدّد مواقفها تجاه الملف الواحد في الساحة الواحدة. وهذا يعني أن الذين لا يقاتلون في الميدان ولا يشاركون بالتفاوض مطالبون بالتصرّف بمسؤولية والامتناع عن التصرف بلغة ادعاء معرفة المصلحة أكثر من القابضين على الجمر. ونحن لا نقول لأحد عليكم مبايعة قرار قوى المقاومة على بياض، لكن بإمكانكم القول إن المقاومة اتخذت هذه القرارات بناء على معطيات لا نملكها. وتضحيات هذه القوى وثباتها وصدق تضحياتها وخياراتها يدفعنا للثقة إن لديها بالتأكيد أسباباً وجيهة وراء قراراتها، سواء قبلت حماس بالصفقة أو بالنسبة لقرار حزب الله العراق تعليق العمليات. ونتمنى أن تكون حساباتها دقيقة، والأمور بخواتيمها. ونحن نتابع والانتقاد الذي يمكن لتوجيهه اليوم أن يضعف موقف المقاومة، ونكتشف لاحقاً أنه خطأ جسيم بعد فوات الأوان، يمكن توجيهه غداً إذا تبين أنه كان في غير محله وأن نتائجه كانت خسائر دون أرباح.
المهم هو تشجيع قوى المقاومة في فلسطين والعراق على إدارة تنوّعها بحكمة وتحت سقف أولوية الحفاظ على الوحدة، بل والاستفادة من هذا التنوّع بتقاسم الأدوار وتوظيفه لإرباك معسكر الأعداء، فيمكن لحماس ببساطة أن تقول إنها لا تمون على الجهاد، ويمكن لحزب الله العراق أن يقول إنه لا يمون على حركة النجباء، وكلاهما يكون صادقاً لأن هذا هو واقع الحال، لكن الاستقواء بالتعدد قد يحقق مزيداً من الأرباح.
التعليق السياسي