وزيرا خارجيتي بريطانيا وهنغاريا لإرساء الهدوء جنوباً/ برّي: «إسرائيل» تتجاوز منطقة الـ1701 وننتظر تطبيقه بالكامل/ بوحبيب: نرفضُ أنصاف الحلول ونريدُ استعادة المزارع
بالرغم من أنّ الخرقَ «الإسرائيليّ» عشرات آلاف المرّات للقرار الأمميّ 1701، موثّق في دوائر الأمم المتحدة استناداً إلى تقارير القوات الدولية الموقّته في الجنوب (يونيفيل) والشكاوى اللبنانيّة العديدة المُرسَلة إلى مجلس الأمن وذلك منذ ولادة القرار المذكور في أعقاب حرب تمّوز عام 2006 والمتمثّل بانتهاك العدوّ السيادة اللبنانيّة جوّاً وبرّاً وبحراً، ما تزال الوفود السياسيّة والعسكريّة الدوليّة وعلى أرفع المستويات، تتقاطر إلى لبنان للضغط بإتجاه سلب حقّه بالردّ على الخروق المتواصلة حتى اليوم وحماية أهالي المناطق الجنوبيّة المحاذية والبعيدة عن فلسطين المحتلّة، بُغية تخفيف العبء عن جيش الاحتلال في حرب الإبادة التي يشنّها على الفلسطينيين ولا سيّما في غزّة، وتأمين الحماية لمستعمري المستوطنات الشماليّة بإبعاد تشكيلات المقاومة عن الحدود.
وفي جديد التحرُّك الدوليّ في هذا الإطار، وصول وزيري خارجيّة بريطانيا وهنغاريا دافيد كاميرون وهنغاريا بيتر سيارتو، كلّ على حدة إلى بيروت حامليْن تحذيرات من توسيع رقعة الاشتباك المستمرّ مع قوّات الاحتلال الصهيونيّ على الحدود الجنوبيّة مع تهديدات ضمنية بإمكان جنوح العدوّ إلى شنّ حربٍ على لبنان إذا لم يلتزم بتنفيذ القرار 1701.
وكان كاميرون والوفد المرافق استهلّ زيارته إلى لبنان من السرايا الحكوميّة حيث التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بحضور نائب وزير خارجيّة بريطانيا لشؤون الشرق الأوسط طارق أحمد وسفير بريطانيا في لبنان هاميش كاول. وعن الجانب اللبنانيّ شاركَ في اللقاء مستشارو ميقاتي: الوزير السابق نقولا نحّاس والسفير بطرس عساكر وزياد ميقاتي.
وجرى خلال الاجتماع البحث في العلاقات اللبنانيّة – البريطانيّة وسُبل إرساء التهدئة في جنوب لبنان والحلّ السياسيّ والديبلوماسيّ المطلوب. كما تطرَّق البحث إلى دور الجيش وسُبل دعمه وتقوية قدراته وتعزيز التعاون بينه وبين قوات «يونيفيل»، والسُبل الكفيلة بتطبيق القرار 1701.
وفي خلال الاجتماع أكّدَ رئيس الحكومة «أنّ لبنان يؤيّد الحل السلميّ في المنطقة، وأنّ الدور البريطانيّ في دعم الجيش أساسيّ في الدفع بهذا الإتجاه». وشدّدَ على «أنّ لبنان مع تطبيق القرارات الدوليّة بحرفيّتها، خصوصاً القرار 1701، واستمرار التعاون بين الجيش ويونيفيل».
أمّا كاميرون فشدّدَ على أولويّة وقف إطلاق النار في غزّة تمهيداً للانتقال إلى المراحل التالية للحلّ.
بعدها توجّه إلى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي وجرى عرضٌ لآخر تطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة.
وأكد الرئيس برّي لكاميرون «استهداف إسرائيل المدنيين والأحياء السكنيّة في القرى والبلدات الحدوديّة الجنوبيّة، متجاوزةً منطقة القرار الأمميّ 1701 وقواعد الاشتباك وأنّ لبنان متمسّك ومنتظر تطبيق هذا القرار منذ صدوره بكامله».
وفي الاستحقاق الرئاسيّ أكّدَ رئيس المجلس «الحاجة إلى التوافق بين اللبنانيين لخصوصيّة لبنان والنظام اللبنانيّ لانتخابِ رئيسٍ للجمهوريّة لاستكمال الإصلاح والنهوض الاقتصاديّ المطلوب».
واستقبل قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة، كاميرون والوفد المرافق وتناول البحث الوضع العام في لبنان والمنطقة والتطوّرات على الحدود الجنوبيّة. وأعرب أعضاء الوفد الزائر عن دعم بلادهم للجيش في ظلّ الظروف الاستثنائيّة التي يمرُّ بها لبنان.
بدوره، وزير الخارجيّة الهنغاريّ استهلَّ جولته من وزارة الخارجيّة، حيث عقد مع وزير الخارجيّة والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب محادثات ثنائيّة، أعقبتها محادثات موسّعة بحضور كبار موظّفي الوزارة والوفد المرافق لسيارتو جرى خلالها بحث العلاقات الثنائيّة، وسبل دعم لبنان والتطوّرات الأخيرة في غزّة وجنوب لبنان.
وعقد الوزيران مؤتمراً صحافيّاً، بدأه بوحبيب بالقول «عقدنا محادثات جيّدة جدّاً تحدّثنا خلالها عن السبل الآيلة إلى تحقيق السلام في جنوب لبنان ومشكلة النازحين والتعاون الثنائيّ ولا سيّما في مجال المنح للبنانيين للدراسة في هنغاريا. وناقشنا دور هنغاريا المفترض لعبه لدى رئاستها المقبلة للاتحاد الأوروبيّ واشكر لكم دعم لبنان الذي سيكون ممتنّاً جدّاً للمساعدة في مجال تحقيق السلام في الجنوب».
من جهته قال سيارتو «نحن قلقون من تفاقم النزاع المسلح في الشرق الأوسط وعلى المجتمع الدوليّ القيام ما بوسعه لوقف تدهوره لأنّنا نعرفُ أنّه في حال ضلوع بلد واحد في هذا النزاع المسلّح فهذا يعني قد نكون امام حرب إقليميّة أو حتّى حرب تتخطّى حدود الإقليم، احتمال يجب تفاديه، و هذا يمثّل مصلحة حيويّة للمجتمع الدوليّ من أجل تفادي اندلاع أيّ نزاع عسكريّ بين لبنان وإسرائيل».
أضاف «نعلمُ جميعاً أنّ لبنان لا يريد أيّ حربٍ جنوباً، وأنّ الشعب اللبنانيّ لا يُريد الحرب لأنّ ذكريات الحرب ما زالت راسخة حول تداعيات الحرب عليه، ونعرف أنّ الحكومة لا تُريدُ حرباً أيضاً وهذا ما سمعته من الوزير بو حبيب».
ومن الخارجيّة، انتقل سيارتو والوفد المرافق إلى ميرنا الشالوحي حيث كان في استقباله رئيس «التيّار الوطنيّ الحرّ» النائب جبران باسيل.
ولفت باسيل في مؤتمر صحافي عقده مع سيارتو إلى أنّنا «نختلف حول موضوع إسرائيل فهي أولاً بلد عدوّ للبنان»، مشيراً إلى أنّنا «شعب وبلد عانى كثيراً عبر السنين من الغطرسة والتعدّي الإسرائيليّ على أرضنا ومياهنا وأجوائنا ومواردنا، ومن الاحتلال الإسرائيليّ الذي اغتصب عاصمتنا ولا يزال يسطو على جزء من أراضينا، وعلى التهجير القسريّ للفلسطينيين الموجودين على أرضنا وهو مبدأ ترفضه المجر».
إلى ذلك، أعلن الوزير بوحبيب في دردشة مع الصحافيين «أنّنا لسنا مع أنصاف الحلول في جنوب لبنان»، لافتاً إلى «أنّ المشروع الإسرائيليّ يقضي بانسحاب حزب الله شمالاً لتتمكَّن من إعادة المستوطنين إلى منازلهم، وهذا ما رفضناه لأنّنا نُريد حلاًّ كاملاً، وهو تبيان الحدود بيننا وبينهم، والتي تم ترسيمها في العام 1923 وتم تأكيدها في اتفاقيّة الهدنة».
أضاف «نحنُ نريدُ استعادة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وهي لبنانيّة، وأنّ تتوقف إسرائيل عن خروقها الجويّة والبحريّة والبريّة».
وتابَع «نحن مستعدّون لبدء التفاوض غير المباشر، ولكن لا يُمكن التوقيع على أيّ اتفاقيّة قبل انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة وفي الانتظار بإمكاننا التفاوض للوصول إلى اتفاقيّة من خلال تفاوض غير مباشر شبيهة باتفاقيّة الترسيم البحريّ التي حصلت. نحنُ نودُّ إظهار الحدود وهذا ما طلبناه من الجميع، وأنا طالبت بذلك خلال وجودي في نيويورك حيث التقيت الأمين العام للأمم المتحدة و13 وزير خارجيّة آخر وذكرت ذلك في كلمتي التي ألقيتها في جلسة مجلس الأمن ولاقت ترحيباً من الجميع».
وقال ردّاً على سؤال «نحن وحزب الله في حوار دائم وهو قال أكثر من مرّة أنّ الدولة هي التي تفاوض وليس هو، ونحن على تواصل دائم معهم».