ماذا بعد التصعيد الأميركي؟
رنا العفيف
ماذا عن البدء بتنفيذ التهديدات الأميركية بالردّ على الهجوم الذي استهدف القواعد الأميركية وقتل وجرح العشرات قرب مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية، كيف سيكون الردّ على المستوى الميداني في المنطقة وسط الحديث عن اتفاق خرج بصيغة ما من باريس؟
طبعاً تتصاعد التطورات الإقليمية والدولية المرتبطة بالعدوان على غزة، بالتوازي مع إمكانية التوصل إلى اتفاق قد يوقف القتال في قطاع غزة، وما بينهما التهديد الأميركي المتصاعد، فيما أتى كلام واضح من إيران وعلى لسان الجنرال سلامة بأنّ أيّ هجوم أو اعتداء لن يبقى من دون ردّ…
انطلاقاً من هذه الجزئية السياسية نرى بأنّ القائد العام للحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامة يخاطب الولايات المتحدة من مغبة الحماقة في حال ترجمت التهديدات إلى أفعال، فستكون هناك عواقب وخيمة قد لا تحمد عقباها في ظل توتر المنطقة وما حولها في خضمّ الموقف الإيراني الحاسم، ومع ما تم الإعلان عنه من كتائب حزب الله في العراق تعليقاً على العمليات العسكرية ضدّ القوات الأميركية وتحديداً بعد الحديث عن وساطات قامت بها الحكومة العراقية ورئيسها في محاولة للتهدئة لمنع انجرار المنطقة إلى حافة الهاوية، أيّ إلى الحرب، لطالما جبهات الإسناد على أهبة الاستعداد لأيّ احتمال عسكري أميركي قد يشعل المنطقة برمتها، خاصة تلك الجبهة التي تستعر في البحر الأحمر بمواصلة اليمنيين استهدافهم للبوارج العسكرية الأميركية ومنع السفن وإلى ما هنالك من أهداف تدكّ الإسرائيلي في العمق الاستراتيجي، وكذا المقاومة في لبنان التي تلتهم المواقع الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية الفلسطينية…
إذاً هناك عوامل سياسية وعسكرية منها استراتيجية ومنها جيو سياسية تجعل من الولايات المتحدة في حال نفذت تهديدها ستتوسع رقعة الصراع أو النزاع وكلاهما لا يريد التصعيد، ولكن إذا فرضت، فستكون الولايات المتحدة في موقف حدّث ولا حرج، لذلك من غير المتوقع أن تتورّط واشنطن في حرب وهي مقبلة على عامها الإنتخابي، وهي ليس بمقدورها أن تتحمّل حرباً كبرى ومربكة لها بالمعنى المفهوم سياسياً وعسكرياً، وبالتالي ما تستطيع ربما فعله بالحدّ الأدنى كي لا تظهر بمظهر الضعيف والهزيل هو إطلاق فقاعات صوتية يشعرها بفعل شيء ما لحفظ ماء الوجه! وأيّ شيء ستفعله سيكون ضعيفاً ليس له قيمة في ظلّ سياق السباق الإنتخابي الذي يؤثر سلباً على أداء البيت الأبيض وعلى الرئيس الأميركي جو بايدن نفسه، الذي أكد أنه لا يريد اتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط، فسيكون أمام معادلة تسقط أو تطيح من تحقيق توازن أيّ هدف غير دقيق ومحسوب له في عملية الردّ او الضربة، لأنّ أيّ رهان يواجه به إيران ستكون له تداعيات كبيرة وخطيرة، وقد تؤثر سلباً على التفاعلات السياسية المرتبطة بشكل دقيق في مسار الاتفاق، وإنْ كان يملك أوراقاً، عليه أن يحسب لهذه المرحلة الحساسة، وإلا سنرى مواجهة واسعة قد تذهب من خلالها إلى مسارات أخرى ما دون المواجهة في غزة.
خاصة أنّ المقاومة برمتها تستحوذ على أوراق قوة ملتحمة قوتها بقوة الميدان وعلى الجميع أن يدرك مطولاً بأنّ من يدير الساحة في هذه الحرب هي المقاومة لتكمن الأسرار العسكرية في مجمع العناصر الذهبية التي بحوزة المقاومة الفلسطينية وجبهات المساندة، وهذا كله يأخذ طابعا جيدا في إطار تحقيق الإنجاز المرجو إليه ليكرّس في ما بعد مفاعيله وسط أي ضربة تطال إيران أو غيرها ما لم يكن هناك عملية تفكيك لأيّ تحرك أميركي،
وإذا آرادت الولايات التحرك كنوع من التعويض، فستتحرك ضمن دائرة سياسة العقوبات على بعض الشخصيات والأسماء الكبيرة في المقاومة، وبالتالي التحذيرات كثيرة من عواقب المواجهة وعلى وجه الخصوص إيران بالإضافة إلى أطراف أخرى دولية حيال استمرار المعارك في غزة، لذلك على واشنطن أخذ التحذيرات بعين الاعتبار، لأنّ في ذلك ستتوسع دائرة الاشتباك والمواجهة في أكثر من نقطة على مستوى المنطقة أي من العراق إلى سورية إلى لبنان واليمن، وهذا نتاج ما اقترفت الأيدي الطولى أميركياً وغربياً في استمرار دعم إسرائيل في ارتكاب المجازر والقتل والإجرام…!