العدو يواصل الإبادة الجماعية أين قرارات محكمة العدل الدولية؟
عمر عبد القادر غندور*
دخلت يوم السبت الماضي حرب الإبادة على قطاع غزة خاصة، وعلى الفلسطينيين عامة يومها العاشر بعد المئة بوتيرة عالية تحصد 150 طفلاً وامرأة في اليوم الواحد منذ قرار الإدانة الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في لاهاي، ولا نتوهّم للحظة واحدة أننا نعيش في زمن تحكمه الإنسانية والعدالة والقانون، بل في عالم تحكمه المصالح وهي وحدها التي تستبيح ما حرم الله ونهى عنه «وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (١١٨) ال عمران»
وعشية اليوم العالمي لما يسمّى «محرقة الهولوكوست» جاء قرار المحكمة الدولية ليكشف حقيقة دولة الاحتلال الصهيوني ويجعل شعوب الدول التي تؤيدها وتوفر لها القوة وسبل الحياة، تخرج عن صمتها وتتحدى قادتها وترفع صور أشلاء الأطفال في غزة وغير غزة وتلوح بالإعلام الفلسطينية في واشنطن ونيويورك ودالاس وفي غيرها رفضا لتعدّد المقاييس.
ومع ذلك تواصل الفصائل الفلسطينية المقاومة والإمساك بالمبادرة والفعل وردّ الفعل ولا نتوهّم انّ الدول «العميقة» يمكن ان تتخذ قرارات وفق القوانين والأنظمة والعدالة وان تتخلى الولايات المتحدة عن انحيازها وكذلك الدول التابعة لها!
والغريب، لا بل المطمئن، ان يتصوّر الصهاينة انهم حققوا نصراً مظفراً أمام محكمة العدل الدولية بعد إصدارها حكماً مؤقتاً لم ينص على الطلب من «إسرائيل» على وقف القتال، والتلميح الى جريمة الإبادة الجماعية وهو موضوعنا اليوم :
لا بدّ من تسمية الأشياء بأسمائها ونقول انّ حكومات الدول العربية المعنية قبل غيرها بقيام دولة الاحتلال على خاصرتها منذ العام 1948 والمخزي ان يقلل ممثل دولة «عربية» ويقول أمام ممثل دولة أجنبية فاعلة انّ لغتنا العربية لم تكن مؤثرة في شرح موضوع قيام «إسرائيل» وقد جهل او تجاهل هذا «الجاهل» انّ لغتنا العربية هي من ضمن اللغات الرسمية الستّ المعتمدة في محكمة العدل الدولية.
وعندما ادّعى كيان الاحتلال تعقيباً على صدور مقررات محكمة العدل الدولية الأخيرة انّ المحكمة لم تصدر قراراً بوقف إطلاق النار فهذا امر موضوعي لأنّ المحكمة الدولية هي في صلب مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وهو وحده الذي يصدر مثل هذه القرارات الملزمة، في حين انّ قرار المحكمة هو قبول الدعوى من دولة جنوب أفريقيا، والطلب من دولة الاحتلال تحقيق وإتمام خطوات محدّدة طلبتها من «إسرائيل» في غضون شهر ومن أبرزها احترام الكرامة الإنسانية لسكان غزة وعدم تعريض حياتهم للخطر، وشدّدت على ضرورة ان تتخذ «إسرائيل» كلّ ما بوسعها لمنع الأعمال التي تضمّنتها المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في ما يتعلق بالفلسطينيين في غزة يشمل ذلك على وجه الخصوص الأعمال المتعلقة بقتل أعضاء من جماعة أو إلحاق أذى جسدي او نفسي خطير بهم، أو إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يُراد منها تدميرها كلياً أو جزئياً وقالت رئيسة المحكمة جون دوناهيو في الجلسة: على «إسرائيل» ضمان عدم قيام قواتها بأيّ من تلك الأعمال المذكورة وان تتخذ إجراءات لمنع ومعاقبة المشاركة في التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية في ما يتعلق بالفلسطينيين وتمكينهم من توفير الخدمات الأساسية والمساعدات ومنع إتلاف الأدلة المتعلقة بالادّعاءات.
ونوّه الأمين العام أنطونيو غوتيرش بأنّ قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة بموجب ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي للمحكمة. كما دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان «إسرائيل» لتطبيق أوامر محكمة العدل الدولية بشكل كامل في ما يتعلق باتفاقية منع الإبادة الجماعية. وتعتبر القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية ملزمة قانونياً ولا يمكن الطعن فيها.
ومنذ 29 كانون الأول 2023 الماضي تاريخ صدور قرار محكمة العدل الدولية تواصلت الإبادة في غزة أكثر من السابق وبلغ عدد الشهداء منذ ذاك التاريخ 800 شهيد وما زالت الجرائم متواصلة بتأكيد الحكومة المتطرفة.
وحسبنا قول الله تعالى: «وَلَا تَحسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعامَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُما لِيَوم تَشخَصُ فِيهِ الأَبصَارُ (٤٢) ابراهيم .
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي