دبوس
المأزق الاستراتيجي القاتل
أكثر ما يطيح بالشعور بالأمان ويبدّد جذوة استمرار المشروع الصهيوني هو الإبقاء على حالة التداخل السكاني على رقعة الأرض الفلسطينية، والحفاظ على التفوّق الديموغرافي، في الضفة الغربية وفي المناطق التي سيطر عليها العدو سنة 1948 هنالك تداخل سكاني، ولن يلبث التقدّم الديموغرافي الذي أحرز بالرغم من الهجرات اليهودية إلى الداخل، لن يلبث ان يتفاقم ويصبح هاجساً مرعباً بالنسبة للأقلية اليهودية على مساحة الأرض الفلسطينية…
إنّ مجرّد الصمود في المواقع، والتشبّث بها، والإبقاء على تداخلنا مع هذا العدو ديموغرافياً على الأرض، والمحافظة على تفوقنا في التكاثر، هو إلغاء تدريجي لوجود هذا العدو وللنقاء العرق ـ ديني الذي يريد ان يصبغ كيانه البائد به، وهو إبطال حتمي لهذا المشروع المزري.
كيفما قلّب المراقب المحايد الأمور، وكيفما أمعن النظر في الاحتمالات، فإنّ زوال هذا الكيان هو أمر حتمي، فإنْ رجّحت كفة الصراع الدموي المباشر، والذي يسلك طريق حرب المقاومة في كلّ مكان وعلى صعيد جبهات متعددة، وما يواكب ذلك من إلحاق الخسائر البشرية المتواصل بهذه الكتلة البشرية المدججة بكلّ أنواع القوة، باستثناء القوة المعنوية الروحية، فإنّ المآل الحتمي هو الزوال السريع لهذا الوجود، والذي تكبّد خسائر ديموغرافية مذهلة في أول شهر من القتال في معركة طوفان الاقصى.
وإنْ رجّحت كفة الصراع الوئيد الصامت البطيء، فهم في حالة هزيمة بائنة منذ الآن، فالوضع الديموغرافي على مساحة فلسطين المحتلة، هو منذ الآن لمصلحتنا، وهو بالتأكيد كذلك، وأكثر تفاقماً، وبعد مرور بضع من السنين، فإنّ الاختلال في الموازين الديموغرافية سيكون فادحاً لمصلحتنا، ولذلك فإنك ترى غلاة اليمين المتطرف من أمثال سموتريتش وبن غفير بدأوا يولولون بضرورة إنهاء الوجود الفلسطيني العربي على مساحة الوطن المحتلّ، لقد أوضعوا أنفسهم في مأزق استراتيجي مريع، لن يسفر دائماً وفي كلّ الاحتمالات، وكيفما قلّبته، إلّا إلى زوال هذا الكيان المصطنع.
سميح التايه