هل يتوسع شعاع الحرب…؟
رنا العفيف
تريد الولايات المتحدة الأميركية فرض عقيدة بايدن في المنطقة عبر شنّ هجمات وحشية على سورية والعراق، وهي لا تقل همجية عما يمارسه الكيان الإسرائيلي الطفيلي على الفلسطينيين والغزاويين من خلال رسائل النار، فما المكاسب التي حققتها واشنطن بشن هجمات نارية على سورية والعراق؟
عدوان أميركي جديد ومتكرر على العراق وسورية في خضم حرب الإبادة الصهيونية على فلسطين المحتلة وقطاع غزة، لتظهر واشنطن بأقبح صورة بمختلف أشكالها وهي ترمي حممها على المقاومة التي تقاتل الاحتلال الأميركي دفاعاً عن قدسية وسيادة وحرمة أراضيها، ما يبدو بأن المشهد الحقيقي واضح بأن تقحم اميركا بنفسها إلى جانب ربيبتها «إسرائيل» في هذه المواجهة بشكل علني ووقح.
وهذا يعكس جانبا من الحقيقة السياسية التي تؤكد للعيان بأن الولايات المتحدة و»إسرائيل» ومن يقف معهما شركاء في سفك الدماء الفلسطينية على مرأى العالم العربي وبغطاء دولي لتصفية القضية، مع التعليق والإشارة إلى بيان البيت الأبيض وتصريح بايدن بقوله نحن لا نريد الحرب ولا نريد أن تتوسع رقعة الصراع! ولكن هذا العدوان يظهر قباحة الوجه الأميركي والغربي في دعمهم لـ «إسرائيل» في عدوانهم المستمر على غزة، كما يعكس أيضاً مدى التخبّط السياسي الأميركي بإيصاله رسائل نارية لمحور المقاومة التي تؤكد غليان الشرق الأوسط وتكشف المراوغة والتضليل والتدليس والكذب والخيانة الأميركية بعدم رغبتها بتوسيع الصراع في منطقة الشرق الأوسط،
وبالتالي لهذه المغامرة عواقب خطيرة نتيجة الأخطاء السياسية والاستراتيجية للولايات المتحدة، لما في ذلك من تهديد لأمن المنطقة برمتها، وذلك استناداً لما أكدته طهران وحزب الله وفصائل المقاومة بكل صنوفها وأشكالها بأن حتماً سيكون الرد على العدوان له عواقب وخيمة وارتدادات ضمن إطار طوفان الأقصى، والطوفان آتٍ بعد هذا العدوان السافر وقد يجتاح منطقة الشرق الأوسط، وستكون له أشكال عدة لطالما أميركا اتخذت قرار شن ضرباتها الوحشية على كل من ينصر المظلومين ويقف إلى جانب الحق، وما يحصل من اعتداءات إسرائيلية واميركية متكررة على سورية هو استكمال لما يجري في غزة للقضاء على عماد الأمة العربية وما تمثله سورية في معركة وحدة المصير التي تخوضها لدرء الخطر والأطماع عن الأمة العربية في ظل غياب العرب، لأنّ تماسك سورية ومحور المقاومة يرعب الاستعمار والصهيونية، لذلك فهي دائماً هدف لضربها بكل ما للاستعمار من ألاعيب وخدع وبطش.
على اعتبار واشنطن التي تتلعثم بالحديث عن الردع في مواجهة إيران أو الردع لأطراف محور المقاومة في المنطقة، إذ واضح تماماً بأن ما من مؤشرات لتحقيق أي نجاح في ردع إيران أو محور المقاومة من خلال عمليات المقاومة ضد قواعد الاحتلال الأميركي في سورية والعراق،
وبالتالي ما يجب أن تأخذه الولايات في حسابات السياسة الدقيقة هو أن بايدن الذي يتعرّض للانتقادات دخل عامه الانتخابي دون أن يحقق شيئاً من الأهداف حتى على مستوى الضربات أو التصعيد، لذلك فإنّ سياسة الاستعراض لا تجدي نفعاً مع بايدن وإدراته أو عصابته في المنطقة حيال الرسائل السياسية التي يعتقد ويزعم بعضهم أن لها دورا كبيرا بما يحاولون تحقيقه، أي تحاول واشنطن وحلفاؤها توجيه رسائل سياسية بعد العدوان الأميركي على العراق وسورية عبر تنفيذ هجمات وظهرت ردود فعل من المقاومة بشكل مباشر باستهداف القواعد الأميركية في التنف في حقل كونيكو وحقل العمر في سورية.
ما يشي بأن هذا سيؤثر على المفاوضات لطالما قبل العدوان كان هناك تحرك باتجاه هذا الأمر لرسم إطار جدولة للإنسحاب، وكان الطلب الأميركي أن توقف فصائل المقاومة عملياتها العسكرية ضد القواعد الأميركية على الأراضي العراقية كشرط للدخول إلى المفاوضات، ولكن قوبل هذا الأمر بالرفض، وأبلغت فصائل المقاومة ذلك عن طريق أحد زعماء السياسة عن طريق السفيرة الأميركية ورضخت واشنطن وسفيرتها لهذا الطلب، ومن ثم كان الشرط الوحيد لفصائل المقاومة بأن لا إيقاف للعمليات العسكرية ما لم تتوقف حرب الإبادة الجماعية في غزة،
وفي ما يتعلق بالشق السياسي في بيان واشنطن حول التنسيق قبل العدوان مع الحكومة العراقية التي نفت ذلك، يتبيّن أنّ الولايات تحاول زرع بث الفتنة من جديد لخلط الأوراق بين فصائل المقاومة وبين القوات الأمنية وبين الحكومة العراقية، وبذلك يكون البيان الأميركي سقط أخلاقياً ومنهجياً للمرة المليون في محاولة تضليل الحقائق للرأي العام الدولي والعراقي، لأنّ ما تم استهدافه في حقيقة الأمر هو مقر عسكري للقوات الأمنية العراقية وكان واضحا في البيان على أنّ ما تمّ استهدافه هو مقرات تابعة للحشد الشعبي في محافظة الأنبار وليس كما تدّعي واشنطن أنّ ما تمّ استهدافه مقار لفيلق القدس تابع للحرس الثوري الإيراني،
وبالتالي تكون واشنطن تمهّد لأمر ما للضغط على الحكومة العراقية وما نتج عنها من ردود فعل سياسية وعسكرية، قد يغيّر قواعد الاشتباك خلال الفترة المقبلة وتحديداً في ما يخص موقف فصائل المقاومة وما يليه من نوعية وطبيعة الموقع أو الاستهداف، بمعنى آخر من وجهة النظر العسكرية قد تلجأ المقاومة العراقية إلى أساليب جديدة ومتنوعة ومختلفة ومتطورة لإتخاذ قرار في هذا الإتجاه فيما إذا كان هناك مراجعة لقواعد الإشتباك، من هنا قد يتوسع شعاع الحرب لما فيها من خطر جسيم يحدق بأمن المنطقة بالتوزاي أيضاً إلى الدور السوري في ما يجري وسط طبيعة المعركة الحاصلة، وهنا سيكون الوضع مختلفاً لأنّ جزءاً من هذه المعركة متعلق في الجغرافية السورية، وكانت سورية بطبيعة الحال منخرطة في فك الحصار عن دير الزور والوصول إلى نقطة التقاء الحدود السورية العراقية وربما هذا العدوان قد يكون مرتبطا بالمشروع القديم الذي سمعنا عنه قبل أشهر وقبل طوفان الأقصى،
أيّ الهدف من هذا العدوان هو نقل القوات الأميركية للسيطرة على الحدود السورية العراقية وقطع التواصل بينهما لمآرب شيطانية بمساعدة ومشاركة دول الجوار، وبالتالي هذا ليس بالأمر السهل وسيؤدّي إلى عاصفة الحزم العسكري في المواجهة المقبلة وقد نشهد تسخيناً على مستوى جبهات الإسناد على خلفية المتغيّرات الجديدة التي ستطرأ على الساحة…