الخديعة الأميركية بحلّ الدولتين وحقيقة الدور الإيراني في المنطقة
د. عدنان نجيب الدين
توصلت المحادثات التي جرت في العام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية التي كان يرأسها الزعيم الراحل ياسر عرفات والكيان الصهيوني برعاية الولايات المتحدة الأميركية الى عقد اتفاقية أوسلو التي نصت على الاعتراف المتبادل بين «دولة إسرائيل» ومنظمة التحرير الفلسطينية لتكون هذه الأخيرة سلطة حكم ذاتي معترف بها على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. وكان من بين بنودها التزام منظمة التحرير بالتخلي عن المقاومة التي عُبًر عنها بـ «الإرهاب»، وان الأمن الخارجي في منطقة الحكم الذاتي من مسؤولية الجيش «الإسرائيلي» باعتبار أن سلطة الحكم الذاتي لا تملك جيشاً للدفاع عن شعبها. وأن الوضع النهائي للقدس والضفة والقطاع سيحدد بعد مرور خمس سنوات من تاريخ توقيع الاتفاقية.
واللافت في الأمر أن الكيان الصهيوني رفض اعتبار السلطة الفلسطينية سلطة وطنية، أي أنها فقط سلطة تقوم على جزء من الأراضي الفلسطينية لإدارة شؤون سكانها، وأصرّ على رفض إدراج عبارة «السلطة الوطنية الفلسطينية». وجرى توقيع اتفاق أوسلو بهذه الصيغة الخبيثة لكي لا تقوم دولة فلسطينية وإن كانت منقوصة الأرض ومنقوصة السيادة.
وكانت موافقة السلطة الفلسطينية على هذا الأمر إيذاناً بأن الفلسطينيين قد أُخذوا الى حيث لا يريدون، وأنهم في الحدّ الأدنى قد خدعوا من قبل العدو الذي تقف أميركا خلفه في المراوغة والخداع. ولم يلتزم العدو بفترة السنوات الخمس التي نص عليها الاتفاق لقيام تلك الدويلة، بل راح يبني المستعمرات داخل أراضي الضفة الغربية واحدة تلو الاخرى، إلى أن بلغ عدد المستوطنين في الضفة ما يعادل ثلث سكانها من الفلسطينيين والرقم مرشح للازدياد.. جرى كل ذلك وما زال يجري بالرغم من رفض السلطة الفلسطينية وبالرغم من تصريحات الأميركيين وباقي دول العالم بأن هذه المستوطنات تقوّض حل الدولتين. لكن الولايات المتحدة الضامنة لهذا الحل تصرح بشيء وتفعل شيئا آخر، أي أنها تدعم سياسة الكيان الصهيوني من خلال المساعدات العسكرية وغير العسكرية، وكذلك من خلال الدبلوماسية ولا سيما في مجلس الأمن الذي استعملت فيه أميركا حق الفيتو عشرات المرات لمنع إدانة كيان العدو وتبرير أفعاله العدوانية التوسعية.
وللأسف الشديد، ترى الأنظمة العربية كل ما يجري ولا تحرك ساكنا أو تتخذ إجراء يلزم العدو بتطبيق الاتفاقيات معه وبتنفبذ قرارات الأمم المتحدة التي من بينها قرار ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ارضهم، بل راحت تكتفي بالتصريحات المعارضة وبيانات تصدر عن مؤتمرات القمم العربية تأييدا لمبادرة الزعماء العرب المعروفة «الارض مقابل السلام». ولا يمكن تفسير تخاذل الأنظمة إلا بواقع ارتهانها لأميركا والغرب حفاظا على كراسي الحكم مما يجعلها شريكة ومتواطئة مع الصهاينة وداعميهم أي أميركا والغرب عموما.
ونظرا لأن العدو الصهيوني ليس مجرد غاصب لوطن الفلسطينيين، بل هو مجرم وسفاح يمارس اعتداءاته الوحشية عليهم من خلال المداهمات والاعتقالات وقتل أو زجّ أي فلسطيني يرفع صوته مطالبا بحقوقه او يتصدى للمستوطنين الذين جاؤوا لمصادرة املاكه وطرده من دياره، وذهب العدو في وحشيته إلى أبعد الحدود فكان وما زال يهدم بيوت المواطنين الفلسطينيين على رؤوسهم ويعتقل الرجال والنساء والشيوخ وحتى الأطفال ويتعامل مع المعتقلين بقسوة شديدة وبلا أدنى رحمة، وما نشهده اليوم في حربه على غزة وأهلها بعد عملية «طوفان الأقصى» المحقة التي هدفت الى تحرير الأسرى وفك الحصار عن غزة ووقف التعديات على المسجد الأقصى، يمثل قمة الإجرام الصهيوني الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية.
وكانت قد حصلت الانتفاضة الأولى عام 1987 وسُمّيت وقتها انتفاضة أطفال الحجارة، لأنّ المقاومين لم يكونوا يملكون غير الحجارة كسلاح يقذفونه في وجه الصهاينة المحتلين. وتلتها انتفاضات أخرى وعمليات مقاومة شجاعة حتى وصل المقاومون إلى تنظيم انفسهم في أطر جديدة، فنشأت حركة المقاومة الإسلامية حماس – كتائب القسام، وحركة الجهاد الإسلامي – سرايا القدس، إلى جانب بقية التنظيمات الأخرى كالجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية وغيرهما. ومعروف أن الشعوب العربية كانت وما زالت في معظمها مقموعة ومضطهدة من جانب بعض الأنظمة الحاكمة، أو متروكة هي وممتلكاتها لقمة سائغة للعدو الصهيوني يعتدي عليها متى شاء ويرتكب المجازر بحقها من قبل نشوء أي مقاومة كما كانت الحال مع أهالي جنوب لبنان، فكان لا بدّ لأيّ شعب يُعتدى عليه من ان يتصدى لكل غاز ومحتل. ففي لبنان، أنشأ الإمام موسى الصدر أفواج المقاومة اللبنانية لوقف الاعتداءات الصهيونية على الجنوب اللبناني، مستبقاً ومستشرفاً الاجتياح «الإسرائيلي» للبنان عام 1982 فقاتلته وقاتلت الى جانبها حركة المقاومة الوطنية المشكلة من الأحزاب الوطنية والقومية في لبنان، تلا ذلك نشوء المقاومة الإسلامية في لبنان كرد فعل على الاحتلال فكان لها الدور الاكبر في تحرير الجنوب من الاحتلال الصهيوني.
كذلك، وبعدما غزا التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية العراق عام 2003، نشأت المقاومة العراقية بمختلف فصائلها للتصدي لهذا الغزو والاحتلال وصولا الى اخراج القوات الغازية التي ما لبثت أن عادت بصفة جديدة عنوانها مساعدة العراق على التصدي للإرهاب الداعشي الذي خلقته أميركا ودول الغرب بنفسها ليكون الخنجر المسموم في ظهر المقاومات العربية من خلال «ثورات» مشبوهة مارست القتل والتدمير والتهجير في الدول المناهضة للاحتلال الصهيوني تحت عنوان الربيع العربي.
اما المقاومة اليمنية فقد لعبت دورها المميّز وما زالت في مواجهة التحالف العربي الغربي ضد اليمن.
وكما ان للكيان الصهيوني حلفاء هم دول الغرب على رأسها الولايات المتحدة الأميركية، كان على هذه المقاومات ان تجد لها حلفاء يدعمونها في مشروعها التحريري الهادف الى تخليص المنطقة من الوجود الأميركي العدواني ومن شرور الكيان الصهيوني الغاصب وخططه التوسعية والإجرامية المتمثلة ليس فقط باحتلاله لفلسطين ولكن بأطماعه في الدول المجاورة لفلسطين وربما أبعد منها اي الى حيث يستطيع ان يرسل جيوشه او يمد نفوذه لنهب ثروات المنطقة. وللأسف لم تجد حركات المقاومة هذه أي دعم من الدول العربية باستثناء سورية التي أشعل فيها الغرب حرباً تدميرية عقاباً لها على دعمها للمقاومة.
الحليف القوي والصادق…
ولحسن حظ المقاومات العربية انها وجدت لها حليفاً قوياً آخر مقتدرا وموثوقا هو الجمهورية الإسلامية في إيران التي أخذت على عاتقها منذ قيامها دعم أي مقاومة للوجود الصهيوني الأميركي في المنطقة، لأن الكيان الصهيوني هو كيان غاصب لفلسطين التي فيها مقدسات المسلمين والمســيحيين وقائم على أسس غير شرعية، وهو المسؤول عن تهجير شعب بأكمله من أرضه ظلما وعدوانا، كما أنه كيان عنصري توسعي لا يقف عند حد معــين بل يريد الهيمنة على كل المنطقة وسرقة خيراتها، وقد نص دستور الجمهورية الإسلامية في إيران على هذه المبادئ، ولذلك جرى طرد السفير الصهيوني وإغلاق سفارته في طهران وفتحت بدلا منها سفارة لفلسطين.
وجرى التفاهم مع إيران على أن تدعم أي مقاومة لتحرير وطنها والدفاع عنه ضد أي احتلال أو عدوان. وكون إيران دولة فهي لا تستطيع قانونا ان تهاجم «دولة إسرائيل» التي لها، «وللأسف» حصانة أممية، فكان لا بد من دعم المقاومة الفلسطينية لكي تدافع عن فلسطين لتحريرها من الصهاينة المحتلين، وهذا ما حصل أيضا في دعم إيران المقاومة اللبنانية لكي تدافع عن وطنها لبنان لتحريره من الاحتلال الصهيوني، وقد نجح المقاومون اللبنانيون بتحرير معظم أراضي الجنوب استنادا إلى هذا الدعم الإيراني، كما استطاعت المقاومة الإسلامية في لبنان بالتكامل مع الجيش اللبناني البطل في تحرير السلسلة الشرقية من سيطرة العصابات التكفيرية التي كانت تسعى لإقامة إمارة لها في لبنان، وقتل أو تهجير كل من لا ينضوي تحت رأيتها.
كذلك فعل العراقيون الذين استطاعوا من خلال مقاومتهم المدعومة من إيران طرد المحتل الأميركي وضرب الحركة الارهابية المتمثلة بداعش.
اما اليمنيون فقد حصلوا على هذا الدعم نفسه للتصدي للتحالف الذي اعتدى على اليمن طيلة السنوات الماضية لكنهم اليوم يلعبون دورا مميزا إلى جانب بقية المقاومات في ضرب أهداف صهيونية داخل فلسطين وفي باب المندب مساندة للشعب الفلسطيني المظلوم لتحرير أرضه من الاحتلال الصهيوني.
المؤسف أن البعض لا يرى في حركات المقاومة إلا أنها أذرع إيرانية لكي لا يعترف بتقصيره وخذلانه لشعبه وتقاعسه عن مقاومة احتلال الأعداء لبلده، وينسى أن كل حركات المقاومة عبر التاريخ كانت توصم بالإرهاب من قبل المحتلين، من المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي إلى مقاومة شعوب فيتنام وكوريا و الجزائر إلخ… كل هذه المقاومات تلقت دعماً خارجياً نظراً لالتقاء المصالح والأهداف بينها وبين القوى التي تشاركها المبادئ نفسها والأهداف ذاتها. وما ميّز الدعم الإيراني لهذه المقاومات انه كان عطاء دون مقابل، فهي لا تتدخل في الشؤون الداخلية لهذه البلدان على عكس التدخلات الأميركية في كل صغيرة وكبيرة كما يحصل عندنا في لبنان. وربما يسخر البعض من هذا القول، فنعطيه الدليل: ماذا استفادت إيران من دعمها المقــاومة الإسلامية في لبنان؟ وهل تتدخل عندنا في الانتخابات النيابــية او تشكيل الحكومات او تعيين حاكم البنك المركزي او مدراء عاميــن او موظفين في الإدارات الرسمية؟ او هل تملك نفوذا في المصارف او في سائر القطاعلت الاقتصادية أو الأمنية الرسمية أو في الكارتيلات والوكالات الحصرية كما هي الحال مع أميركا والدول الغربية؟ ثم أليست الأرض التي حررتها المقاومة واعادت اليها أهلها الذين هجرهم العدو منها أرضا لبنانية؟ وماذا عما تبقى من ارض لبنانية محتلة أليست المقاومة هي التي تتحمّل عبء تحريرها فيما خصوم المقاومة عنها متقاعسون؟
وهنا ننوّه بأن الدعم الإيراني للمقاومات العربية كان نتيجة تقصير أنظمة الحكم العربية وحاجة هذه المقاومات لداعم وظهير. ولم تبخل إيران في تقديم هذا الدعم الذي لم يكن فقط سياسياً بل كان دعماً بالسلاح والتدريب والتمويل، كما كان من خلال توفير الإمكانيات التقنية لتصنع كل حركة مقاومة السلاح بنفسها وهذا نشهده في كل الساحات.وكل حركة مقاومة تؤدي واجبها في معركة التحرير والدفاع عن بلدها وشعبها ضمن الظروف والأطر التي تجدها مناسبة، فهي تملك عقولا وأدمغة علمية تغنيها عن ان تطلب المشورة من إيران في كل شيء. ولا تنتظر أوامر من الخارج كما ينظّر بعض السياسيين أو بعض الإعلاميين الذين اعتادوا على تلقي التعليمات من مشغليهم في الخارج. ولا نغفل هنا أن التنسيق الاستراتيجي بين حركات المقاومة والجمهورية الإسلامية في إيران قائم بما يخدم انتصار هذه الحركات على العدو الصهيوني لإضعافه وإخراجه من الأراضي المحتلة. وكذلك لإفهام الأميركي الداعم الأول للاحتلال الصهيوني بضرورة احترام إرادة الشعوب وعدم فرض وجوده وسياساته على دول المنطقة. وفضلا عن دعمها المقاومة في لبنان، لا ننسى أن إيران عرضت على الدولة اللبنانية تسليح الجيش اللبناني وإنشاء محطات كهرباء ومشاريع تنموية أخرى لكنها رفضت بضغط من الولايات المتحدة الأميركية، فعن أي احتلال إيراني يتحدث البعض ممن لهم ارتباط بالمشاريع الأميركية التي دمرت لبنان ماليا واقتصاديا وهجرت منه مئات الآلاف وفرضت علينا النازحين السوريين من خلال تمويلهم بشرط بقائهم في لبنان ومنعهم من العودة إلى بلادهم.
إذاً، ليس المطلوب بالنسبة إلى هذه المقاومات أن تأتي إيران بجيوشها لتحارب نيابة عنها، بل يجب أن يكون فضل تحرير الأوطان من الأعداء المحتلين وتكون القدرة على إنجاز النصر أمراً تحققه قوى المقاومة بنفسها، ونحن في لبنان حققنا نصرنا بتحرير أرضنا من المحتل الصهيوني بتضحيات ابطالنا المقاومين الذي استشهد منهم او جرح او اعتقل الآلاف دفاعاً عن لبنان وليس دفاعاً عن إيران التي يعود لها الفضل في دعمها لمقاومتنا، في مقابل دعم أميركا والغرب للكيان الصهيوني.
استراتيجية المبادئ والأخلاق
وكما ذكرنا، عانت الجمهورية الإسلامية من الحصار الأميركي الغربي لها وتحمّلت تبعات دعمها لحركات المقاومة ودفعت أثماناً اقتصادية باهظة بفعل العقوبات التي فرضت عليها. وللأسف الشديد، ان بعض القوى السياسية اللبنانية فضلا عن انها لم يكن لها شرف المساهمة في المقاومة لتحرير الأرض اللبنانية، نراها تتحامل على المقاومة وتتماهى مع العدو الصهيوني في رغبته التخلص من المقاومة وإنهاء وجودها لكي يصبح لبنان مكشوفاً أمام العدو الصهيوني، فيعمل على تشويه سمعتها والادّعاء بأنها ذراع إيرانية، لكنه في الواقع يجعل الأحرار في بلدنا يؤشرون اليه بالبنان بانه المتخــاذل عن نصرة اهله ووطنه وانه يخدم العدو بهذه التصريحات او الأفعال، ولن يستطيع المسّ بمكانتها الشامخة فوق كلّ من لم يكن له شرف الانخراط في مقاومة المحتل الصهيوني.
اما ما يدّعيه البعض نقلا عن أحدهم ان إيران تسيطر على اربع عواصم عربية فهذا بعيد كلّ البعد عن الواقع، لانّ القيادة الاسلامية في إيران تأبى مثل هذه الأقوال والادّعاءات لأن هذا كذب وافتراء.. وحركات المقاومة تعلم أنها حرة في ممارسة نشاطاتها ولا تعمل كما يقال بـ (الريموت كنترول) وليقل لنا هؤلاء المدَّعون ماذا جنت إيران من دعمها للفلسطينيين أو اللبنانيين، غير الحصار وفرض العقوبات عليها؟ اما الادّعاء بأنها تساند حركات المقاومة من أجل تقوية موقفها في الملف النووي، فهذا ادّعاء اقلّ ما يقال فيه انه فارغ وغبي. فالغرب بنشر دعاية أنّ إيران تريد إنتاج قنبلة نووية، ولو أرادت إنتاج هذا السلاح لفعلت منذ عشر سنوات، ولكن هي تعلم أن السلاح النووي لا يمكن استخدامه في فلسطين ضد الكيان الغاصب لأنه سييبد كل سكان المنطقة. فالمطلوب هو تحرير فلسطين وقيام دولة فلسطينية ديموقراطية مستقلة وعودة الصهاينة الى البلدان التي اتوا منها وليس شنّ حرب إبادة جماعية. لذلك ركزت في صناعاتها الحربية على الصواريخ البالستية والدقيقة والسفن الحربية وخلافها، ومن يفهم السياسة الإيرانية الاستراتيجية المبنية على المبادئ والأخلاق يمكنه فهم جوهر الدعم الإيراني لحركات المقاومة. صحيح أنّ إيران مثلها مثل بقية الدول لها مصالح اقتصادية وامنية وهذه المصالح تفرض عليها إقامة افضل العلاقات مع دول الجوار، ولذلك تدعو إيران الى ان تتعاون كل دول المنطقة في وضع سياسات اقتصادية وامنية تكاملية بما يخدم كل شعوب المنطقة، وان لا ترهن اي دولة اقتصادها وامنها الى الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية الغريبة عن المنطقة ولها أطماع في ثروات شعوبنا، وهي مستعدة دائما لإثارة الفتن بيننا وشن الحروب على شعوبنا وفرض سياسات على دولنا لا تخدم مصالح هذه الشعوب وتقدمها وأمنها ورخاءها. من هنا كانت الحركة السياسية ومفهوم المصالح بالنسبة لإيران يبقيان تحت سقف المبادئ وليس العكس،
ولذلك يتعذر على الكثيرين تصديق هذه السياسة التي ما زالت. غير مفهومة لأنها غير مألوفة لدى الكثير من الدول العربية، وكذلك الدول الغربية التي ترفع شعارات الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان لكنها تكذب على شعوبها وعلى شعوب العالم، والدليل أنها استقدمت اساطيلها وارسلت الاسلحة لدعم الحرب الإجرامية التي تشنها «إسرائيل» على الشعب الفلسطيني بأطفاله ونسائه وكل مدنييه بقصد إبادته أو تهجيره من أرضه.
خديعة «حلّ الكذبتين»!
من هنا نرى، أنّ كذبة قيام دولة فلسطينية إلى جانب «دولة إسرائيل» هي فقط خديعة لتخدير الشعب الفلسطيني ووقف مقاومته وقتل حلمه في تحرير وطنه من المحتلين الصهاينة. وقيام دولتين على أرض فلسطين مشروع نظري لن يتحقق لسببين: الأول هو انه يشرع للعدو اغتصابه فلسطين وإبقاء اللاجئين الفلسطينيين خارج وطنهم، وثانيا لأن العدو يريد تهجير أهل غزة والضفة الغربية وما يعرف بفلسطينيي الـ 48 إلى الأردن ومصر ولبنان وذلك لقيام دولته العنصرية اليهودية الصرف على كل أرض فلسطين التاريخية وما يمكن أن يضمه لاحقا، أن استطاع، من أراض لبنانية وسورية وعراقية واردنية وعربية أخرى إلى دولته التي يحلم بها. وهذا أمر مرفوض من جانب المقاومين الشرفاء الفلسطينيين، والنتيجة هي ان مشروع الدولتين هو وهم وخديعة استمرت عشرات السنين ولن يبصر النور. فالغرب وأميركا يخادعان الشعب الفلسطيني لكي يتخلى عن مقاومته وحقه في استرجاع أرضه المحتلة أي فلسطين التاريخية كاملة غير منقوصة..
ختاماً نقول: ان ما يدفعنا للجزم بأن مشروع تحرير فلسطين وكل أرض محتلة سيتحقق بعون الله انطلاقا من الخلاصة التي توصلت إليها هذه المقاومات:
تعيش المنطقة بعد حرب العام 2006 وبعد طوفان الأقصى عصراً جديداً واعداً بالهزائم لقوى العدوان الصهيوني الأميركي الغربي، ومبشراً بالانتصارات لشعوب أمتنا، انتصارات حقيقية وليست وهمية، فتحرير بيروت والجنوب كان نصراً مبيناً حققته المقاومة الوطنة بكلّ فصائلها ولا سيما المقاومة الاسلامية، وانتصار سورية في مواجهة العدوان الإرهابي المتعدد الوجوه والأشكال عليها، وانتصار المقاومة العراقية على التحالف الغربي وكذلك انتصار الشعب اليمــني في الحرب التي شنت عليه على مدى ثماني سنوات، وطوفان الأقصى كان نصراً حقيقياً كسر هيبة وقدرة ما يسمّى بالجيــش الذي لا يقهر كما أن الجمهورية الإسلامية الداعمة لقوى المقاومة أصبحت قوة إقليمية عظمى ومقتدرة ومخلصة للمبادئ التي تؤمن بها. وان التضحيات التي قدمتها حركات المقاومة لن تذهب هدراً بل ستثمر نصرا وتحريرا وعزة وكرامة.