هل آن أوان الخروج من العراق وسورية؟!
محمد حسن الساعدي
صدر العديد من التقارير من مؤسسات تحليلية تؤكد انّ قوات التحالف كان يمكنها تجنب قتل ثلاثة من جنودها في قاعدة التنف على الحدود (السورية الأردنية العراقية) والتي تم استهدافها بصواريخ المقاومة، والذي ينبغي أن يكون دافعاً لتسريع خروجها من سورية والعراق، وكان ينبغي عليها أن تقلل المخاطر المحدقة بجيوشها المنتشرة في منطقة الشرق الاوسط، وأن عملية التصعيد التي تمارسها خطأ سوف تؤدي الى زيادة التوتر والمواجهة.
المهمة التي من أجلها جاءت قوات التحالف الدولي الى المنطقة قد انتهت بنهاية عصابات داعش الارهابية، ويمكن أن يكون هناك استخدام التقنيات الحديثة في مراقبة المنطقة من خلال القواعد العسكرية الثابتة في تركيا أو قطر او الكويت، بدلاً من الدخول في صراع ربما يدخل المنطقة في حرب لا تنتهي سريعاً، وتكون وطأتها أشدّ على التحالف الدولي.
ما زالت هناك بعض الرؤى التي تعزز فرضية ان الضربات الموجهة الى القواعد العسكرية في سورية والعراق توفر الامن لقوات التحالف الدولي، وانّ الخطر ينحسر بوجود هذه الضربات، ولكن هذا التحليل لا يصمد أمام الواقع الحقيقي لطبيعة المنطقة، وطبيعة القوى العسكرية المتواجدة فيها، كما انه يسيء الفهم لطبيعة التحديات والمخاطر المحدقة بالمنطقة، لذلك بات من الضروري النظر الى مستقبل المنطقة بدون التحالف الدولي لأنّ هناك العديد من الدول تريد خروج القوات الأميركية منها ك ـ(العراق وسورية وربما تركيا أيضاً) حيث يعاني الشعب السوري من حصار اقتصادي خانق جراء العقوبات الأميركية بالإضافة الى وجود قوات أميركية تحتلّ 30% من الأراضي السورية وتقوم بسرقة النفط من آبارها.
الحكومة العراقية تعرّضت للكثير من الاستفزاز من قبل التواجد الأميركي في البلاد، خصوصاً بعد استهداف عدد من القيادات في الحشد الشعبي، والذي أدّى الى تصاعد وتيرة الهجمات التي تشنّها فصائل المقاومة على القواعد العسكرية سواء في العراق او المنطقة عموماً، كما أنّ واشنطن وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع الحكومة العراقية، إذ أن الحشد الشعبي يعدّ أحد التشكيلات العسكرية التابعة للقوات الأمنية برئاسة القائد العام للقوات المسلحة ما يعني أنّ المواجهة باتت واضحة ومباشرة.
انّ حالة إشعال المنطقة لن تحلّ أيّ مشكلة فيها، ولن تحل أيّ خلاف بين الدول المتصارعة، خصوصاً مع الدعم اللامتناهي لتل أبيب في حربها ضدّ الشعب الفلسطيني وتحديداً في غزة، وهذا ما أجّج المشاعر المعادية للغرب في جميع إنحاء العالم، كما انّ قوى المقاومة في المنطقة لا يمكن الانتصار عليها أو دحرها بالقوة والضربات الانتقامية، خصوصاً مع حالة الظلم التي تعرّضت لها هذه الشعوب في المنطقة، وخصوصاً أيضاً أنّ المقاومين هم أبناء هذه المنطقة بينما الآخرون من خارجها، ومجرد فكرة تواجد الجنود الأميركيينن في معسكرات في الصحراء منتشرة بمساحات كبيرة لا يمكن الاعتماد عليه كثيراً ويبقى مجرد آمال لا يمكن تحقيقها، فلا الشعوب تقبل بهذا الأمر ولا الحكومات سوف تستمرّ بدعمهم وحمايتهم.