أولى

رسائل السيد نصر الله

في كلمته التي قرّر تخصيص الشق السياسي منها للعناوين اللبنانية المتصلة بحرب محور المقاومة دعماً لغزة وشعبها ومقاومتها، اختار الأمين العام لحزب الله ثلاثة عناوين وجّه إليها رسائل واضحة.
الجهة الأولى التي استهدفها السيد نصرالله برسائله كانت جبهة الوسطاء والموفدين، التي لا تزال تفترض أن لديها ما تقدّمه لتغيير معادلة المقاومة القائمة على معادلة لا حديث عن ترتيبات في الجنوب اللبناني، قبل توقف الحرب الإسرائيلية على غزة. والرسالة هنا واضحة وحاسمة، عبثاً تحاولون فلا تتعبوا أنفسكم بالمزيد من السفر والرحلات ولا تجهدوا في ابتكار المزيد من العروض والمبادرات. فالموقف نهائي وحاسم ولا رجعة عنه ولا إعادة نظر فيه. لا نقاش عن جبهة لبنان قبل أن تهدأ جبهة غزة باتفاق ترضاه قوى المقاومة.
الجهة الثانية المستهدفة برسائل الخطاب كانت قيادة كيان الاحتلال السياسية والعسكرية. وتقول إن المقاومة ترسم اليوم معادلات التصعيد في ترجمة خيارها المعلن بتشكيل جبهة إسناد لغزة، وعلى جيش الاحتلال أن يواصل انضباطه تحت سقف هذه المعادلات التصاعدية، وعدم ارتكاب أي حماقة لن تحقق له أي مكاسب، ولن توقف المقاومة عن خيار الإسناد ولن تؤدي الى تخفيض مستوى الجبهة بل سوف تسرّع روزنامة التصاعد لا أكثر ولا أقل، وتضيف الرسالة أنه بالنسبة للمقاومة فإن وقف الحرب على غزة سوف يعني فوراً وقف العمل على جبهة الإسناد، وإذا التزم الاحتلال بالتهدئة سوف تبقى المقاومة ملتزمة، وإن ذهب الاحتلال الى نظريات وزير حربه باستمرار العمل على جبهة لبنان، فالمقاومة حاضرة لملاقاته، وبكل عقلانيّة وواقعيّة وانضباط، إن عاد لمستوى ما هو قائم عادت إليه، وإن وسّع الجبهة وسّعت، وان رفع مستوى المواجهة رفعت. والختام في الرسالة هو انه اذا توهم الاحتلال أنه جاهز للحرب ومستعد لها فالمقاومة لا تخشاها، وهي رغم عدم مبادرتها إلى الحرب قد أتمّت استعداداتها لخوض أعلى مستوياتها بلا تردد، وكلها ثقة بأنها سوف تخرج منها منتصرة.
الجبهة الثالثة في رسائل السيد، كانت نحو الداخل اللبناني، وخصّصها للأصوات الاعتراضية على ما تقوم به المقاومة، وخطاب التشكيك بجدوى وفعالية أفعال المقاومة، واتهامها بالمخاطرة بلبنان وتوريط شعبه بمخاطر غير محسوبة يدفع اللبنانيون ثمنها، لتحقيق انتصارات وهمية. وهنا كانت القاعدة الصلبة لرسالة السيد من ركيزتين يسهل قياسهما في الواقع، الأولى موقف أهل الجنوب، الذي يشكل ساحة الحرب والذي تنزل المخاطر على رأس أهله، وهم من يتحملون الخسائر البشرية والمادية. وهنا انظروا الى حشود تشييع الشهداء على خط الحدود في وضح النهار وهتافات الناس فيها ولغة التحدي والعزم والإصرار على التمسك بخيار المقاومة، والثانية هي هل نجحت المقاومة بإدارة حربها بما يضمن عدم توسّعها، وفرضت معادلاتها على الاحتلال. وما دام ذلك هو ما حصل، فالحديث عن جلب المخاطر على لبنان في غير مكانه، وحين يحدث عكس ذلك في هذين المجالين، يمكن أن نفهم حماس المعترضين ونبرتهم العالية في الاعتراض حرصاً أو مجرد رأي مخالف. أما عن الانتصارات الوهمية، فاسألوا أهل الجنوب واسمعوا مستوطني كيان الاحتلال عن الفارق بين ما قبل زمن المقاومة وما بعده.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى