تلازُم مفاوضات القاهرة مع التهديد بمعركة رفح: ثلاثة أيام على صفيح ساخن / السيد الحوثي: تستطيع السفن غير الإسرائيلية والأميركية والبريطانية العبور الآمن / السيد نصرالله: جبهتنا مستمرّة حتى نهاية حرب غزة وبعدها جاهزون لكل احتمال /
كتب المحرّر السياسيّ
شهدت العاصمة المصرية الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة بين حكومة كيان الاحتلال وقوى المقاومة، حيث لعب الوفدان المصري والقطري دور الوسيط مع المقاومة، وكان الأميركي والإسرائيلي معاً على الضفة المقابلة، وبينما تمثلت قطر برئيس حكومتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وتمثلت مصر برئيس مخابراتها اللواء عباس كامل، في اجتماع استمر لساعات ضمّهما مع مدير وكالة المخابرات الأميركية وليام بيرنز والوفد الإسرائيلي الذي ضمّ رئيس «الموساد» ديفيد برنيع ورئيس الشاباك (جهاز الأمن العام) رونين بار، ولأول مرة أوفير بالك المستشار السياسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
فيما تحدثت المصادر المصرية والأميركية والقطرية عن تقدم في مسار التفاوض الذي سوف يستمر لثلاثة أيام، بينما تنشغل الأوساط المتابعة خارج قاعات المفاوضات بالحديث عن التحضيرات لعملية عسكرية إسرائيلية في رفح. تقول المصادر المتابعة إنها جزء من التفاوض على صفيح ساخن، نقلت هيئة البث الإسرائيلية أجواء سلبية عن مسار التفاوض، فأشارت إلى أن اجتماعات القاهرة انتهت وسط إصرار حركة حماس على موقفها بإنهاء الحرب على قطاع غزة، نقلت عن مسؤول سياسي إسرائيلي لم تسمّه، قوله إن «موقف حماس لم يتغير ولا تزال الحركة تصرّ على وقف الحرب، وهو ما لم تقبله إسرائيل». وقالت الهيئة، إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو رفض خلال الأيام الأخيرة الماضية، إطاراً لاتفاق جديد لتبادل الأسرى، قدّمه له رئيسا الموساد والشاباك، دون أن توضح تفاصيله. وتابعت: «لهذا السبب ذهب الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة بأيدٍ فارغة». من جانبها، نقلت القناة «13» العبرية الخاصة عن مسؤول إسرائيلي لم تسمّه، أن خلافاً نشب بين النخبة السياسية والأمنية في «إسرائيل» حول مشاركة الوفد في محادثات القاهرة.
وأشارت إلى أن هذا الخلاف دفع منسق الأسرى والمفقودين نيتسان ألون إلى البقاء في «إسرائيل» وعدم السفر إلى مصر. وبحسب المسؤول ذاته، فإن وصول الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة كان بهدف إجراء «محادثات مجاملة بناء على طلب الرئيس الأميركي جو بايدن».
بالتوازي مع مشهد التفاوض في القاهرة والتهديد ببدء العملية العسكرية في رفح، استمرّت قوى المقاومة في إلحاق المزيد من الخسائر البشرية والمادية بجيش الاحتلال خصوصاً على جبهتي جنوب لبنان وغزة، بينما واصل جيش الاحتلال استهداف المدنيين، أما في الموقف فقد كان كلام قائد حركة أنصار الله في اليمن السيد عبد الملك الحوثي حاسماً لجهة استمرار اليمن بتصعيد دعمه لغزة عبر تطبيق صارم لإجراءاته وحشد مقدرات كفيلة بتحقيق الهدف وهو منع السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى موانئ الكيان ومثلها السفن البريطانية والأميركية من عبور مضيق باب المندب والبحر الأحمر، داعياً كل دول العالم التي لا تشملها لائحة المنع أن لا تقلق لجهة العبور الآمن لسفنها.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تحدّث في يوم جريح وأسير حزب الله، راسماً إطار حركة جبهة لبنان المساندة لغزة ومقاومتها، وفق معادلة لا مجال لتعديلها، هي لا نقاش بترتيبات وضع الجنوب قبل أن تنتهي الحرب على غزة، وجبهة لبنان تستمرّ بدورها كجبهة إسناد حتى تحقيق هذا الهدف، مهما كانت الضغوط ومهما كانت العروض، ومهما جاء الموفدون وراحوا؛ أما عن ما بعد وقف الحرب على غزة ورداً على تهديدات قادة الكيان، خصوصاً ما قاله وزير حربه يوآف غالانت، عن مواصلة الحرب على جبهة الجنوب حتى لو توقفت الحرب على غزة، فقال السيد نصرالله، إن جبهة لبنان سوف تتوقف إذا انتهت الحرب على غزة، فإن واصل الاحتلال فتح النار فالمقاومة حاضرة لقبول التحدّي بالمثل وبالتناسب مع مستوى النار ومداها، وإن وسّع توسّع وإن رفع ترفع، أما إن أراد حرباً فالمقاومة لا تخشاها وسوف تخوضها بكل ثقة ويقين بقدرتها على تحقيق النصر.
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله «ان فتح الجبهة اللبنانية مع الاحتلال شكّل مصلحة وطنية بالدرجة الأولى لمنع انتصار «إسرائيل»، وقال: «المشكلة هي في اعتبار البعض أن لا جدوى مما نقوم به في الجبهة اللبنانية؛ وهذا أمر كارثي. وهناك أطراف لها أحكام مسبقة أياً تكن الإنجازات والانتصارات وتصف ما يتحقق بأنه إنجاز وهمي».
أضاف: «في الجلسات الداخلية هؤلاء الذين لديهم مواقف مسبقة يعترفون بالإنجازت، لكن علناً لا يقرون. ورغم هزيمة المقاومة لجيش الاحتلال الذي لا يُقهر فإن البعض يجادل بجدوى المقاومة. هذه الفئة التي تدّعي أن «القانون الدولي يحمينا» وتجادل في جدوى المقاومة «ميؤوس منها».
وشدد نصر الله على وجوب أن «نحرص ألا يؤدي هذا السجال إلى نزاعات طائفية. وهذا الأمر من مصلحة «اسرائيل» وليس من مصلحة الوطن والكرامة الوطنية».
وأعلن ان «كيان الاحتلال يحسب ألف حساب للبنان بسبب المقاومة والعالم يرسل الوفود بسب الجبهة الجنوبية».
ورأى أن «هذه التجربة اليوم، ثبتت موازين الردع وأثبتت أن لبنان لديه قوة رادعة»، معلناً أن «زيارات الموفدين الغربيين إلى لبنان لها هدف وحيد وهو «حماية «اسرائيل» وإعادة المستوطنين إلى الشمال». وقال: «الوفود الغربية لا تتناول في أوراقها أي أمر يتعلق بما يحصل في غزة من عدوان وجرائم، فهي تطالب بتنفيذ الإجراءات التي يريدونها ولا يتناولون مسألة الأراضي المحتلة والاعتداءات الصهيونية وغيرها من أمور بل يركزون على «أمن اسرائيل».
أضاف: «الوفود الغربية التي تستعين بتصريحات إسرائيلية تحاول التهويل علينا. الجبهة في جنوب لبنان هي جبهة ضغط ومساندة ومشاركة في إلحاق الهزيمة بالإسرائيلي وإضعافه حتى يصل الى النقطة التي يقتنع فيها أن عليه ان يوقف عدوانه على غزة».
وتوجّه الى الموفدين والى من أوفدهم: «مارسوا التهويل ما شئتم فإن ذلك لن يؤثر علينا حتى شن الحرب لن يوقف عملياتنا»، معتبراً «ان الاسرائيلي مأزوم وليس في موقع من يفرض الشروط». ودعا السيد نصر الله الموقف الرسمي اللبناني الى «أن يضع شروطاً إضافية على 1701 وليس تطبيق القرار». وقال: «لبنان هو في الموقع القوي والمبادر ويستطيع ان يفرض الشروط». ولفت الى أن القرار 1701 لا يحمي لبنان بل معادلة «جيش شعب مقاومة» هي من تحمي البلد.
وقال: «من يهدّدنا بتوسعة الحرب فنحن «سنوسّع إذا وسّع» وإذا اعتقد أن المقاومة قد تشعر بخوف هو مشتبه تماماً. إذا نفذ العدو تهديداته ضدنا عليه أن يدرك أن المئة ألف الذين غادروا الشمال لن يعودوا وحين يوقف العدو الحرب على غزة سنعود إلى المعادلات التي كانت قائمة وستكون ردودنا متناسبة».
وأكد نصرالله انه عندما يقف العدوان ووقف إطلاق النار في غزة سيقف إطلاق النار في الجنوب.
وفي السياق، شدّد نصرالله على أن «الهاتف الخلوي هو جهاز تنصت»، مطالبًا «اخواننا في القرى الحدودية وفي كل الجنوب لا سيما المقاتلين وعائلاتهم الاستغناء عن هواتفهم الخلوية من أجل حفظ وسلامة دماء وكرامات الناس»، مؤكداً أن «الخلوي هو عميل قاتل يقدم معلومات محددة ومميتة».
وأوضح أن «الإسرائيلي ليس بحاجة لزرع العملاء على الطرقات، فالكاميرات الموصولة على الإنترنت تراقب كل الطرقات»، مشيراً إلى وجوب «قطع هذه الكاميرات عن الإنترنت، لأن التساهل في هذا الموضوع يساهم في المزيد من الشهداء والخسائر وكشف الجبهة للعدو».
وأكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن «الوضع في الجنوب لا يخلو من الحذر، ولكن الأمور بإذن الله تتجه الى نوع من الاستقرار طويل الامد».
وأشار ميقاتي، خلال استقباله «جمعية الاعلاميين الاقتصاديين»، الى أن «الاتصالات مستمرة في هذا الصدد، وسأعقد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع العديد من المسؤولين الدوليين خلال مشاركتي في مؤتمر ميونيخ يومي الخميس والجمعة المقبلين، من بينها مع الموفد الأميركي اموس هوكشتاين، لمعرفة أين أصبحنا في مسار التهدئة وإعادة الاستقرار».
ورأى أن «التحدي الأكبر أمامنا يتمثل بوضع الجنوب، وكل الرسائل التي أتوجه بها الى الموفدين الخارجيين وجميع المعنيين أننا طلاب أمن وسلام واستقرار دائم في الجنوب. نحن مع تطبيق القرار ١٧٠١ كاملاً، ونريد خطة لدعم الجيش بكل المقومات. نحن اليوم امام خيارين، إما الاستقرار الدائم الذي يشكل إفادة للجميع واما الحرب التي ستشكل خسارة لكل الأطراف. اتمنى ان تنتهي هذه المرحلة الصعبة بالتوصل الى الاستقرار الدائم، وان شاء الله ان الامور الميدانية لن تتطور».
وقدّمت فرنسا اقتراحاً مكتوباً إلى بيروت يهدف إلى إنهاء الأعمال القتالية مع «إسرائيل» والتوصل لتسوية بشأن الحدود المتنازع عليها بين لبنان و«إسرائيل»، وذلك بحسب وثيقة اطلعت عليها وكالة «رويترز».
وتهدف الخطة إلى إنهاء القتال بين حزب الله، وبين «إسرائيل» عبر الحدود. وقال أربعة مسؤولين لبنانيين كبار وثلاثة مسؤولين فرنسيين إن وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه سلّم الوثيقة الأسبوع الماضي لكبار المسؤولين في الدولة اللبنانية وهي أول اقتراح مكتوب يتم تقديمه إلى بيروت خلال جهود الوساطة الغربية المستمرة منذ أسابيع.
ويقول الاقتراح إن الهدف هو منع نشوب صراع «يهدد بالخروج عن نطاق السيطرة» وفرض «وقف محتمل لإطلاق النار، عندما تكون الظروف ملائمة»، ويتصور في نهاية المطاف إجراء مفاوضات حول ترسيم الحدود البرية المتنازع عليها بين لبنان و«إسرائيل».
وتسعى الخطة المكونة من ثلاث خطوات إلى عملية تهدئة مدتها 10 أيام تنتهي بمفاوضات بشأن الحدود. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن «الاقتراح طُرح على حكومة العدو الإسرائيلي وحكومة لبنان وعلى حزب الله». وتقترح الخطة أن «توقف الجماعات المسلحة اللبنانية و«إسرائيل» العمليات العسكرية ضد بعضهم البعض، بما يشمل الغارات الجوية الإسرائيلية في لبنان. كما تقترح أن تهدم الجماعات المسلحة اللبنانية جميع المباني والمنشآت القريبة من الحدود وتسحب القوات المقاتلة والقدرات العسكرية مثل الأنظمة المضادة للدبابات إلى مسافة 10 كيلومترات على الأقل شمالي الحدود. وأي انسحاب من هذا القبيل لا يزال يجعل مقاتلي حزب الله أقرب بكثير إلى الحدود مقارنة مع الانسحاب لمسافة 30 كيلومتراً إلى نهر الليطاني في لبنان وهو ما نص عليه قرار الأمم المتحدة الذي أنهى الحرب مع «إسرائيل» في عام 2006».
وأكد وزير الخارجيّة والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب، أنّ «لا حلّ للجنوب إلّا بتطبيق كامل للقرار 1701، وإعادة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا إلى السّيادة اللّبنانيّة».
واستقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري، المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان. وحرص الوزير شكري فى بداية اللقاء على الإشادة بالتحركات الأخيرة لسفراء المجموعة الخماسية، والتي تضم مصر وفرنسا والسعودية وقطر والولايات المتحدة، ولقائهم برئيس مجلس النواب نبيه بري، وما نتج عنها من تأكيد أن هدف اللجنة هو تشجيع الأطراف اللبنانية على الحوار والاضطلاع بمسئولياتها ذات الصلة.
كما أكد وزير الخارجية، أهمية الدور الذي تلعبه المجموعة الخماسية في ما يتعلق بالسعي نحو حلحلة أزمة الشغور الرئاسي في لبنان، وذلك في ضوء كونها إطاراً دولياً يهدف لمساعدة اللبنانيين في التوصل لحل لأزماتهم السياسية وفق إرادتهم الذاتية. واستعرض شكري موقف مصر القائم على تشجيع الأطراف اللبنانية على اختيار رئيس الجمهورية، ثم تشكيل حكومة قادرة على الاضطلاع بمهامها، وترحيب مصر بخطوات التجديد لقائد الجيش اللبناني، وقائد قوى الأمن الداخلي، وتعيين رئيس أركان للجيش. كما شدّد وزير الخارجية على ضرورة الحفاظ على الإطار الدستوري للبنان.
وعرض رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مع السفير المصري لدى لبنان علاء موسى، في الأوضاع الإقليمية فضلاً عن التشاور حول سبل إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان.