يوم ذبحت رفح بسيف العرب!
وفاء بهاني
على مرأى من العالم أجمع وبمباركة أميركية وعربية يُذبح شعب بأكمله، وتُشن عليه حرب إبادة بكلّ ما للكلمة من معنى. في غزة أعدمت الإنسانية وسيبت واليوم يعيد العدو الصهيوني الكرة في حرب إبادة جديدة يشنّها على الفلسطينيين في رفح. صُمَّت آذان العرب وأُعميت قلوبهم وأبصارهم حتى باتوا عاجزين عن إعلان موقف واحد. فمصر التي أعلنت أنها أرسلت عشرات الآليات والدبابات الى شمال شرق الجزيرة لتعزيز وجودها الأمني والعسكري لم يكن لمواجهة العدو الإسرائيلي أو نابعاً عن نخوة وشهامة عربية للدفاع عن فلسطين وشعبها، بل انّ كلّ هذه التحركات ليست سوى استكمال لحصار الشعب الفلسطيني في رفح ومنعه من التهجير، كما منعوا عنه المساعدات التي لم يدخل منها الى رفح سوى الشاحنات التي دفعت مبالغ طائلة لابن الرئيس السيسي. حتى الجرحى الذين يتمّ إخراجهم عبر معبر رفح يمنع خروجهم اذا لم يدفعوا لابن السيسي وأزلامه ما يفرضونه من الخوة. تلك هي رفح كشقيقتها غزة تشكو لباريها ظلم ذوي القربى، تلك هي رفح التي ذُبحت بسيوف نشامى العرب قبل ان تطعنها سيوف محور الإبادة الذي يتمثل في الكيان الصهيوني المغتصب وأميركا والغرب وكافة الدول التي تساند هذا الكيان الصهيوني المحتلّ سواء بالسلاح أو بالغذاء أو التسهيلات الأخرى، ونجد أنّ الوضع يُطرح بشكل حاسم على مسار التاريخ والسياسة في المنطقة، فالآفاق المتاحة ترسم خيارات مصيرية للشعب الفلسطيني، ومنها شيء من الشجاعة والصمود في مواجهة التحديات القائمة.
في البداية، يجب التنبّه إلى أنّ مصير رفح لم يعد مرتبطاً بالمقاومة في قطاع غزة وحده، بل أصبح يرتبط بمحور المقاومة في المنطقة بشكل عام، تحوّلت رفح إلى مسرح للصراع السياسي والعسكري بين القوى المتصارعة، حيث تتجاوز الأمور الإقليمية حدود غزة وتشمل تحديات أوسع نطاقاً.
يُعتبر الكيان الصهيوني المحتلّ بدعم من الولايات المتحدة وحلفائها، اللاعب الرئيسي في المنطقة الذي يسعى جاهداً لتحقيق أهدافه السياسية والاستراتيجية، ومن بين هذه الأهداف، تهجير وتصفية القضية الفلسطينية وتحقيق سيطرته الكاملة على الأراضي المحتلة، بما في ذلك رفح وغزة.
وقد بدأ الكيان الصهيوني الإبادة من الشمال، وتحرك تدريجياً نحو الجنوب وأقصى الجنوب (خان يونس)، وفي الوقت الحاضر وصل إلى رفح، حيث يتكدّس المدنيون الذين يزيد عددهم عن مليون ونصف مليون مواطن، أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ. اليوم، يتواجدون في رفح (الغزاويين)، على بعد 100 متر من حدود مصر، باتجاه رفح المصرية، وتنوي الحكومة الصهيونية المغتصبة استهدافهم بالقصف والقتل والجوع، بهدف طردهم بالقوة وتهديدهم بالسلاح لتهجيرهم إلى رفح المصرية فسيناء.
وتمكن الكيان الصهيوني من قتل المدنيين وتدمير مساكنهم، وإجبارهم على التنقل من الشمال إلى الجنوب، لكنه لم يحقق أهدافه في تحرير أسراه والقضاء على المقاومة وحماس. كما تعرّض للكشف عالمياً وقضائياً وشعبياً بسبب جرائمه، اليوم، وهو يوم الحسم والقرار، إنّ نجاح الكيان الصهيوني في تهجير السكان الغزاويين إلى سيناء عبر رفح، وتحت وابل القصف، سيكون له معاني كثيرة، من بين هذه المعاني، يأتي اتفاق صهيوني أميركي غربي على إفراغ غزة وتهجير سكانها، وتواطؤ الجميع لتحقيق هذا الهدف، وكما قال نتنياهو، «إذا لم نتقدم إلى رفح، سنخسر الحرب».
لكن مع وجود محور المقاومة الذي يتألف من عدة دول وقوى مقاومة في المنطقة، يصبح مصير رفح مرتبطاً بالقدرة على المقاومة والصمود أمام محاولات الاحتلال والتهجير، فهل يسمح محور المقاومة بتحويل رفح إلى معبر للتهجير من غزة إلى سيناء؟ وهل سيسمح بتصفية القضية الفلسطينية وفقاً لرؤية محور الإبادة؟
من الواضح أنّ هذه الخيارات غير مقبولة لمحور المقاومة، الذي يسعى بكلّ السبل للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني وتحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية لهم، وهنا يبرز دور الدول الإقليمية والدولية في دعم الشعب الفلسطيني وحماية حقوقهم في مواجهة التهديدات الصهيونية.
بالرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها رفح، إلا أنها ليست بمفردها في هذه المعركة، فالشعب الفلسطيني، بكل مكوناته وتنوعاته، يواجه التحديات بشجاعة وصمود، ويثبت يوماً بعد يوم أنه لن يستسلم للظلم والاحتلال.
من الضروري أن تكون المجتمعات الدولية والمنظمات الحقوقية على قدر المسؤولية في مواجهة محاولات التهجير والاستيطان في رفح وغيرها من المناطق الفلسطينية المحتلة، ويجب على الدول العربية والإسلامية دعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الظلم والاضطهاد.
في الختام، يبقى مصير رفح رهناً بالقدرة على المقاومة والصمود، وبالدعم الدولي لحماية الشعب الفلسطيني وحقوقهم، إن الوقوف بجانب أبناء غزة في مواجهة الظلم والاستبداد والاحتلال والإرهاب هو واجب إنساني وأخلاقي يجب على الجميع تحمّله.