حزب الله أحيا ذكرى القادة الشهداء باحتفال حاشد/ نصرالله: العدوّ سيدفعُ ثمنَ دماء المدنيين دماءً ويدُ المقاومة تمتدُّ من كريات شمونة الى إيلات

سلاحُ المقاومة لحماية لبنان وليس لتغيير النظام والدستور وفرض رئيس

نُريدُ أن يصبح الجيش اللبنانيّ قويّاً ومقتدراً لكنّ أميركا تمنع ذلك

عمليّة «طوفان الأقصى» كشفَت مخطّط تهجير الفلسطينيين وإقامة دولة يهوديّة خالصة

 

أكّدَ الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله أنّ «ثمن دماء المدنيين سيكون دماءً وليس مواقع وآليات وأجهزة تجسّس إسرائيليّة»، مؤكّداً أنّ المقاومة لا تتحمّل موضوع المسّ بالمدنيين «ويجب أن يفهم العدو أنه ذهب في هذا الأمر بعيداً»، وأعلنَ أنّ المقاومة في لبنان تملك من القدرة الصاروخيّة الهائلة التي تجعل يدها تمتدّ من كريات شمونة الى إيلات. وأوضحَ أنّ «سلاح المقاومة ليس لتغيير النظام السياسيّ والدستور ونظام الحكم وفرض حصص طائفيّة جديدة في لبنان، وهو خارج هذه الحسابات كلّها وهذه مسألة ترتبط بالدفاع عن لبنان والجنوب وشعبنا وكرامته».
مواقف السيّد نصرالله جاءت خلال الاحتفال الحاشد الذي أقامه حزب الله، أمس بمناسبة «يوم القادة الشهداء» وقال في مستهلّ كلمته «إنّنا اليوم نُحيي الذكرى السنويّة لقادتنا الشهداء، ونشعرُ بهم أكثر من أيّ وقت مضى»، مشدّداً على أنّ حضورهم أشدّ تأثيراً وهداية إلى الموقف والطريق والهدف.
وأشارَ إلى «أنّ هذه المسيرة والمقاومة من صفاتها ومميّزاتها الأساسيّة أن علماءها وقادتها تقدّموا ليكونوا شهداء وأحياناً مع عائلاتهم الشريفة»، مُضيفاً إنّه «في إحيائنا اليوم نشعرُ أنّنا أكثر تثبيتاً في ساحة التضحيات عندما نتذكر السيّد عباس وأم ياسر والشيخ راغب حرب والحاج عماد مغنيّة». وأكّدَ «أننا اليوم أقوى أملاً ويقيناً بالنصر الآتي»، سائلاً «لو كان هؤلاء القادة الشهداء فينا اليوم كيف كان سيكون الموقف؟ هل كان سيكون الحياد؟ أم كان سيكون الموقف هو الدعم والإسناد والنُصرة والضغط والمساندة لمنع العدوّ من تحقيق أهدافه».
وأشار إلى «أنّ كلَّ مَن في هذه المسيرة ضحَّى ويُضحّي»، لافتًا إلى «أنّ هذه القوافل من الشهداء والجرحى ومن الأهالي الذين هُجّروا ودمِّرت بيوتهم منذ بداية الصراع مع العدوّ كانت الصفة الأهمّ أنّ هؤلاء لم يضعفوا ولم يهنوا مهما كبُرت التضحيات وواصلوا الطريق وحفظوا الوصيّة».
وشدّدَ على «أنّ هذه التضحيات لا تنطلق من حالة عاطفيّة أو حماسيّة أو انفعاليّة بل انطلقت من منطلق الوعي والبصيرة والمعرفة للأهداف والتهديدات والفرص وصحّة وسقم الخيارات الأخرى»، لافتاً إلى «أنّ العدوّ الذي يظنُّ أنّه بقتله لقادتنا ومجاهدينا أو إخفائه لهم كما حصل مع الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، يُمكن أن يدفعنا إلى التراجع ويجعلنا نضعف أو نشعر بالهوان أو نتخلى عن المسؤولية، فهذا أبداً لن يحصل».
وأوضحَ «أنّ العدوان الذي حصلَ على مدينة النبطيّة والصوّانة هو تطوّر يجب التوقف عنده لأنّه استهدف المدنيين وأدى إلى استشهاد عدد كبير منهم، هو أمرٌ متعمَّد» وقال «من الطبيعيّ في هذه المعركة أن يرتقي شهداء مقاتلون من حزب الله أو حركة أمل وهذا جزء من المعركة المستمرّة والمفتوحة، ونحن ننالُ من العدوّ حين نستطيع، والعدوّ ينالُ منّا حين يستطيع»، معتبراً «أنّنا في قلب معركة حقيقيّة على جبهة تمتدّ أكثر من 100 كليومتر وارتقاء شهداء من المقاومة جزء من المعركة».
وأشار إلى أنّه «عندما يصل الأمر إلى قتل المدنيين فإن للأمرَ حساسيّته لدينا»، لافتًا إلى «أنّ أهمّ المعادلات التي صُنعت يوم استشهاد السيّد عباس الموسوي، أنّ المقاومة بدأت باستهداف المستعمرات في شمال فلسطين المحتلّة وبدأت بمعادلة حماية المدنيين، ففي شباط عام 1992 وضعت المقاومة معادلة حماية المدنيين وتكرّس ذلك في تموز عام 1993»، موضحاً أنّه «عندما نستطيع أن نقوم بأيّ عمل لتحييد المدنيين وحمايتهم يجب أن نقومَ به».
ورأى «أنّ هدف العدوّ من قتل المدنيين هو الضغط على المقاومة لتتوقّف عن مساندة غزّة والجواب على المجزّرة يجب أن يكون مواصلة العمل المقاوم في الجبهة وتصعيده»، مؤكّداً «أنّ استهداف المدنيين يزيدُنا غضباً وتوسّعاً وعملاً في المقاومة، ويجب عليه أن يتوقع ذلك». وأعلنَ «أنّ العدوَّ والصديقَ سيرى أنّ هذه الدماء سيكون ثمنها دماء وليس مواقع وآليات وأجهزة تجسّس»، مذكّراً بأنّ «المقاومة في لبنان تملك من القدرة الصاروخيّة الهائلة التي يجعلها تمدّ يدها من كريات شمونة إلى إيلات».
وأكّد «أنّ كلّ الضغوط في العالم منذ 7 تشرين الأول الفائت كان هدفها ألاّ تُفتَح جبهة الجنوب لدعم غزّة».
وعن جبهة الإسناد اليمنيّة، قال السيّد نصر الله «إنّ الشعب اليمنيّ يواصل استهداف السفن العابرة إلى الكيان المحتلّ على الرغم من العدوان الأميركيّ والبريطانيّ على اليمن والشعب اليمنيّ»، لافتاً إلى «أنّ الإخوة في اليمن واصلوا حتى اليوم استهداف السفن الأميركيّة والبريطانيّة ولكن تبقى المعركة الأساسيّة ما يرتبط بالمعادلات الضاغطة لمصلحة أهل غزّة».
وأضاف «منذ عام 1984 هناك عنوان مطروح حول كلفة المقاومة وثمنها وتبعاتها والتضحيات المترتبة عليها»، معتبراً أنّه «مقابل المشروع الأميركيّ والمشروع الصهيونيّ في المنطقة نحن أمام خيارين إمّا المقاومة أو الاستسلام». وأوضحَ «أنّ البعض يتحدّث عن كلفة المقاومة وتبعاتها في لبنان، وهؤلاء يدعوننا إلى الاستسلام والحقيقة أنّنا أمام خيارين إما المقاومة أو الاستسلام ولكن أيهما أكبر كلفة. وأقول أن ثمن الاستسلام باهظ وخطير ومصيريّ جدّاً».
ونبّهَ إلى «أنّ الاستسلام يعني تهجير أهل الجنوب وراشيا والبقاع من المناطق التي احتلّها العدوّ في لبنان، وأيضاً لا سيادة ولا استقلال ونهب خيرات هذا البلد ووجود سفير صهيونيّ في لبنان ولا عزّة ولا كرامة وخضوع وهوان وعبوديّة»، مشيراً إلى أنّه «لو استسلمَ الشعب الفلسطينيّ منذ 75 عاماً لكان اليوم أهل غزّة خارجها وأهل الضفّة خارجها وحتى أهل أراضي 48 خارجها ولكانت إسرائيل اليوم متمكّنة في كلّ المنطقة».
واعتبرَ أنّ «المقاومة في فلسطين جعلَت الكيان الصهيونيّ يعيشُ أزمةَ وجود وكانت ذروتها في طوفان الأقصى»، مشدّداً على أنّه «اليومَ في غزّة والضفة الغربية وجنوب لبنان واليمن وسورية وإيران وكلّ المنطقة يجب ألا تغيب هذه الحقيقة عنّا على الإطلاق، حقيقة ثمن المقاومة وثمن الاستسلام».
وسأل «أليسَ من الذلّ والهوان والضعف والوهَن أنّ دولاً تحكمُ ملياريّ مسلم لا تستطيع أن تُدخل الدواء والغذاء إلى أهل غزة؟» وقال «هذا من نتائج خيار الاستسلام».
وأضاف «من جملة المسؤوليّات الملقاة على عاتقنا وعاتق كلّ الشعوب الإسلاميّة في العالم تبيان الحقائق لأنّ ما جرى منذ 7 تشرين الأول إلى اليوم هو تزوير تاريخيّ»، لافتًا إلى «أنّ العدوّ أرادَ أن يجعلَ من حماس «داعش» وهذا أكبر تزوير حصل». وأوضح «أنّ العدوّ لم يستطع أن يقدّم طفلاً واحداً مذبوحاً أو فتاة اغتُصبت كما ادّعى إعلامهم أمامَ العالم، بل إنّ المستوطنين الذين حُرقوا قتلوا بنيران الجيش الإسرائيليّ».
وأكّد أنّه «إذا فُتح تحقيق حول 7 أكتوبر سينهار الأساس الأخلاقيّ والقانونيّ الذي يدّعيه نتنياهو والرئيس الأميركيّ جو بايدن بإصرارهما على القضاء على حماس»، لافتاً إلى أنّ «إسرائيل في كلّ يوم تقتل وتجرح المئات من النساء والأطفال والعالم ساكت»، مؤكّداً أنّ المقاومة الفلسطينيّة تعرَّضت منذ 7 تشرين الأول إلى اليوم لأبشع عمليّة تزوير وإهانة تعرّضت لها مقاومة في تاريخنا».
وشدّد على «أنّ اكبر ظاهرة نفاق يشهدها العالم اليوم هي السياسة الأميركيّة إتجاه ما يجري في فلسطين وغزّة»، مؤكّداً أنّه «إذا توقّف الجسر الجويّ الأميركيّ المفتوح لنقل الأسلحة إلى كيان العدوّ تتوقف الحرب على غزّة شاء نتنياهو أم أبى». وأوضح أنّ «كلّ دول العالم تطالب بوقف الحرب على غزّة إلاّ إدارة بايدن، وأقول إنّ من يصرّ على هدف القضاء على حماس هي أميركا أكثر من إسرائيل»، مشدّداً على «أنّ كلّ قطرة دم تُسفَك في غزّة وكلّ المنطقة، المسؤول الأول عنها هو الرئيس الأميركيّ جو بايدن وأوستن وبلينكن».
وأعلنَ «أنّ عملية طوفان الأقصى كشفَت الهدف الحقيقيّ الإسرائيليّ وهو تهجير الفلسطينيين من فلسطين المحتلّة أي تهجير أهل غزّة والضفة وأراضي الـ48 وإقامة دولة يهوديّة خالصة»، معتبراً أنّ «الحصار على قطاع غزّة كان هدفه الوصول إلى الموت جوعاً من دون أن يشعرَ بهم أحد في العالم وطوفان الأقصى أوقف هذه المهزلة وفضح العدوّ وجعله يدفع ثمناً باهظاً وخطيراً».
ورأى أنّه «يجب أن يكون هدف دول وحكومات المنطقة هو عدم تهجير الفلسطينيين وهذا يحتاج إلى مواجهة كبرى».
وشدّد على أن الجيش اللبنانيّ يجب أن يُصبح قويّاً ومقتدراً، لكنّ أميركا تمنع ذلك. واعتبرَ «أنّ المقاومة الشعبيّة أثبتت جدواها في إنجاز التحرير»، مؤكّداً «أنّ المقاومة في لبنان وفلسطين كسرَت ميزان الردع الإسرائيليّ وهشّمت صورته» وقال «يجب أن نتمسّك بسلاح المقاومة وقدراتها وحضورها أكثر من أي وقت مضى لأنّ هذا ما يجعل العدوّ يخاف ويرتدع وهذه ميزة المقاومة الشعبيّة».
وأضاف «في ذكرى القادة الشهداء علينا التمسّك بخيار المقاومة الصحيح والمُجدي، لا الذهاب إلى خيارات مضمونها الذلّ والهوان والضُعف»، مؤكّداً «أنّ هدفنا جميعاً في محور المقاومة كان وسيبقى هَزم العدوّ في هذه المعركة وعدم تمكينه من تحقيق أيٍّ من أهدافه التي وضعَها، وإلحاق أكبر الخسائر بالعدوّ، وخروج غزّة منتصرة من هذه المعركة».
وأكّد أنّنا «لا نتدخّل في المفاوضات بين حماس والمقاومة الفلسطينيّة وبين العدوّ ولا نتدخّل في خياراتهم»، موضحاً أنّ «المعنيَّ بالتفاوض السياسيّ هو الفصائل الفلسطينيّة التي فوّضَت حماس ونحن لا نتدخّل بما يجري في المفاوضات».
وأكّد «أنّ المقاومة ترتبط بالدفاع عن لبنان وأهله وشرفه وعرضه وماله وأرضه، ولم نفرض باسم المقاومة خيارات سياسيّة على لبنان»، مشدّداً على «أنّ سلاح المقاومة هو لحماية لبنان وكلّ اللبنانيين سواء قاتل على الأرض اللبنانيّة ضدّ العدو الصهيونيّ أو قاتل في مواجهة التكفيريين في سورية».
وأوضحَ أنّ «سلاح المقاومة ليس لتغيير النظام السياسيّ والدستور ونظام الحكم وفرض حصص طائفيّة جديدة في لبنان، وهو خارج هذه الحسابات كلّها وهذه مسألة ترتبط بالدفاع عن لبنان والجنوب وشعبنا وكرامته».
وعن الانتخابات الرئاسية قال السيّد نصر الله «موضوع الرئاسة في لبنان هو موضوع داخليّ»، مؤكّداً أن «لا حزب الله ولا حركة أمل ولا أيّ فصيل مشارك اليوم على الجبهة، تحدّثَ عن فرض رئيس جمهوريّة أو تعديل بالحصص أو النظام السياسيّ على ضوء الجبهة».
وعمّا يتحدّث عنه البعض في موضوع ترسيم الحدود قال السيّد نصر الله «لا يوجد مفاوضات لترسيم الحدود البريّة لأنّها مرسّمة، وأيّ مفاوضات ستكون على قاعدة «أخرجوا من أرضنا اللبنانية».