مقالات وآراء

حكاية وطن مقاوم

‬ عبير حمدان

نجا «حسين» ليتنفس الهواء دون اخواته وأمه وجده، لا نعلم إذا كانت الدمعة التي تخرج مصحوبة بالحرقة على مشهد انتشال الطفل الناجي من تحت أنقاض المبنى المستهدف في النبطية، هل هي مرتبطة بالقهر والحزن على أهلنا الذين يرتقون شهداء أم فرح بنجاته وحيداً يحمل جراحه التي لن ينسى مطلقاً من تسبّب بها.
سيكبر «حسين» كما كلّ الأطفال في الجنوب وفي فلسطين على أرض صلبة رغم ما يعصف بها من رياح وقتل، وسيعرف أنّ هذا الهواء مشبع بأنفاس شعب أحبّ الحياة ودافع عن حقه في الوجود، سيدرك أنّ الزهور والحقول والأشجار في بلادنا لا تعترف بالحدود والقيود، وأنّ العشب ينبت من قلب الصخر لأنه يرتوي من طهر الدماء.
***

سيكبر ويعرف أنّ أطفالاً من عمره بقيَت كتبهم ودفاترهم المدرسية تحت ركام الأبنية، وأنّ الإجرام المتصاعد يخشى حتى أحلام الطفولة والطائرات الورقية وأهازيج القرى ورايات النصر ومفهوم الحرية.
وسيعرف أنّ الأقمار في سمائنا مشعّة والشُهب أرواح تصون الأمنيات، وأنّ الشهداء لا يسقطون إنما يرتقون وهم الأحياء الحقيقيون، وأنّ المطر صلاة ومواقد الليالي الباردة جمر لا يخبو، وأنّ النعال في الأقدام الطرية أشرف من المنظمات الدولية بما تتضمّن من «قلق».
اليوم نجا «حسين»، تلقفته أيدي المسعفين من قلب السواد، لكن «هند» نبت لها جناحان الى ما بعد السموات رغم أنّ «على هذه الأرض ما يستحق الحياة» وبين حسين وهند حكاية وطن مقاوم…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى