وهل نصبح «ضاحية الكيان الفقيرة»؟
جابر جابر
تتوالى الأحداث، منذ ما قبل انفجار بيروت وبعده. حروب طاحنة أخرجت الفلسطيني من أرضه وأوْدعته في الشتات، أو مسالماً ومنبطحاً تحت جناح اليهود وإنْ كانوا قلة، أو في ضاحية فلسطين المحاصرة، في غزة.
لعلّ المسمّى «ضاحية فلسطين المحاصرة» على قسوته هو ما يجب أن يفتح أعين المشككين والمتدجّلين والمدجّجين بحب الحياة الواهية في الذلّ على إمكانية ان يصبح لبنان «ضاحية إسرائيل الفقيرة». وهذا ما تحدثت عنه صحيفة «هآرتس» منذ مدة بتحليل سبقناهم إليه ولا يتحرك تجاهه إلا قلة.
إنّ ضرب لبنان بتحكم الطائفية والتخوين من جهة، وبإفراغ مؤسساته المأكولة بالفساد من جهة أخرى، حوّل المجتمع إلى لاهث وراء الغذاء والحياة الصعبة، فيما تعوم قلة قادرة بمال معظمه عميل لتدير دفة الأمور وتعيث بالبلاد فساداً وإفساداً ومحاضرات في حب الحياة المقنع.
إنّ ضرب مرفأ بيروت ومن بعده غزة، واللهاث الحاصل بمكيدة صهيوعربية لضرب رفح تحت غطاء أميركي ما هو إلا لتعويم مرفأ حيفا وإلغاء أيّ دور لغزة، وإلغاء أيّ دور للبنان، وجعل الكيان الغاصب محور التجارة والتواصل والانفتاح عبر المتوسط بينها وبين مجموع الأعراب المنضوين تحت أنيابها.
فمخطط تعويم مرفأ حيفا، وسحب البترول، وإقامة سكك الحديد بين الكيان والسعودية والإمارات وغيرها ما هو إلا مخطط بدأت علاماته باكراً ولم يتنبّه إليها أحد، وهذا يضع لبنان على محك الاهتراء ليصبح ضاحية فقيرة في خاصرة الكيان.
إنّ الباطل يواجه بالقوة والبأس والنار والبارود، وهذا فقط يعيد الحق .
والحق يعود بالمقاومة، وبعودة الأصول لا سيما في البيئات المنفتحة العلمانية صاحبة القيَم والمبادئ المتجذرة.
يعود بدرء الخلافات والمساومات والفساد الذي يقضي على المؤسسات كلّ المؤسسات وترك المهاترات والتنبّه إلى الخطر الحقيقي المتربص بنا وبأرضنا.
إنّ المقاومة الوطنية، كلّ المقاومة، هي السبيل الوحيد للانتصار بقضايانا وبأرضنا وبمستقبل أبنائنا، فنحن بأبناء أمتنا ننتصر ولا يموت حق وراءه مقاوم ومثابر.
الخطر كبير، ولكن الحق أقوى ولا يحتاج إلا لشرع وبأس.
ولنتذكر كما قال الفادي… ليس لنا من يقاتلنا في أرضنا وديننا إلا اليهود…