تماسك قوى المقاومة والتفكك الإسرائيلي الغربي
– شكّل ظهور جبهتين عالميتين متقابلتين في الثامن من تشرين الأول الماضي، إعلاناً لما فعله طوفان الأقصى، فقد ظهر من جهة شعب فلسطين ومقاومته ومعهما قوى المقاومة في المنطقة من لبنان إلى سورية والعراق واليمن وإيران، وفي المقابل ظهر كيان الاحتلال محاطاً بأميركا وفرنسا وبريطانيا وعدد من دول الغرب، وفي الوسط وقفت عشرات دول العالم تترقّب، دول عربية وإسلامية ودول غربية وأخرى تنتمي إلى عالم الجنوب.
– في الشهر الخامس من حرب فلسطين تعاظمت جبهة فلسطين، رغم أنه ليس بينها دول عظمى، لكن بدت روسيا والصين ظهيراً مناسباً لها في استخدام الفيتو والتحرّك على إيقاع الحق الفلسطيني في المؤسسات الدولية، وكشف التصويت على وقف إطلاق النار في مجلس الأمن الدولي بقاء أميركا وحيدة الى جانب الطغيان الإسرائيلي بالمطلق. وظهرت جبهة فلسطين في التصويت اللاحق في الجمعية العامة للأمم المتحدة وقد اتسعت لتضم 153 دولة مقابل 10 دول فقط تقودها أميركا وليس بينها دولة واحدة وازنة من دول العالم.
– ظهرت التشققات الحكومية في الدول التي وقفت مع كيان الاحتلال وبدأت تضغط ومعها شارع يتعاظم حتى تفرض تعديلاً على سياسات بلادها الرسمية، كما حدث في إسبانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها، وتقدّمت دول مثل بوليفيا وتشيلي وكولومبيا لتطرح قطع العلاقات الدبلوماسية مع كيان الاحتلال كعقاب قانوني على الجرائم الإسرائيلية، بينما تقدّمت دولة وازنة مثل جنوب أفريقيا لتتصدّر المسرح القانوني في ملاحقة كيان الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية بجرائم الإبادة الجماعية بحق شعب فلسطين، وتحوّل الشارع العالمي إلى لاعب فاعل في رسم المشهد الدولي كشريك قويّ في جبهة فلسطين العالمية.
– كلما اشتدّ الضغط على غزة أكثر بدا التماسك حولها أعظم، وقدّم محور المقاومة نموذجاً أخلاقياً متفوّقاً لنمط الحلف القائم حول فلسطين، حيث أقفلت أطرافه أبواب أي تفاوض حول التهدئة في ساحاتها في وجه كل عمليات الترهيب والترغيب التي تعرضت لها وعرضت عليها، وبدا أن التماسك في ذروته تحت شعار وقف العدوان على غزة أولاً، وبعدها نسمع ونبحث ونجيب، بينما كان كلما تعاظم الطغيان الإسرائيلي يبدو التضامن مع كيان الاحتلال عرضة للتشقق والتفكك، وبدأت عدوى التفكك والانشقاق تدقّ باب الداخل الإسرائيلي، سواء عبر الشارع الذي يملأه أهالي الأسرى، أو في الأروقة السياسية المليئة بالمؤامرات والانقسامات والحسابات.
– في الشهر الخامس للحرب يقدّم تماسك جبهة فلسطين مقابل تفكك جبهة “إسرائيل”، صورة مزدوجة عن القوة والحق، فتبدو فلسطين قوية بمقاومتها وصمود شعبها الأسطوريّ، ورمزاً للحق، وتبدو “إسرائيل” ضعيفة بجيشها المتهالك رغم ضراوة ووحشيّة عمليات القتل والتدمير، ورمز الإجرام والعدوان، والأهم هو أنه لمرة نادرة يبدو الحق والقوة والتماسك في ضفة واحدة، والضعف والعدوان والتفكك في الضفة المقابلة.
التعليق السياسي