سلاح المقاومة خارج بازارات السياسة
عمر عبد القادر غندور*
في خطاب ذكرى القادة الشهداء استعرض سماحة السيد حسن نصر الله عناوين كثيرة لامست اهتمامات وهواجس ومخاوف الناس بسلاسة ووضوح وشفافية، ولم يأبه بكثرة الألغام ولا بجعجعة التهديدات وجعدنات المصطادين في الماء العكر، فجرى كلامه على لسان صدق ترجمته حكمة قالها يوماً سيدنا أمير المؤمنين الإمام علي فقال: «ما أضمر أحد شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه»، ولا غرو لأنّ سماحة السيد من أهل بيته وأتباعه…
خطاب سماحته كان وافياً وكافياً، وسنكتفي ببعض النقاط وفي مقدّمها استهداف المدنيين في النبطية، وهذا دأب الصهاينة عندما يستهدفون المدنيين على هامش المواجهة النارية، وهو ما أوضحه سماحة السيد بأنّ المقاومة لا تتحمّل المسّ بالمدنيين وعلى العدو ان يفهم ويتأكد انّ سفك دماء المدنيين سيقابله سفك دماء بالمثل. وأكد سماحته على دور المقاومة في الدعم والإسناد والنصرة لمنع العدو من تهجير الفلسطينيين من غزة كمقدمة لتهجير أصحاب الأرض أيضاً من الضفة ومن الأراضي المحتلة عام 1948، الى مصر والأردن ولبنان تحقيقاً لـ «دولة إسرائيل التلمودية».
أما الردّ على تهديدات غالنت فقد كان واضحاً وحاسماً لتكريس ساحة القتال في داخل جغرافيا الاحتلال وهذا يحصل للمرة الأولى منذ 1948 سواء في غزة أو في شمال فلسطين، وعندما يقول سماحته قبل أيام محذراً العدو الذي هدّد بالدخول الى الجنوب وانّ جنوده لن يعودوا الى منازلهم، وانّ ثمة حقائق ميدانية لم يكشفها سماحته، ولو كنا نعلم ما تكلمنا أبداً! وربما العدو لا يعلم انّ الجنوبيين يعيشون حالة عشق لأرضهم وقراهم وواحدهم يسافر الى أقاصي الأرض ويحقق نجاحات اقتصادية باهرة وعندما يعود الى لبنان تكون قبلته قريته الجنوبية وحفنة تراب منها تساوي كنوز الأرض، واذ ذاك يبقى الدفاع عن تراب الجنوب فرض عين ترخص له الأبدان والأرواح .
وكان لافتاً تأكيد سماحة السيد انّ المقاومة للدفاع عن لبنان وعن عرضه وشرفه وماله، في المقابل لم تفرض المقاومة خيارات سياسية، مشدّداً على أنّ المقاومة هي لحماية لبنان وكلّ اللبنانيين وسلاحها ليس لتغيير النظام السياسي والدستور ونظام الحكم وفرض حصص طائفية جديدة، وهي خارج هذه الحسابات، أما موضوع رئاسة الجمهورية فهو موضوع داخلي مؤكداً أنّ حزب الله وحركة أمل وأيّ فصيل مقاوم هم خارج الاستثمار السياسي.
وفي موضوع ترسيم الحدود البرية قال سماحته لا توجد مفاوضات لترسيم الحدود البرية لأنها مُرسّمة، وأيّ مفاوضات مقبلة ستكون على قاعدة: اخرجوا من الأرض اللبنانية.
وبعد هذا البيان والتبيين والكلام الواضح، لم يعد جائزاً تضليل الناس بمثل هذه الجعدنات والادّعاءات التي تصوّر الأمور على غير حقيقتها وهم في حالة ارتياب ومخالفة ومعاندة وشقاق، «أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَنا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذهَب نَفسُكَ عَلَيهِم حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمُ بِمَا يَصنَعُونَ /٨/ فاطر»
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي