دبوس
المستقبل هو للحقيقة
الفلسفة الآنية التي تعتنقها إدارة بايدن الآن، وخلال فترة الانتخابات المسعورة، هي: ضربة على الحافر وضربة على النافر، كيما تحاول ان تكسب أصوات اليهود الموالين لـ «إسرائيل»، واللوبيات الصهيونية، وكذلك العرب والمتعاطفين مع الشعب الفلسطيني، خاصةً أنّ ولايةً مثل ولاية متشيغان على سبيل المثال، المتأرجحة عادةً، بدأت تنزلق بعيداً عن الديموقراطيين، وبالتأكيد عن بايدن، نتيجة لمواقفهم مما يجري في قطاع غزة، ولكن المبدأ الذي يحكم حركة القوى السياسية في أمريكا وفي الغرب عموماً، هو اللامبدأ، فهم يبدّلون مواقفهم وتوجهاتهم على أساس المنفعة وتبنّي المواقف الأكثر جاذبيةً للأصوات، وليس انطلاقاً من مواقف مبدئية، بغضّ النظر عن مدى شعبية هذه المواقف لدى الناخب، وهو في واقع الحال المحرّك الذي يتحكّم بكلّ ما يطلقونه من آراء والتزامات، أيّ نظرية، الجمهور عاوز كده، على رأي اخواننا المصريين…
يشذّ عن ذلك بعض السياسيين الذين يطلقون المواقف من منطلق القناعات والالتزام الأخلاقي المبدئي، ومن مبعث التعاطف الشريف النقي مع بعض القضايا التي لا يمتلكون إزاءها سوى قول الحقيقة، والالتزام بالمنحى الذي يتماشى مع المنطق والعقل والإنسان، وهؤلاء قلّة حتى الآن داخل الجسم التشريعي الممثل بمجلس النواب والكونغرس، وكذلك داخل الجسم التنفيذي.
لكن الأمور تؤشر الى تغييرات جذرية آتية الى هذه البلاد، من خلال الأجيال الشابة التي ستقفز الى سدة السلطات جميعها في العقود المقبلة، فكل المؤشرات والاستبيانات تؤشر الى انّ زلزالاً قد أطاح بكلّ البناء الموضوعي لهذا البلد، خاصةً ما يحدث في غزة وفلسطين عموماً، وأنّ الكثير من أبناء الولايات المتحدة قد استفاق ذات صباح على شمس لم تكن كباقي شموس القرن الفائت، حيث انبعثت الحقيقة كالطوفان المتدفّق، تحطّم في طريقها سرديّات تعوّد الناس على التسليم بها من دون جدال، لعقود طويلة من الزمان، ولكنها في صبيحة هذا اليوم تبدّدت وتبعثرت تحت وطأة الزخم الداشع بلا ضوابط وبلا موانع على غلاف غزة، مما أطاح، وقبل كلّ شيء بمفاهيم سادت لعشرات من السنين وبدون انقطاع.
سميح التايه