كلام عون وكلام باسيل عن الجنوب وغزة
ناصر قنديل
– بالتأكيد يخطئ كل من يتناول بالانتقاد من موقع الدفاع عن المقاومة كلام الرئيس العماد ميشال عون حول حرب غزة وموقع الجنوب اللبناني فيها ودور حزب الله خصوصاً، لأن الرئيس العماد دافع عن المقاومة عندما كان يشعر أنها تحتاج دفاعه، ويعرف انه يمكنه اليوم أن يتمايز دون أن ينتقد لأنه يعلم بأنه لن يضرّها بإظهار مقاربة لها خصوصية. وهو خير من يعرف أنها اليوم أشد اقتداراً الى حد ان الاحتلال لا يملك جرأة التفكير الجدي باستهدافها والدخول معها في حرب بأوهام النصر الحاسم، كما كان الحال في عام 2006، عندما رفع العماد عون شعار «أن تُهزم مع أخيك خير من أن تربح مع عدوك»، رداً على تحذيرات جيفري فيلتمان له من أنه يقف في الضفة الخاسرة. كما يعرف العماد الرئيس أن لا مشروع داخلياً وازناً يستهدف النيل من المقاومة ما يستدعي منه حماية ظهرها من هذا الاستهداف. ويعرف أن المقاومة التي تحبّه ويحبّها تفهمه ويفهمها، فلا يضيرها أن يقول كلاماً يحاكي مزاجاً موجوداً في بعض الشوارع اللبنانية وبعض الصالونات اللبنانية، تحاول قوى مناوئة للمقاومة احتواءه وتوظيفه بصورة عدائية؛ بينما يمكن له استيعابه وتوظيفه على قاعدة التفهّم والتفاهم والحوار مع المقاومة.
– عقب الكلام النابع من ملاحظات عامة أبداها العماد الرئيس، كتب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل كلاماً سياسياً، يحدّد موقف التيار الذي ينظر للعماد عون بصفته الأب الروحي للتيار، واضعاً كلام العماد عون في مكانته الأبوية والروحية، محدداً مقاربة التيار بأربع جمل سياسية واضحة، أولاً «موقفنا بديهي بالوقوف لجانب حق الفلسطينيين بدولتهم، والتنديد بالعنف الإسرائيلي الذي يمارس على المدنيين بغزة وبالجنوب، وموقفنا بديهي بأن نقف مع كل لبناني وتحديداً مع المقاومة لحماية لبنان، بمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية؛ وهذا اساس وثيقة التفاهم اي الدفاع عن لبنان»؛ ثانياً «لسنا مع تحميل لبنان مسؤولية تحرير فلسطين، فهذه مسؤولية الفلسطينيين. وإننا لسنا مع وحدة الساحات أي ربط لبنان بجبهات أخرى، وتحديداً ربط وقف حرب الجنوب بوقف حرب غزّة، مع فهمنا لدوافعها»؛ ثالثاً «تلقينا بإيجابية الكلام الأخير للسيّد حسن ونصدّق أنه لا يسعى لتحويل أي ربح في الخارج إلى ربح بالداخل وتغيير موازينه أو معادلاته، كذلك موقفه المفهوم من ان لا ترسيم للحدود بل استرداد أرضٍ مسلوبة»؛ رابعاً نفهم تماماً الخوف من أن يأتي دور لبنان بعد غزّة، ونقدّر معادلة الردع التي ثبّتها حزب الله، وانبثقت منها قواعد الاشتباك، وهي وحدها منعت حتّى الآن «إسرائيل» من الاعتداء الكبير على لبنان، ونثني على الجرأة والحكمة معاً بمواقف السيّد حسن نصر الله، وما يظهره من حرص على لبنان وبما يؤدي الى حمايته من دون خسارة المكتسبات الاستراتيجية التي تحقّقت.
– لا تتطلع المقاومة ولا تحتاج إلى موقف من التيار الوطني الحر يتجاوز ما قاله رئيسه النائب باسيل، من موقعه كحليف، ولا يُحرج المقاومة او يزعجها أو يضعفها ما أكده باسيل من عناصر تمايز طفيفة، وهو يثبّت ويعزّز نقاط التلاقي الجوهرية. وما قاله باسيل يصلح لأن يكون سقف ما تطلبه المقاومة كمواقف من أي طرف لبناني وطني، حتى من يختلف مع المقاومة في الكثير من القضايا والشؤون الداخلية، ويجب ألا يفهم الاستناد الى كلام باسيل تجاهلاً لكلام العماد عون، بل وضع لكل من كلام العماد عون والنائب باسيل في سياقه ومكانته، بصفتهما وجهين لحقيقة واحدة قيل كل منهما بلغة، تعبيراً عن الحاجة وعن الموقع، الحاجة لمخاطبة المعترضين من موقع الأب الروحي ومقابلها الحاجة لمخاطبة المقاومة وخصومها من موقع التيار كحزب سياسي يحدد موقعه على خريطة العلاقات السياسية، وفق ما تحدده المشتركات الاستراتيجية والتباينات التكتيكية.