أنصار الله: إلى المزيد
منذ أن بدأ الأميركيون والبريطانيون غاراتهم على اليمن، وهم في كل مرّة يتحدّثون عن التصعيد العسكري كطريق لجعل الملاحة في البحر الأحمر أكثر أماناً أمام السفن التابعة للدول المؤيدة لكيان الاحتلال، خصوصاً السفن الأميركية والبريطانية، وهم لا ينكرون أن الحل الجذري ليس بمتناول اليد، ولذلك يكتفون بوضع هدف راهن هو تحسين شروط العبور في البحر الأحمر، فهل حدث ذلك؟
خلال 45 يوماً من بدء التدخل الأميركي البريطاني تحوّل البحر الأحمر ساحة مواجهة عسكرية هجرتها السفن التجارية، بما في ذلك تلك التي ليست لديها مشكلة في العبور وفقاً لتعريفات أنصار الله قبل القرار الأميركي البريطاني باعتماد القوة العسكرية في مواجهة أنصار الله، ويكاد لا يمضي يوم لا نشهد فيه استهداف سفينة، وخلال الأسبوع الواحد تحترق او تغرق سفينة، وكل يوم تتم إعادة عدة سفن لتسلك طريقاً آخر بعد منعها من عبور البحر الأحمر، ما يعني بوضوح لا لبس فيه أن التحسن المنشود الذي بشر به الأميركيون والبريطانيون كان مفعوله عكسياً. فساءت الأحوال الملاحية وتراجعت حركة التجارة الدولية عبر البحر الأحمر.
الواضح أيضاً أن ليس في جعبة الأميركي والبريطاني ما يفعلانه أكثر مما يفعلان الآن، لأن الغارات التي تستهدف مواقع حركة أنصار الله ومستودعاتها المفترض أنها مخصصة لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، والواضح بالمقابل أن هذه الغارات لا تصيب أنصار الله بالأذى الذي يؤدي إلى انخفاض مستوى قدرتهم على منع السفن المدرجة عندهم على لوائح المنع، والأبعد من ذلك يعني غزواً برياً يعرف الأميركيون أنه فوق طاقتهم، كما يعرفون أنه سيجلب لهم هزيمة مدوية هم بغنى عنها. بينما ما تفعله الغارات هو قصف جهة أتقنت طوال سنوات التعامل مع غارات مشابهة بطائرات مشابهة ولأهداف مشابهة، وهي جهة صاحبة قيم ومبادئ وعقيدة لا يسهل دفعها للتراجع بالتهديد. ومعادلتها أن وزنها في البحار لم تستعمله خلال حربها الدفاعية المباشرة لكنها لم تتردّد في توظيفه لفك الحصار على غزة، والهدف بسيط وإنساني وواضح، فك الحصار عن قطاع غزة.
اليمن إلى مزيد من استخدام تقنيات جديدة منها صواريخ مطوّرة، كما قال الأميركيون أنفسهم، ومنها سفن مسيّرة انتحارية فوق الماء وتحت الماء، والنجاح بإغراق سفن تجارية تمرّدت على قرار المنع. والطريق متاح لإنهاء هذا الوضع، والعنوان إيقاف الحصار عن غزة ووقف الحرب عليها.
عبثاً يتوهم الأميركيون أن قوتهم تمنحهم وضعاً متفوقاً في البحر الأحمر، وأن تهديداتهم وغاراتهم سوف تُعيد لهم قوة ردعهم المتهالكة، بينما كل شيء يقول إن لا حلّ إلا بوقف الحرب والحصار على غزة. وهذا ممر إلزامي سوف يكتشف الأميركيون عاجلاً أم آجلاً أنه طريقهم الوحيدة لإعادة العافية الى الملاحة في البحر الأحمر.
التعليق السياسي