الطيار الأميركي آرون بوشنل يحرق نفسه لأجل فلسطين: لن أشارك في الإبادة/ الدوحة تفاوض: رئيس الحكومة يلتقي رئيسَيْ الموساد والشاباك والأمير يستقبل هنية / غارات إسرائيلية قرب بعلبك… والمقاومة تقصف بـ 60 صاروخاً قيادة «الجولان»
كتب المحرّر السياسيّ
في واحدة من صرخات الإنسانية النادرة وصحوات الضمير الإنساني الفريدة، أقدم الطيار الحربي الأميركي آرون بوشنل على حرق نفسه حتى الموت أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وهو يردّد عبارات، لن أشارك بعد الآن في حرب الإبادة، وفلسطين حرّة، مضيفاً “سأنظّم احتجاجاً عنيفاً للغاية الآن، لكن احتجاجي ليس كبيراً بالمقارنة مع ما يعيشه الفلسطينيون على أيدي محتليهم”، ثم أضرم النار في نفسه وهو يصرخ “الحرية لفلسطين” مراراً وتكراراً حتى توقّف عن التنفس.
الحادث الاستثنائيّ هزّ العالم، ولم يجرؤ أحد على وصفه بالانتحار، فقد كان واضحاً أن الرجل الأميركي الأبيض وغير المسلم وغير العربي، وقد أصبح عبء مشاهد المذابح اليوميّة على ضميره ثقيلاً، قرّر أن يهب نفسه وقوداً لإشعال نورٍ يضيء به طريق رفاقه وزملائه وسائر الأميركيين، داعياً لعدم قبول شهادة الزور والمغامرة بالشهادة للحقّ وصولاً للاستشهاد من أجله.
في حرب غزة، رغم ضراوة المعارك التي تخوضها المقاومة وتُسقط فيها جنود الاحتلال قتلى وجرحى، خطف المسار التفاوضيّ الأضواء مع انتقال المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة وكيان الاحتلال الى الدوحة، حيث التقى رئيس الحكومة محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيسَيْ وكالتي الأمن الإسرائيليتين، الموساد والشاباك، اللذين نقلا تصوراً إسرائيلياً تفاوضياً، قالت الأوساط الإعلامية الإسرائيلية إنه يحمل أفكاراً جديدة. وقامت الدوحة بتسليم المقترح الإسرائيلي الجديد إلى قيادة حركة حماس، حيث استقبل الأمير تميم بن حمد آل ثاني رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
وفقاً لمصادر متابعة للمسار التفاوضي، تضمنت الورقة الإسرائيلية أفكاراً مثل، اشتراط عودة تدريجية للنازحين إلى شمال القطاع باستثناء مَن هم في سنّ الخدمة العسكرية، وقبول زيادة دخول المساعدات والمنازل المؤقتة للقطاع وإدخال آليّات ومعدات ثقيلة بينما اكتفى جيش الاحتلال بطرح إعادة التموضع خارج المناطق المكتظة ووقف الاستطلاع الجويّ ٨ ساعات يومياً. أما المفاجأة السلبية فكانت باقتراح “إسرائيل” إطلاق سراح 400 أسير فلسطيني بينهم عدد من أصحاب الأحكام العالية، مقابل الإفراج عن 40 أسيراً إسرائيلياً من النساء والأطفال.
لبنانياً، أكمل جيش الاحتلال ما بدأه من استفزازات تتمثل باستهداف مواقع بعيدة عن الجبهة، في محاولة لمنح المصداقية لحديثه عن الحرب الشاملة، واستخدام هذه المصداقية المفترضة من أطراف لبنانية لتنظيم حملات تشكيك بصحة ما يقوم به حزب الله، إضافة لتوظيف هذه الاستهدافات وما يرافقها من صخب إعلامي بزيادة عمليات التهجير بين صفوف مؤيّدي المقاومة، لخلق توازن التهجير كمدخل للتفاوض. وقالت مصادر عسكرية إن المقاومة ترد على التوسيع بالتثقيل، عبر تكرار استهداف من المؤكد أنه يصيب منشآت وتجهيزات وبنى عسكرية نوعية كما حدث في موقع ميرون، وأن معادلة المقاومة هي وقف الحرب على غزة، كمدخل إلزاميّ لكل الحلول التفصيلية لسائر الأزمات.
كسرت قواعد الاشتباك مع تجاوز العدو الإسرائيلي نطاق العمليات الجغرافي وتوسيعه رقعة الحرب. فقد استهدفت غارات إسرائيلية وللمرة الأولى، منطقة بعلبك، وتحديداً حوش تل صفية «حيث توجد مستودعات لتخزين المواد الغذائيّة لمؤسسات السجاد». ونعى حزب الله «الشهيد حسن علي يونس من بلدة بريتال في البقاع»، ونعى أيضاً «الشهيد أحمد محمد سنديان من بلدة علي النهري في البقاع».
من جانبه، أكد حزب الله أن «الضربة الإسرائيلية على بعلبك «لن تبقى من دون ردّ حيث استهدف بعد ظهر أمس مقر قيادة فرقة الجولان في «نفح» بستين صاروخ كاتيوشا». وبحسب المعلومات من حزب الله فإن القاعدة تضمّ، مقر قيادة الفرقة الإقليمية 210 (الجولان) مقر قيادة اللواء الإقليمي 474، عيادة اللواء الإقليمي 474، معسكر عوز مقر قيادة الكتيبة المدرعة 77، مستوى قيادياً من فوج المدفعية 209، تشكيلات برية من قوام القوات المتدرّبة في معسكرات الجولان، مقر قيادي فرقي أمامي في حالات الطوارئ وقيادة أماميّة لتشكيلات تعمل على الاتجاه السوريّ، محطة اتصالات قيادية وتكتيكية أفيك رهاف وايتاكس، مشغل صيانة أمامي 754 لوحدة التسليح الإقليمية الشمالية لصيانة الآليات المدرعة».
كما نعى حزب الله الشهيد حسن حسين سلامي “محمود” 74 من بلدة خربة سلم في جنوب لبنان، في الغارة الإسرائيلية التي استهدف سيارة في بلدة المجادل.
وتابع رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية الأوضاع العامة، لا سيما المستجدات الميدانية على ضوء تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان والقرى والبلدات الجنوبية، خلال لقائه قائد قوات اليونيفل العاملة في جنوب لبنان اللواء آرولدو لاثارو والوفد المرافق.
وأكد مستشار رئيس مجلس النواب نبيه برّي علي حمدان أن اتصالاً هاتفياً حصل بين الرئيس نبيه بري والوسيط الأميركي أموس هوكشتاين لمتابعة بعض الأمور، مشيراً إلى أن هوكشتاين لا يحمل أي طرح، بل مجرّد أفكار، وقد وعد الوسيطُ الأميركي الرئيس برّي بإرسال نصّ مكتوب بهذه الأفكار خلال مدّة يومين ليُصبح التفاوض وفقاً لنصٍّ مكتوب، ولكن حتى الآن لم يصلنا أي شيء من هوكشتاين. وأضاف حمدان: الردّ متوقّع وإن كان اليومان أصبحا أسبوعين.
وعقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سلسلة اجتماعات وزارية في السراي تناولت مجمل الملفات المطروحة. وأعلن وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب بعد اجتماع مع رئيس الحكومة: “بحثنا مع الرئيس ميقاتي في الردّ على المقترح الفرنسي ونحن نهيئ الرسالة التي اتفقنا عليها، والنقاط التي سنتناولها، وإن شاء الله يكون الرد لدى الفرنسيين الأسبوع المقبل”. وقال رداً على سؤال “موقفنا معروف ونريد تطبيقاً كاملاً وشاملاً للقرار 1701 ومن ضمنه شبعا وكفرشوبا”. وقال “نرحّب بالدور الفرنسي، ولقد أعطانا الفرنسيون هذه الأفكار لأن يهمهم لبنان وسلامة لبنان”. وقال بوحبيب خلال استقباله السفيرة الأميركية ليزا جونسون وسفير إسبانيا خيسوس سانتوس أغوادو: “مستمرّون بجهودنا الهادفة إلى احتواء التصعيد، ووقف تدحرج الأمور إلى الأسوأ، لا سيما من خلال ما نشاهده هذه الأيام من اعتداءات مقلقة جداً تهدّد ليس فقط أمن لبنان بل المنطقة بأسرها.»
رئاسياً، تتجه الأنظار إلى مبادرة كتلة الاعتدال الوطني والتي سوف تزور، بحسب ما علمت البناء، اليوم رئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط على أن تزور هذا الاسبوع أيضاً رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، ومع ذلك تقول مصادر سياسية مطلعة لـ “البناء” إن المبادرة لن تصل إلى خواتيمها خاصة أنها لا تحظى بدفع إقليمي، رغم أن أعضاء الكتلة التقوا بعدد من سفراء الخماسية. ورغم ذلك يقول مصدر من الاعتدال إن كل القوى السياسية التي زارها وفد كتلة الاعتدال أبدت إيجابية نحو المبادرة، التي تجسد أهمية انتخاب رئيس للجمهورية من دون نيات مسبقة، فنحن نعمل على تأمين حضور ممثلين عن ثلثي المجلس، عندها ستتم الدعوة إلى جلسة للتفاوض تمهيداً لنقل مطلب 86 نائباً إلى الرئيس بري بضرورة الدعوة إلى جلسات متتالية لانتخاب رئيس.