دردشة صباحية
محمود درويش فعل ذلك*
} يكتبها الياس عشي
أنا إنسان عاديٌّ، رأيت، وكنت طفلاً، قوافل اللاجئين الفلسطينيين، وخيامَهم، ومفاتيحَ بيوتِهم، وعيونَهم المسكونةَ بحلم العودة. سمعتُ أجراس الكنائس وصوتَ المؤذّن في بكاء صغارهم، ودمعةِ شيوخِهم! ولكنّني، وقد كبرت، لم أستطع أن أحوّلَ هذه المشاهد إلى رؤية، ومحمود درويش فعل ذلك.
محمود درويش قاتلَ، حتّى وهو يتمدّد في غرفة العناية الفائقة، ومحمود درويش خطّط لرؤية شعرية تخرج القصيدة العربية من هودج البادية، ومن سجن القوافي، ومن الإيقاعات الرتيبة، ومن الغنائية إلى المواجهة.
محمود درويش في «جداريته» وقبلها «سجّل أنا عربي»، وفي كلّ كلمة قالها على ورقة أو فوق منبر، كان يثبت أنه شاعر غير عادي لوطن غير عاديّ، ولأطفال غيرِ عاديين استبدلوا ألعابهم بحجارة صارت جزءاً من حكايات المقاومة.
هل مات فعلاً محمود درويش…؟
عندما تنطفئ نجمة لا ينطفئ شعاعها، لمئات السنين تبقى شاخصةً إلينا. ومحمود درويش الذي سبقنا إلى إبداعاته، ومواقفه، وتحدّيه، سيبقى النجمة التي ستقودنا إلى بيت لحم والناصرة والقدس لنشارك في إقامة أقواس النصر…
*من كتاب قيد الإصدار «قرأت لهم… كتبت عنهم… أحببتهم».