آخر الكلام
ثقافة الطفولة*
الياس عشّي
لا يمكن للمشهد الثقافي أن يكون مؤثّراً، وفاعلاً، وديناميّاً، إلّا من خلال رؤية متكاملة وموضوعية لمشهد آخر هو «ثقافة الطفولة». فثمّة أحاديثُ كثيرة عن ثقافة المقاومة، وثقافة العولمة، وثقافة صراع الحضارات و… و… ولكن هذه الثقافات المتداولة عبر كلّ وسائل الإعلام، لا يمكن أن تنضج إلّا بثقافة الطفولة.
فبعد النكسات التي تعرّض لها الإنسان العربي، وعلى رأسها هزيمة 1967، حزم بعضُ الشعراء وكتّابُ القصة أمرهم، وقرّروا أن يكتبوا للأطفال فقط، عسى أن يساعد ما يكتبونه على ولادة أجيال قوية وقادرة لا يخجل بها أحد.
وكان على رأس هؤلاء الهاربين من عالم الكبار إلى عالم الصغار، الشاعر سليمان عيسى، والقاص زكريا تامر، وعادل أبو شنب، وياسين رفاعية، وغيرهم كثيرون، فتعدّدت عناوين كتب الأطفال، ووجد هؤلاء الصغار أخيراً من يهتمّ بعالمهم بعدما أُهملوا لسنوات طويلة.
هذه المقدمة أساس للدخول إلى أدبيات الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي اتسعت مكتبته لكلّ العناوين، لكنها افتقرت، وما تزال، إلى كتاب يتكامل فيه اللون والمحتوى، نضعه أمام صغارنا الذين راهن عليهم مؤسس النهضة أنطون سعاده.
إنّ التوجه إلى أجيال المستقبل لا يكون عبر المخيمات فقط، التوجه الصحيح يتمّ عبر مخاطبة الأطفال، والاحتكاك بهم، والتأسيس لعالم رمزي إيحائيّ خاصّ بهم، يتعاطون عبره مع سمكة ملونة، وأرنب، وعصفور، وكلّ الأشياء الجميلة التي يهدس بها الأطفال في يومياتهم، وفي أحلامهم.
*من كتابي الأخير «قرأت لهم… كتبت عنهم… أحببتهم».