دبوس
الزوال الحتمي
لهذا الوجود السرطاني
لقد انبثق مع انبثاقة الطوفان الصراع الحتمي البائن بلا أقنعة، وبدون رتوش مزيفة بين الأوليغارشية الرأسمالية العنصرية الفاشية والصهيونية العالمية في مواجهة كلّ الاستضعاف العالمي في الجنوب وفي الشمال، في الشرق وفي الغرب، كلّ أسفر عن ماهيته، وكلّ استحضر الخبيئة في ذاته بدون تلميع وبدون مواربة، الصهيونية ومن يؤيدها ويمدّ لها يد العون الباذخ مالياً وإعلامياً وعسكرياً أسفروا عن هذا الوجه الكالح، وتلك العنصرية المريضة والكمّ المذهل من الكراهية والرغبة في إلغاء الآخر، والتي يجري الحديث عنها في الغرف السوداء المغلقة، وفي الاجتماعات المقتصرة على هذه التكتلات الاستئصالية وفي الخطاب الشعبوي الضحل التافه…
ثم… بعد الطوفان، انطلق اللسان الذي قيّده في الماضي بقية من الاستحياء، وشعور في اللاوعي بمدى شذوذ هذا النمط من التفكير، انطلق يعبّر عن هذه الذات العفنة المارقة، وبالذات في سرديات يهود التلمود، وأصبح التحدث علناً وبوقاحة منفّرة بائسة عن قتل الأطفال والنساء، والرغبة في إبادة الآخر بكلّ مكوناته، أصبح جهاراً وبلا حياء وبلا خجل، عقل بكلّ هذا القصور في المقدرة الفلسفية على إدراك التنوّع الإنساني، والحاجة للتعايش والاعتراف بالتميّز الوظيفي لكلّ انسان فيما يخلق التكامل الوجودي لهذه الإنسانية، وأنّ الفرادة المقدريّة لكلّ إنسان تخدم التكامل الانساني ولا تشكّل مدعاةً للإلغاء، عقل لا يستطيع إلا ان يقوم بإدانة الآخر إلى درجة الرغبة بالإبادة هو عقل لا يستحق البقاء على سطح هذه البسيطة، هو عقل سرطاني لا يستطيع ان يدرك ان التوجه نحو الرغبة في إفناء الآخر يحمل في طياته الفناء الكلي الحتمي للوجود الإنساني، والدليل على ذلك أننا لم نشهد حتى الآن البقاء لحامل الظاهرة السرطانية، وتكوّن جسم سرطاني يستمر في الحياة بعد قضائه على الخلايا الأخرى، النتيجة الحتمية والإلهية لهذا التصرف، هو فناء الحامل الكلّي، وليس استمراره في الوجود على هيئة جسد سرطاني، لأنّ الكون يقوم على التعدّد والتكامل والتعاون بين مكونات الوجود المختلفة المتنوعة.
سميح التايه