فوائد جيران الهناء…
} عبدالملك سام (حنظلة) – اليمن
دخلت سعاد لتستعجل زوجها سعيد للذهاب للترحيب بجيرانهم الجدد، جيمس وزوجته مادونا، وهما أميركيا الجنسية.. كان البيت أنيقاً بحق، والزوجان راقيان جداً، ورغم كرم الضيافة إلا أنّ سعاد شعرت بالكآبة، وغادر الزوجان عائدين إلى منزلهما المتواضع، ولم يتبادلا كلمة واحدة طوال الليل؛ فسعاد كانت مندهشة مما رأت، ونامت وهي تشعر بالغبن وتلعن حظها.
خلال الأيام التالية تبادلت الزوجتان الزيارات، وفي أحد الأيام، وتحت إلحاح مادونا، صارحت سعاد مادونا بسبب حزنها، فأكدت لها مادونا أنها ستساعدها… وفي اليوم التالي جاءت مادونا إلى بيت سعاد لتخبرها بأنّ زوجها وافق أن يعطي سعيد قرضاً لكي يستطيع تحسين منزله، وأنه تكلم مع مهندس يعرفه أسمه جيرالد لتنفيذ التعديلات التي ستحوّل المنزل إلى قصر رائع.
ألحّت سعاد على زوجها سعيد ليوافق، وفعلاً تمّ الأمر، وجاءت الآلات والمعدات لتبدأ عملية التطوير التي استغرقت شهرين فقط. ولم يصدق الزوجان مدى فخامة البيت الجديد الذي كان أقرب إلى قصر أحلام رائع، ولكن رغم هذا كان سعيد قلقاً من كيفية ردّ الدين لجيمس، ولكن زوجته طمأنته بأنها ستشترك في جمعية ليتمكن من ردّ الدين وفوائده، وبأنّ الأمور تتحسّن طالما هما يشعران بالسعادة.
في موعد القسط الأول، ذهب سعيد إلى منزل جيمس لردّ الدين بعد تسلّمت سعاد سهم الجمعية، ولكنه فوجئ بأنّ جيمس ومادونا لم يكونا هناك، وأخبره أحد الجيران أنّ الزوجين سافرا إلى بلدهما قبل عدة أيام لانتهاء عقد عمل جيمس، وأنهما باعا منزلهما ورحلا! عاد سعيد وأخبر زوجته بما عرف، ورغم أنّ سعيد كان قلقاً، إلا أنّ سعاد كانت سعيدة بهذا الخبر الذي سيمكنهما من شراء سيارة فارهة تليق بقصرهما الحديث.
بعد عامين تفاجأ الزوجان بقدوم جيرالد (المهندس) إلى قصرهما للمطالبة بأتعابه، وأبرز جيرالد الاتفاق الذي وقّع عليه سعيد، وأكد لهما أنه لم يتسلّم فلساً من المبلغ المتفق عليه! ولم يجد سعيد بداً من طلب أن يمهله جيرالد عدة أشهر لتوفير المبلغ، ووافق جيرالد مقابل أن يعطيه سعيد السيارة كتعويض عن هذا التأخير، وتمّ الاتفاق.
بعد عدة أشهر جاء أميركي آخر يُدعى ديفيد إلى منزل سعيد ليطالبه بمبلغ كبير، وأبرَز ديفيد الكمبيالات التي وقعها سعيد لجيمس والذي قام بنقل ملكية الكمبيالات لديفيد، وعليه فقد جاء يطالبه بالمبلغ وفوائده المركبة المتراكمة! لم يجد سعيد مناصاً من أن يوافق على شروط ديفيد لكي يعطيه مهله حتى يجد حلاً لهذه المصيبة.
لذلك نجد أن ديفيد أصبح ينام في غرفة نوم سعيد، وسعيد وزوجته وأطفاله يعيشون في الطابق الأرضي الخالي من الأثاث بعد أن باعوه ليسدّدوا بعض فوائد المبلغ التي تراكمت حتى صارت بلا نهاية! وبعد مدة اضطر سعيد لبيع القصر لديفيد لتسديد جزء من هذه الفوائد، وقد وافق ديفيد أن يتكرّم على سعيد وأسرته بالبقاء في الطابق الأرضي كخدام لديفيد حتى يستطيعوا أن يسدّدوا الفوائد وفوائد الفوائد التي يدين بها سعيد لديفيد!
ملحوظة: هكذا تفعل أميركا بدول العالم النامية عبر البنك وصندوق النقد الدوليين، وعبر نظام الفوائد (الربوية) يتمّ السيطرة على الحكومات والدول الغافلة عن هذا الخطر، والتي اعتقدت أنها أذكى من الشيطان!
ملحوظة ثانية: هذا المقال مستوحى من كتاب (أعترافات قاتل اقتصادي) لجون بيركنز الذي أثار ضجة كبيرة في العالم.
ملحوظة ثالثة: لا تنتظروا أن تتخذ «أمّ الدنيا» موقفاً مع غزة؛ فعلى ما يبدو أنّ حكومتها لم تقرأ الكتاب! قال «رأس الحكمة» قال…!؟