آخر الكلام
اسحبوا من الإعلام ملفّ وحدة الحزب السوري القومي الاجتماعي*
الياس عشي
يحتفل الحزب السوري القومي الاجتماعي بالذكرى الحادية عشرة بعد المئة لولادة المؤسس الزعيم أنطون سعاده. تُرى ماذا أعدَدنا، نحن القوميين، لاستقبال الأول من آذار هذا العام؟
وأنا لا أتحدث عن البيانات التي ستصدر، ولا عن الخطابات التي ستلقى، ولا عن الشموع التي ستضاء، ولا عن الاحتفالات التي ستقام حتماً في الوطن وعبر الحدود؛ هذه صارت من الطقوس. تعوّدناها حتّى الإدمان. صارت جزءاً من الأرشيف.
أنا أتحدث عن الدعوات الداعية لوحدة الحزب عبر مقالات واجتماعات ومؤتمرات صحافية، والتي يعلو سقفها عادة كلّما اقترب الأول من آذار.
والمطلوب طيّ هذا الملف، وسحبه من التداول، وخاصة من وسائل الإعلام.
والسبب أنّ التلف الناتج عن طرح الموضوع لا يمكن ترميمه، إذ كيف يمكن لشرائح متعددة من الناس المعجبين بعقيدة الحزب، أن تقنعهم بوحدة الأمة وهم يقرأون ليلَ نهارَ عن انقسام الحزب؟ وكيف تقنعهم بمعادلة الإنسان ـ المجتمع الذي بشّر به سعاده وهم يرون الصراع الداخلي يكرّس الأنا بديلاً عنه؟ وبماذا تجيبهم عندما يسألونك بابتسامة صفراء: أنتَ مع مَن؟
أنطون سعاده لم يتردّد في طرد أيّ قومي انحرف عن العقيدة، والأسماء كثيرة وكبيرة، ولكنها لم تكن أكبر من الحزب. سعاده حافظ على الوحدة الفكرية والنظامية في الحزب، واستشهد من أجلهما. فهل تستطيع القيادة الحزبية الحالية أن تحذو حذو سعاده؟
بعض الداعين لوحدة الحزب يطالبون باجتماع «الرؤساء» الثلاثة، والاتفاق على صيغة تعيد للحزب وحدته. وأنا أعتقد أنّ مجرد انعقاد هذا الاجتماع هو تكريس «مقونن» للأحزاب الثلاثة»، وسيشجّع الكثيرين من أصحاب الرؤوس الحامية على المطالبة بمقاعد خاصة لهم في مقصورة الرؤساء.
قلت مرّة: الإبداع هو القدرة على إحداث فرق. وخلود سعاده كان في قدرته الخارقة على إحداث هذا الفرق. منذ أن طرح سؤاله «ما الذي جلب لأمتي هذا الويل» لم يتوقف سعاده عن الصراع من أجل إحداث هذا الفرق. ونجح في ذلك.
المطلوب من القيادة الحزبية المنبثقة من سلطة المؤتمر القومي، أن تحتفل هذا العام بمولد سعاده بخطوات تحدث الفرق.
كيف؟ الجواب عند القيادة الحزبية التي ترعى المؤسسات، وتديرها، وعلى عاتقها وحدها تقع مسؤولية المحافظة على المؤسسات، ومسؤولية اختيار الهدية التي ستقدم إلى سعاده في ذكرى ولادته.
*هذا المقال نُشر في الأول من آذار سنة 2015 بمناسبة الاحتفال بذكرى ميلاد سعاده، وأعيدُ نشره الآن لأهميته