البطش والتجويع: الوجه الآخر للعدوان
وفاء بهاني
على مرأى ومسمع من العالم كله خلال القنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي تبث جرائم الإبادة الوحشية والمجازر الإجرامية التي يرتكبها الكيان الصهيوني المغتصب، ويبقى الجميع من الدول العربية والرأي العالمي مكتوفي الأيدي لا يستطيعون أن يحركوا ساكناً تجاه هذه الوحشية وعدم الإنسانية.
في الوقت ذاته يخسر فيه الكيان صورته والتي طالما رغب أن يصدرها من خلال الإعلام الكاذب على أنه «الضحية»! فبات الجميع من أحرار العالم يرى هذا الوجه القبيح لهؤلاء المحتلين.
عندما تقوم الدول بإيصال المساعدات إلى شعب محاصر يواجه الجوع والقصف والموت عن طريق إلقاء المساعدات الغذائية عن طريق الطائرات، يظهر ذلك كواحد من مظاهر الانصياع لإرادة الكيان الصهيوني من قبل العالم أجمع، يعني هذا أنه لا يوجد قرار فعّال يُتخذ بشأن ما يجري في القطاع، إلا بسلطة هذا الكيان المغتصب.
عندما يشاهد العالم مختلف اللقطات والمشاهد المأساوية للموت والتدهور في غزة نفسياً ومعنوياً وكذلك المشاهد التي تُهين كرامة الإنسان فهذا يعني أنّ ذلك الكيان المغتصب ينوي إخضاع أصحاب القضية وإذلالهم.
واللجوء إلى الإغاثة الجوية لمساعدة المدنيين المحاصَرين في غزة يظهر أنها الطريقة الوحيدة التي تستطيع الدول من خلالها مساعدة المدنيين، وإنقاذهم من خطر الموت جوعاً، وذلك لرفض وعدم تسهيل العدو لتنظيم قوافل مساعدات عن طريق البر، والتي يرى الكيان الصهيوني أنّ بهذه السياسات التي يفرضها من الحديد والنار يفرض سيطرته وهيمنته على إرادة الجميع.
عرض مشاهد ومجازر الإبادة عبر القنوات المرئية يرى الكيان أنه يخدم مصالحه فهو يستغلّ الأحداث لتبرز قوّته وقسوته في التعامل مع أيّ تحدّ يواجهه، وتظهر استهتاره بالتنديدات العربية والدولية والضرب بها عرض الحائط.
لعلّ السبب الأساسي في هذه الهيمنة الصهيونية وارتكابها لهذه المجازر دون الخوف من المحاسبة الدولية هو مساندة الكثير من الدول الغربية لها، ومساندة أميركا لها، وتطبيع العديد من الدول العربية.
أما السبب الثاني الذي يجعل الكيان الصهيوني المغتصب يقوم بهذه الجرائم المشينة هو أنّ هذا الكيان أصبح صورته الإجرامية التي اعتاد على أن يقوم بإخفائها وتجميلها بإعلانه أصبحت واضحة وضوح الشمس أمام العالم كله فلم يبقَ له ما يخسره بشأن شكله أمام المجتمع الدولي فيستمرّ في إبادته الوحشية وطرقه الدنيئة خاصة في التعامل مؤخراً من لبنان.
الكيان الصهيوني يسعى جاهداً لمحو هزيمته في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من الذاكرة الجماعية، وذلك عبر تبديل هذا النصر المجيد الذي سطره أبطال المقاومة بصور القمع والعنف والتخويف، التي تعتبرها علامات قوة واستعادة السيطرة. ومع ذلك، يظل! الحق وقوة العدالة هما المتصدّر الأول للمشهد وليس أفعال الكيان الدنيئة ضدّ المدنيين.
فقد ولى عهد تزوير التاريخ، فالآن أصبح هناك قنوات مرئية توثق، وأحرار يسطرون التاريخ، وستظلّ أحداث السابع من أكتوبر وأعمال المقاومة المجيدة هي النقطة المضيئة في هذا التاريخ منذ اندلاع الحرب في هذه الحقبة.
لاعبو دور الوساطة من العرب يهتمّون بوضوح اهتماما بالغاً بأسرى الكيان لدى المقاومة، وهم قلة لا يزيدون عن 200 شخص، بينما يبدون قلة الاهتمام أو الاكتراث بمصير أكثر من 2,5 مليون أسير محاصر ومعرّض للجوع في غزة. وتنشغل الوفود والوساطات بأمان 150 ألفاً من مستوطني الكيان رحلوا عن الديار التي هي من الأساس أرض الفلسطينيين المغتصَبة دون الاكتراث بشعب بأكمله عرضة في كلّ دقيقة تمرّ للموت والتهجير.
في حين أنّ لاعبي دور الوساطة همّهم الشاغل هو وقف إطلاق النار لا بدّ أن يكون تركيزهم على إنهاء هذه الإبادة الجماعية وسياسة الإذلال التي يتعرّض لها أكثر من اثنين ونصف مليون مدني في قطاع غزة…