قناة بن غوريون عبر ميناء أميركي
} وفاء بهاني
مشهد يبدو عبثياً للغاية، فحجج المساعدات الإنسانية التي تقدّمها الولايات المتحدة لم تعد مبرّرة بعد الكشف عن وجهها الخبيث، إذ يبدو أنها لم تكن سوى غطاء لأنشطتها الخفية التي تساهم في تلويث أيديها بدماء الأبرياء من أجل دعم الكيان الصهيوني، فهل حقاً تحتاج المساعدات الإنسانية الواقعة على سواحل غزة إلى ميناء أميركي، يمكن أن يستوعب البوارج وأكثر من ألف جندي؟ وهل تعتبر هذه المساعدات مجرد غطاء لأنشطة عسكرية اقتصادية كثمن للبترول الذي يمكن لأميركا تسويقه على سواحل غزة؟
بدأت الولايات المتحدة في التحرك عندما شعرت بوجود تهديدات تواجه مشروعها الاقتصادي الذي يعتمد على السيطرة على الموارد الطبيعية مثل البترول والغاز. يُعَدّ مشروع «قناة بن غوريون» أحد المشاريع الاقتصادية الرئيسية التي تسعى الولايات المتحدة لدعمها والمساهمة في نجاحها، وهو مشروع اقتصادي يهدف إلى ربط عدة دول معاً، بما في ذلك الهند والسعودية، من خلال تمريره عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة.
من هنا بدأت الولايات المتحدة في اتخاذ خطواتها، وتسويقها تحت مسمّى المساعدات الإنسانية، ولكن الهدف الحقيقي وراء ذلك هو تصفية القضية الفلسطينية لتحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية، لتتمكن من تحقيق أهدافها، بما في ذلك تحسين صورتها أمام العالم كدولة تقدّم المساعدات وتهتمّ بحقوق الإنسان، وتقديم نفسها كقوة رائدة في التعامل مع القضايا الإنسانية العالمية.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الولايات المتحدة تستخدم وجودها في الشرق الأوسط، خاصة من خلال هذا الميناء، لتسهيل عمليات التطبيع مع الدول العربية التي تشارك في مشروع «قناة بن غوريون». من خلال العلاقات العسكرية والتعاون الأمني مع الكيان الصهيوني، ومحاولة قمع حالة الرفض للتطبيع على مستوى شعوب المنطقة العربية التي ما زالت ترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين.
على المستوى الاقتصادي، تشكل هذه الخطوة أيضاً فرصة للولايات المتحدة لتعزيز نفوذها الاقتصادي في المنطقة، وتأكيد دورها كقوة رئيسية في التجارة العالمية.
بالإضافة إلى ذلك، سيسمح وجود ميناء أميركي في هذه المنطقة بتعزيز الحضور العسكري الأميركي وتعزيز الأمن الإقليمي، وهو ما يتيح للولايات المتحدة فرصة لمواجهة النفوذ الروسي في المنطقة.
لتحقيق هذه الأهداف، من خلال اعتمادها سياسة الحديد والنار في المنطقة، وبالتالي فإنّ منع دخول أيّ نوع من المساعدات عبر الحدود المصرية أو الأردنية، يقع ضمن اطار هذا المشروع الذي تعمد من خلاله أميركا إلى تشديد الخناق على قطاع غزة من خلال العديد من الطرق، وهو ما يجعلها تشرك العديد من الدول في المنطقة لتكون موالية لها ولمشروعها الاقتصادي…