الإمارات تستقبل صفا

الخبر تناقلته وكالات الأنباء وتحلل أبعاده. فالقضية ليست بإفراج دولة الإمارات عن موقوفين مقرّبين من حزب الله أو محسوبين عليه، لكن بالقرار الإماراتي في الاستعداد لتحرّكه نحو الحل والتواصل المباشر مع حزب الله، الذي تقول التقارير أنه تمّ بمساعٍ قام بها بين الطرفين الرئيس السوري بشار الأسد.
لا تُخفي الإمارات أنها تعمل ضمن حلف لصيق بالسياسات الأميركية في المنطقة وقد خاضت غمار التطبيع مع كيان الاحتلال تحت هذا العنوان، لكن ذلك لم يمنع أن تكون الإمارات أول دولة عربية خليجية تنفتح على سورية وتعيد العلاقات معها الى سابق عهدها، وتستقبل الرئيس السوري وهي تعلم أن سورية لن تغيّر خياراتها، وسورية تعلم أن الإمارات لن تغيّر خياراتها أيضاً.
حافظت الإمارات على علاقات ممتازة مع إيران، وهي في قلب الخيارات المخالفة للتوجهات التي ترسم السياسات الإيرانية. وفي حرب غزة كانت الإمارات أكثر دول المنطقة مجاهرة بعدم التضامن مع حماس ومعاملتها كامتداد للإخوان المسلمين الذين تعلن الإمارات أنهم جهة معادية. وفي هذا السياق قامت الإمارات بتنظيم نقل البضائع التجارية نحو كيان الاحتلال عبر طريق بري يمر بالسعودية والأردن، عندما نجح أنصار الله بفرض حصار تجاري عبر مضيق باب المندب على تجارة الكيان.
بين الإمارات وحزب الله خلافات كثيرة من طرفي العلاقة، واللقاء لا يعني اتجاهاً لانتقال أحد الطرفين إلى سياسة تُرضي الآخر، ومن طرف حزب الله كان دائماً هناك حرص على التمييز بين خلاف الخيارات وبين القطيعة كأسلوب في التعبير عن الخلاف، حتى مع الدول التي اختارت التطبيع ومنها عُمان مثلا التي استقبلت رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومنها مصر والأردن، حيث يحرص الحزب على العلاقات الحوارية، ويرفض التدخل في الأوضاع الداخلية لهذه الدول، ويرفض أن يكون اللبنانيون المؤيدون للحزب أو أن يصبح المنتمون إلى بيئته مصدر قلق من هذه الدول على أمنها، لكن القطيعة كانت إماراتية في سياق تصنيف حزب الله تنظيماً إرهابياً في دول الخليج.
الخطوة الإماراتية مهمة جداً لجهة التعبير عن مرحلة جديدة في المنطقة ثبت أن الإمارات من أوائل مَن يلتقط اتجاهاتها، كما قالت المبادرة الإماراتية الانفتاحية بإيجابية متنامية نحو سورية، وهذا ما يحدث مع حزب الله اليوم. في المنطقة تكاد تنتهي حرب عاصفة ضارية يخرج منها محور المقاومة في موقع المنتصر، والإمارات تفتح صفحة حوار مع حزب الله كقوة مركزية في المحور، لأنها دولة تؤمن بالواقعية والتفاعل مع الحقائق والوقائع. وهي تعلم أن ما قامت بها تجاه سورية أصاب جماعات ما يُسمّى بـ المعارضة والثورة بالإحباط. وهذا حال مناوئي حزب الله في لبنان اليوم، يقيمون اللطميات ويرتفع صوتهم بالنحيب والعويل، بدلاً من أن يتعلموا من الإمارات الواقعية.

التعليق السياسي