دبوس
يد الله الضاربة
«كيفما تكونوا يولّى عليكم»، و «الساكت عن الحق شيطان أخرس»، الأول، حديث نبويّ شريف، والثاني، قيل إنه حديث، ولكن الأرجح، أنه من التراث الفلسفي الإنساني، ولكن كليهما يؤشر الى دور الشعوب في تحمّل مسؤولية ما قد يرتكبه السلاطين من سيّئ الأعمال، وتقاعس الشعوب عن التحرّك بكلّ الوسائل، ومهما كان بطش وتغوّل هؤلاء السلاطين، لأنّ السكوت سيعود في نهاية المطاف بعواقب وخيمة على هذه الشعوب.
قام عمر البشير، الطاغية السابق في السودان، ومقابل منافع مادية، بإرسال فرقة كاملة للقتال الى جانب العدوان الأعرابي الصهيوانجلوساكسوني على اليمن، للمشاركة في قتل الشعب اليمني العربي المسلم، وحتى لو أراد نظام البشير ان يتحلّل من كلا الانتماءين العربي والإسلامي، فما هي الذريعة التي اتخذها للاعتداء على شعب لم يعتد عليه ولو برصاصة واحدة؟
لم نسمع ولم يرد في التاريخ انّ شعب اليمن اعتدى في يوم من الأيام على السودان، ولكن السقوط الأخلاقي، وانتفاء أيّ إحساس إنساني، والأطماع المادية البائدة القذرة هو ما دفع بهذا الطاغية الى الاعتداء على الشعب اليمني، والمصيبة انّ خلفه المارقين، البرهان ودقلو… استمرّوا في النهج ذاته إزاء اليمن، ولكن لم يمض طويل وقت حتى انبعثت الخلافات بين هذه القيادات السودانية، ودبّت الأحقاد بين أركانها الى ان اندلعت على هيئة قتال مرير منذ عام او ينوف، ولا يبدو في الأفق ايّ مؤشر نحو نهايتها، والثمن الباهظ يدفع الآن من الوجود الكلي لبلد كان يُدعى السودان…
اصطفافات عشائرية، وتشظٍّ مطلق في الجسد الكلّي لهذا البلد، وأصبح واقع الحال تلخصه مقولة، «كل من إيدو إلو»، كل عشيرة أو قبيلة أو ولاية تسيطر على المناطق التي بحوزتها، وتعتبر ذاتها في حلّ من الالتزام بالسلطة المركزية، والتي هي بحدّ ذاتها أصبحت سلطةً مناطقية ممزقة الأشلاء، فليتحسّس كلّ أولئك الذين استمرأوا ارتكاب المخازي والشعوب تتفرّج رؤوسهم فوق أكتافهم، والشعوب تتفرّج، فإنّ يد الله الضاربة لن تتركهم، وسيمحق العقاب وجودهم، والفرق بين الأزمنة الغابرة وأزمنة الآن، أنّ هذه اليد باتت أكثر سرعة في استجلاب العقاب، خاصةً لأولئك الذين قبضوا الأثمان مقابل دماء أطفال ونساء غزة، التي سالت مدراراً، والأمعاء الخاوية الصارخة من التضوّر جوعاً نتيجة للحصار الدنيء القميء لشعب قرّر ان يقاوم ولا يهادن كلّ جبروت الظالمين والسّادرين في غيّ لا ينتهي، فلا نامت أعين الجبناء…
سميح التايه