بلينكن: مشروع قرار لوقف النار مقابل إطلاق الأسرى… مع «اسرائيل» ولكن!/ السيد الحوثي: بعد عمليات أم الرشراش والمحيط الهندي مفاجآت جديدة في الميدان / حزب الله بعد عودة صفا من الإمارات: الأمل معقود لبلوغ خاتمة ملف المعتقلين
كتب المحرّر السياسيّ
يكمل وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن جولته في المنطقة من السعودية إلى مصر ليحطّ في كيان الاحتلال اليوم، وقد سبق الزيارة بجملة مواقف، أعلن خلالها مرحلة جديدة، عنوانها مع «إسرائيل» ولكن، بعد مرحلة مع «إسرائيل» بلا شروط، وبدلاً من ربط وقف النار بالقضاء على حركة حماس صار وقف النار بنظر واشنطن متزامناً مع إنهاء ملف الأسرى لدى المقاومة ضمن صفقة تبادل شاملة ولو على مراحل. وهذا التحول ناجم عن استعصاء القدرة على ربح الحرب التي دعمتها واشنطن بكل قواها، لكنها انتهت إلى فشل ذريع، ومثلت تداعياتها فشلاً استراتيجياً أميركياً في البحر الأحمر خصوصاً، وعامل الوقت الذي لا يعمل لصالح مواصلة الحرب سواء في استهلاك ما بقي من صورة للردع الأميركي، أو مزيد من الغرق الإسرائيلي في عمليات عسكرية بلا جدوى، أو المزيد من ارتكاب المجازر التي تشعل الشارع الأميركي وصارت خطراً على المصير الانتخابي للرئيس الأميركي جو بايدن، وترجمة لهذا التوجه أعلن بلينكن «قدمنا بالفعل مشروع قرار وهو معروض الآن أمام مجلس الأمن ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار مرتبط بالإفراج عن الاسرى، ونأمل بشدّة أن يلقى دعماً من الدول». وأعرب عن اعتقاده بأن هذا المشروع «سيبعث برسالة قوية، بمؤشر قوي». وأوضح بلينكن «بالطبع نقف الى جانب «إسرائيل» وحقها في الدفاع عن نفسها، لكن في الوقت عينه، من الضروري أن نركز على المدنيين الذين يتعرّضون للأذى ويعانون بشكل مروّع، ونجعل منهم أولوية لنا»، مؤكداً ضرورة «حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية لهم».
في ميادين المواجهة مزيد من الحضور لقوى المقاومة من غزة الى لبنان الى المقاومة العراقية التي أعلنت قبل يومين استهداف محطة توليد الكهرباء في تل أبيب، لكن التحدي كان يمنياً أيضاً، حيث أعلن قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي، ان «تطورات الصاروخ الذي وصل إلى أم الرشراش (ايلات)، وكذلك الاستهداف إلى المحيط الهندي هي تطورات ذات أهمية كبيرة جداً«. وأكد أن «هناك تطورات أكبر وأكثر أهمية وتأثيراً بإذن الله تعالى ونترك المجال للفعل أولاً ثم للقول».
في لبنان عاد مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا من زيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة استمرت ليومين، هي أول اتصال على مستوى قيادي مباشر وعلني بين الحزب والإمارات منذ عشر سنوات، وقال حزب الله في بيان إن الزيارة كانت «في إطار المتابعة القائمة لمعالجة ملفّ عدد من المعتقلين اللّبنانيّين هناك، حيث التقى عددًا من المسؤولين المعنيّين بهذا الملف، والأمل معقود أن يتمّ التّوصّل إلى الخاتمة المطلوبة إن شاء الله». وتوقعت مصادر سياسية متابعة ان يكون هذا التواصل، حتى لو لم يتطرق إلى النقاش في ملفات أخرى غير ملف المعتقلين اللبنانيين في الإمارات، بداية مرحلة من الانفتاح على حزب الله من دول الخليج، خصوصاً أنه يأتي مع اقتراب حرب طوفان الأقصى من نهايتها، على قاعدة مكانة جديدة لمحور المقاومة في المنطقة، يتقدمها موقع حزب الله حضوراً وفاعلية.
فيما تترقب المنطقة نتائج جولة وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن لتحديد مسار الحرب في غزة باتجاه التوصل الى اتفاق هدنة ام استمرار العمليات العسكرية، بقيت الجبهة الجنوبية على وتيرة التصعيد نفسها، فيما يؤشر وفق خبراء عسكريين الى أن «المعادلة الميدانية على الحدود الجنوبية منذ بداية الحرب على غزة لا تزال حاكمة، لكون «إسرائيل» لا تستطيع خوض الحرب مع حزب الله في ظل تعثرها في مستنقع الحرب في غزة، رغم أنها تريد هذه الحرب لأسباب عدة، لكن عوامل مختلفة تمنعها وتردعها عن هذه الخطوة وأهمها قوة حزب الله وما يخفيه من مفاجآت ستغير مجرى ومسار الحرب. وهذا ما تدركه قيادة الاحتلال وأيضاً الإدارة الأميركية التي لا تريد لـ»إسرائيل» التورط بحرب مع لبنان خشية تداعياتها على الكيان الإسرائيلي وعلى المصالح والوجود والنفوذ الأميركي في المنطقة وعلى المشاريع الأميركية الغربية في المنطقة»، كما أن حزب الله وفق ما يشير الخبراء لـ»البناء» «أدار الحرب بذكاء وحكنة وحنكة واحتراف واستمر بجبهة الإسناد لغزة ومنع أي عدوان إسرائيلي واسع على لبنان، لكنه لم يبادر بالحرب الكبرى وأبقى العمليات العسكرية عند حدود معينة، وحقق أهداف الحرب من دون استدراج «إسرائيل» ومنحها ذريعة لشن عدوان واسع على لبنان. وأهم الأهداف التي حققها حزب الله وفق الخبراء الضغط على حكومة الاحتلال لوقف العدوان على غزة وتشتيت ألوية الجيش الإسرائيلي وقدراته المتعددة ومنعه من توسيع عدوانه على لبنان، وتحويل شمال فلسطين المحتلة الى مدينة اشباح».
وفي سياق ذلك نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» صورًا عن حجم الدمار والأضرار في مستوطنة المطلة عند الحدود مع لبنان، جراء استهداف المقاومة الإسلامية المستوطنات الإسرائيلية في الجبهة الشمالية.
وعلمت «البناء» أن «الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين سيعود الى لبنان فور التوصل الى اتفاق هدنة في غزة لاستئناف التفاوض على الملف الحدودي. لكن حتى الساعة لا جديد على صعيد الاتصالات على خط واشنطن – بيروت بانتظار ما ستؤول اليه الاوضاع في غزة». لكن جهات دبلوماسية غربية وفق معلومات «البناء» كررت نصائحها للحكومة اللبنانية لبذل الجهود مع حزب الله لتخفيف حدة العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية وضبط الحدود قدر الإمكان لتمرير الوقت ريثما يتم التوصل الى هدنة في غزة، لكونها ستنسحب على الجبهة الجنوبية وبالتالي عدم منح حكومة نتنياهو في الوقت الفاصل عن الهدنة في غزة، الذريعة لشن عدوان على لبنان للتغطية على اخفاقات الجيش الإسرائيلي في غزة.
وواصل حزب الله دك مواقع وتجمعات الاحتلال، وأعلن أمس، استهداف قوة استخبارات عسكرية في المطلة وأوقع أفرادها بين قتيل وجريح، كما استهدف «موقع المالكية بالقذائف المدفعية وأصابه إصابة مباشرة». كما قصف مبنيَين يستخدمهما جنود العدو في مستوطنة راموت نفتالي بالأسلحة الصّاروخيّة وأصابوهما إصابةً مباشرة».
في المقابل استهدف القصف المدفعي الاسرائيلي أطراف بلدة يارون. وشن طيران الاحتلال غارة على بلدة العديسة، استهدفت «إكسبرس» ومنزلاً قبالة نقطة البانوراما. وقصف اطراف بلدة عيترون بالقذائف في القطاع الأوسط. وشن ايضا غارتين بالصواريخ استهدفتا بلدة عيتا الشعب وثالثة استهدفت بلدة يارون. وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال «اننا استهدفنا أمس مبنىً عسكريّاً لحزب الله في بلدة الضهيرة».
وشددت كتلة الوفاء للمقاومة على أنّ «المقاومة في لبنان تواصل تصديها البطولي والممنهج للعدوان الصهيوني وتفرض عليه إرباكا شديداً لا يمكنه من حسم الخيارات وفق ما يريد، بل يلزمه بدفع ثمن إصراره على مواصلة عدوانه على غزة. إن هذا الوضع المربك للعدو سيكشف أيضاً الوهن الحقيقي الذي يعانيه على المستويات السياسية والاقتصادية والمجتمعية كما على الصعد الأمنية والعسكرية والإدارية».
وأبدت الكتلة «تقديرها واعتزازها بموقف الإسناد والتضامن العملي الميداني والبطولي الذي يلتزمه حزب الله ويبذل دونه التضحيات الجسام ويتشارك مع المقاومين اللبنانيين وقوى محور المقاومة في المنطقة شرف الضغط على المعتدين الصهاينة والحؤول دون تمكينهم من تحقيق أوهامهم ومشروعهم الإلغائي الخطير الذي يتهدد الأمن والاستقرار الإقليميين».
في غضون ذلك، اتجهت الانظار الى الصرح البطريركي في بكركي، حيث جمع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ممثلي الأحزاب المسيحية باستثناء المردة. وبحسب المعلومات فإن مسودة وثيقة بكركي تتطرق الى دور لبنان التاريخي والحر الذي يتحول تباعاً الى دولة دينية شمولية ايديولوجية، كما تذكر بالثوابت التاريخية اي الحرية والتعددية والمساواة في الشراكة واحترام اتفاق الطائف والقرارات الدولية والحياد واللامركزية الإدارية الموسعة. وتدعو الوثيقة الى بسط سيادة الدولة على كل أراضيها وحماية حدودها ووضع السيادة بحمى بالجيش اللبناني والقوى الامنية حصراً وتبني استراتيجية دفاعية واضحة، كما إلى عدم الانزلاق الى خيارات لا تخدم لبنان وشعبه والعمل معاً لانتخاب رئيس ووضع ميثاق شرف بين المسيحيين اولاً ثم مع الأفرقاء الآخرين. وتنبّه الوثيقة الى تراجع الحضور المسيحي في القطاع العام وبيع أراضيهم وخطر السلاح غير الشرعي اللبناني وغير اللبناني والنزوح السوري وتوطين الفلسطينيين والفساد وتأخير الإصلاح.
ولفتت مصادر مطلعة الى أن كل فريق وضع في الاجتماع الاول ملاحظاته ومطالبه على الطاولة وتحولت هذه المطالب الى وثيقة أعدها بونجم، ونقحت بعد ذلك على ان تُبحَث وتصدر بنسختها النهائية. وتشير المصادر الى أن بنود الورقة النهائية أصبحت جاهزة والاتفاق تم بنسبة 90 في المئة من حيث تقارب الأفكار، وهي ليست بعيدة عن ورقة «القوات و»التيار»، لكنها تحتاج الى صياغة وتصور نهائي، يبقى أن سلاح حزب الله يشكل العقبة الأساسية ويأخذ حيزاً كبيراً من النقاش، في مسعى للخروج بموقف واضح وسيادي حيال هذا الموضوع.
وأفيد أن اجتماعات بكركي جاءت نتيجة المساعي التي قام بها المطران انطوان بونجم بتكليف من البطريرك، الذي عمل طوال الأشهر الثلاثة الماضية مع الاحزاب في محاولة لإيجاد قواسم مشتركة في ما بينها. وتابع جولته خلف الكواليس، وتمّ بنتيجتها تشكيل لجنة مصغرة، بدأت تضع نقاط التقاطع المشتركة مع القوى السياسية اللبنانية للوصول الى خريطة طريق أو تصور يوافق عليه كل اللبنانيين. وهذا التصور يكون المنطلق للرئيس المقبل، وعلى أساسه يصار إلى انتخابه.
واستقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في دار الفتوى، وفداً من الحزب «التقدمي الاشتراكي»، ضم، النائبين بلال عبد الله وفيصل الصايغ. بعد اللقاء، استبعد عبدالله انتخاب رئيس في المدى المنظور، موضحاً «أنه بعد تعثر مبادرة كتلة الاعتدال التي كنا ندعمها نحن، وما زلنا ندعم هذا التوجه، وعلى إيقاع الحرب الإقليمية القائمة، وإيقاع الأصوات التي نسمعها من هذا الفريق أو ذاك، يبدو أن الجو الداخلي لم يصبح بعد جاهزاً للتسوية الداخلية لانتخاب رئيس، وكذلك الجهود التي تبذلها اللجنة الخماسية حتى الآن، مع كل الشكر لهم جميعاً، يبدو أن هذه الجهود لم تثمر بعد، وأن هذا الاستحقاق للأسف ما زال مرحلاً».
على صعيد آخر، وصل مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا أمس إلى بيروت عائداً من الإمارات، حيث خاض مفاوضات بشأن استعادة الموقوفين اللبنانيين.
وأعلنت العلاقات الإعلاميّة في الحزب في بيان، أنّ «مسؤول وحدة الارتباط والتّنسيق وفيق صفا زار دولة الإمارات، في إطار المتابعة القائمة لمعالجة ملفّ عدد من المعتقلين اللّبنانيّين هناك، حيث التقى عددًا من المسؤولين المعنيّين بهذا الملف، والأمل معقود أن يتمّ التّوصّل إلى الخاتمة المطلوبة إن شاء الله».
ورجحت مصادر «البناء» أن يتم إطلاق سراح الموقوفين اللبنانيين المحتجزين في الإمارات خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيرة الى أن زيارة صفا الى الإمارات تعتبر مؤشراً ايجابياً على صعيد التواصل بين الحزب والإمارات في أعقاب تحسن العلاقات الإماراتية – السورية والجهود التي لعبتها دمشق على هذا الصعيد.
وكانت العلاقات الإعلامية في حزب الله نفت نفياً قاطعاً ما ورد في الرواية المُختلقة والمليئة بالأكاذيب والتخيّلات، والمعروفة الأهداف التي نشرتها صحيفة «نداء الوطن» في عدد الاربعاء والتي تتعلّق بدور وفيق صفا بالعمل لمصلحة مُرشح معيّن خلافاً لموقف حزب الله المُعلن والواضح. واعتبرت أنّ ما ورد في هذه الرواية هو مزاعم باطلةٌ لا أساسَ لها من الصحة على الإطلاق.