الأردن ومصر على الخط
بعد فترة من التراجع في النشاط، شهدنا تصاعداً لافتاً في كل من الشارعين الأردني والمصري دعماً لغزة وفلسطين، ورغم التفاوت في حجم حشود كل من الشارعين، حيث الأردن يبدو أكثر حيوية وتدفقاً، يبقى أن ما وصفه المتجمّعون أمام نقابة الصحافيين المصريين في هتافهم، “قولوا لرفاقنا بعمّان مصر لسه حيّة كمان”، تعبير عن أمل بنهوض مقبل في الشارع المصري.
تقدّم صورة شوارع عمان الليلية على مدى ثلاثة أيام، منذ ليل السبت، مشهداً رائعاً لآلاف المتظاهرين يتجمّعون رغم العوائق والصعوبات، ويحاصرون سفارة كيان الاحتلال، ويهتفون بقطع العلاقات مع كيان الاحتلال وإغلاق سفارة الاحتلال وإلغاء الاتفاقيات والعقود التجارية والاقتصادية معه.
ربما لا ينتبه البعض إلى حساسية وخطورة ما يعنيه الأردن في مشهد الأمن الإقليمي في عيون الأميركي، وكذلك مصر أيضاً، لكن طالما أن الغليان الخطير هو في الأردن فإن العين على الأردن الآن.
يمثل الأردن خاصرة رخوة في البيئة الأمنيّة الاستراتيجية التي يستند إليها الأميركي في المنطقة، ويريد عبرها توفير حزام أمن ثابت ومتماسك حول الكيان. وللأردن ميزتان فريدتان، الأولى أنه يملك أطول جبهة حدودية مع فلسطين المحتلة، تمتدّ لأكثر من 300 كلم، والثانية أن في الأردن أعلى نسبة من الفلسطينيين، سواء الأردنيين من أصول فلسطينية أو المحتفظين منهم بهويتهم الفلسطينية كمقيمين في الأردن، وحجم التداخل بين الفلسطيني والأردني في الهوية أعلى منه في أيّ بلد عربي آخر. هذا عدا عن مسؤولية الأردن عن الضفة الغربية قبل احتلالها عام 67، وهي في عهدة الجيش الأردني ولا شرعية إنجاز اتفاق سلام أردني إسرائيلي لا يتضمّن استعادتها، إضافة لبقاء المسجد الأقصى عهدة إدارية أردنية بعد الاحتلال واتفاقات السلام في وادي عربة.
تستحق تظاهرات عمان كل الدعم والتحية، كما تستحق الالتزام بالسقوف التي يرسمها المتظاهرون، خصوصاً لجهة رسمهم كيفيّة صناعة خطابهم السياسي نحو الحكم والحكومة، لأن الذهاب الى سقوف لا تراعي حساباتهم ربما تنعكس سلباً على أدائهم بدلاً من تشجيعهم، ومساندتهم.
التعليق السياسي