تنسيق استراتيجي في لقاءات «حماس» و«الجهاد» في طهران
رنا العفيف
دوافع سياسية وميدانية كثيرة دفعت قادة المقاومة إلى طهران للقاء كبار المسؤولين الإيرانيين، فما الأسباب التي دفعت بها المقاومة الفلسطينية في التوقيت للقاء المسؤولين الإيرانيين؟
طهران تستضيف قيادات من حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، واسماعيل هنية يؤكد أنّ الاحتلال يعيش عزلة سياسية على وقع تحطم صورة جيشه، فيما القيادة الإيرانية تحذر من مكائد يحملها التحرك الأميركي و»الإسرائيلي» على خلفية تعثر المفاوضات، طبعا يأتي هذا التحذير في سياق الحديث من عودة قريبة للوفد الإسرائيلي إلى واشنطن،
وبما أنّ هناك تساؤلات كثيرة للمتابعين حول لقاء القادة الفلسطينيين بهذا التوقيت بالمسؤوليين الإيرانيين والتركيز على الملاحظات التي أبداها كلّ منهم في خضمّ تواصل معركة حرب الإبادة في غزة والضفة، تدرك المقاومة بجميع مكوناتها حجم المخاطر الكبيرة من حيث الشكل والمضمون والتوقيت والمكان، والتي تحدق بالقضية الفلسطينية والمؤامرة التي تحاك على مستوى المنطقة التي تديرها الإدارة الأميركية وحلفاؤها نظراً للمعطيات في سراديب كسر عظم إنجازات معركة طوفان الأقصى ونتائجها التي حققت انتصاراً ملهماً في سردية الرواية وإسقاط المراوغة الأميركية وإدّعاءاتها المزعومة وبالتحديد مرواغة بايدن بتداعيات وخيمه لم تكن في الحسابات، كما وغريزة العدوان التي أظهر واشنطن بكلّ احترافية وهي تسوق مبادراتها في صنع الحدث وتحرك حملاتها الإعلامية بكلّ صلافة حتى عرّت المقاومة الفلسطينية التي ترمي حممها على مقاومة تقاتل الاحتلال الأميركي في أراضيها، صورة واشنطن القبيحة التي أقحمت نفسها إلى جانب وكيلتها ودعمتها ووجهتها وكانت المرشد في عدوانها المستمر على غزة، أيّ الأدوات الصهيونية التي تفند باطلها ضدّ المقاومة في فلسطين بشكل خاص وضدّ محور المقاومة بشكل عام وسط هذه المعركة المحتدمة على مختلف الجوانب بأنواع شتى، لا سيما أنّ هذه المعركة جزء من هذا المحور المتماسك كان لا بدّ أن يتفرّد بمساحة سياسية ودبلوماسية ونحن على أبواب الشهر السابع من هذا العدوان السافر والشائن على غزة والضفة وشعبها، خاصة أنّ من أهداف محور الشر في هذه المعركة نسف بنية المقاومة والقضاء عليها واقتلاع جذورها، وقد فشلوا بذلك مراراً وتكراراً، فكان الاجتماع في طهران من أول اعتبارات محور المقاومة بعد ستة أشهر تقريباً من أجل بحث سبل الإجراءات والقرارات والخيارات المناسبة التي من خلالها تؤكد المقاومة مواصلة مقاومتها لهذا العدو بتعزيز الإمداد وإسناد المقاتلين الفلسطينيين في غزة والضفة على خلفية حرب الإبادة والتجويع والحصار.
وبالتالي كان البحث في ما بينهم متطوّراً دُرست فيه جميع النقاط في خضمّ المعركة المفتوحة بمستوى عالٍ من التركيز والدقة من أجل توجيه ضربات مؤلمة أكثر وأشدّ وقعاً لكسر جماح الهمجية الأميركية والإسرائيلية التي تستهدف شعبنا في فلسطين.
قد يقول قائل ماذا طلبت المقاومة الفلسطينية من الحليف الإيراني؟ عندما تناقش المعطيات على أرض الواقع، وعندما تنفجر قدرة المقاومة بالإبداع والصمود في هذه المعركة؟ يعني بذلك أنّ جميع أطراف وأطياف محور المقاومة بصنوفها تخوض معركة واحدة وتواصل المقاومة دكّ عمق العدو ضربات يومية،
فعلى قدر وحجم هذه الضربات والمؤامرة تدرس المقاومة خيارات المعادلة المقبلة التي ستكون عنصراً مفاجئاً للجميع لدرء الخطر الكبير تزامناً مع مناقشة جميع القضايا التي تخلص بنتائج مرجوة ومطلوبة مهمة في الميدان ولا شيء آخر ومن أجل تعزيز الصمود من جهة ومن جهة ثانية تحقيق أوسع الإنجازات، من لبنان والعراق واليمن، والدور المهمّ الذي حظيَ به كلّ منهم في تثبيت قدرات الكيان الإسرائيلي من أجل إضعافه، ورأى الجميع وشاهد الدور اليمني المحترف بضرب ممر اقتصادي مهمّ للكيان وداعميه بالتشبيك السياسي والأمني والعسكري والاستخباري من أجل تحقيق نقاط سياسية وعسكرية إضافية في هذا المجال وإرغام الإدارة الأميركية وامبراطوريتها الإسرائيلية على التراجع،
بمعنى آخر استراتيجياً شمل هذا اللقاء تفصيلات هامة ترتقي إلى حجم القضية في المعركة التي تخوضها فصائل المقاومة الفلسطينية بالتشبيك الاستراتيحي والتنسيق العسكري ربما إلى هذا الحدّ وأبعد من ذلك وربما سيكون هناك لقاء ليس ببعيد ما لم يتكرّر المشهد في الآتي من الأيام من مبدأ التكافل والإسناد والمتابعة الحثيثة لمجريات ما تمّ النقاش فيه لأنّ المعركة واحدة وهي معركة كلّ الأمة…
معركة طوفان الأقصى بحلتها الجديدة ستتنج معادلة ذهبية رادعة ضدّ محور الشر وستحقق إنجازاً وانتصاراً يلحق بهذا الكيان هزيمة لم يشهده التاريخ من قبل، لأنّ المقاومة أو محور المقاومة يدرك لعبة الاستنزاف التي يحاول الكيان ومن خلفه أميركا كسر هيبة المقاومة كما هي مدركة ومتأنية في عملية صنع القرار والإنتصار.