الإعلام العبري يردّ على أنصار الواقعية السياسية!
} د. محمد سيد أحمد
نواصل الردّ على أنصار الواقعية السياسية المزعومة من الانهزاميين الذين يدعون للتطبيع والانبطاح للعدو الصهيوني، والذين يحاولون زعزعة ثقة الرأي العام العربي في المقاومة وجدواها في مواجهة الآلة العسكرية الصهيونية المجرمة، حيث يقومون بتضخيم قدرات وإمكانيات العدو ويحوّلونها إلى أساطير، وقام مذيع الإخبارية السورية وضيفه (المفكر) في لقائي معهما الأسبوع قبل الماضي بالسخرية من مقولة سماحة السيد حسن نصرالله بأنّ العدو الصهيونيّ «أوهن من بيت العنكبوت»، وأنّ هذه المقولة بعيدة عن الواقعية السياسية التي يتحدثون عنها، وبالطبع الردّ عليهم في ما يتعلق بمقولة سماحة السيد لا يحتاج إلى مجهود وإثبات. فسماحة السيد أيقونة المقاومة الذي يقف العدو الصهيوني على «رجل ونص» حين يخرج فقط للحديث، فهو صادق الوعد الذي ما قال إلا وفعل. فقد أجبر العدو الصهيوني هو ورجال الله على الانسحاب من الجنوب اللبناني عام 2000، ثم عاد وهزم العدو الصهيوني في حرب تموز 2006، وأسس سماحته لقواعد اشتباك جديدة مع العدو فلا يقوم العدو بعملية ضدّ المقاومة إلا وردّ سماحته الصاع صاعين، ومع انطلاق عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي، كانت الجبهة اللبنانية جاهزة للاشتباك، وبالفعل انخرطت في الحرب، وكبّدت العدو الصهيوني خسائر هائلة ولا تزال تكبّده والدليل التهديدات الصهيونية اليومية باجتياح الجنوب اللبناني وتوسيع دائرة الحرب؛ فلولا أنّ المقاومة اللبنانية أوجعتهم ما كانت تهديداتهم. هذه هي الواقعية السياسية أيها الانهزاميون.
وهذا يكفي رداً على وقاحتكم وتطاولكم على مقولة سيد المقاومة الذي يدافع عن شرف وكرامة الأمة العربية كلها من الماء إلى الماء…
أما في ما يتعلق بما تحاولون إخفاءه وتزييف وعي العقل الجمعي العربي به من الرعب الذي أصاب العدو الصهيوني منذ بدء عملية طوفان الأقصى فلن أتحدّث أنا، ولكن سوف أجعل وسائل إعلام العدو الصهيوني ذاته هي التي تردّ عليكم، فعلى الرغم من التعتيم الإعلامي الذي مارسه الإعلام العبري منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى، وعلى الرغم من أنّ العدو الصهيوني يستخدم دائماً آلته الإعلامية الجهنمية الجبارة لقلب الحقائق وتزييف الوعي وتجريف العقل الجمعي، وخوض حرب نفسية لإحباط الجماهير العربية والتأكيد على أسطورة القوة العسكرية الصهيونية، إلا أنه ومع إطالة أمد الحرب والضغط العصبي والنفسي الذي يمارَس على المستوطنين الصهاينة في الداخل، وحالة الاستنزاف التي يتعرّض لها جيش الاحتلال من قبل المقاومة الفلسطينية البطلة والشجاعة، جعلت الأصوات المكتومة والمكبوتة تخرج للعلن، واضطرت بعض وسائل الإعلام العبرية أن تعلن عن بعض الخسائر التي أصابت قوات العدو والمستوطنين الصهاينة، من خلال التغطية الإعلامية والصحافية، وهو ما لا يستطيع الانهزاميون أنصار الواقعية السياسية المزعومة إنكاره.
وفي محاولة تقديم قراءة سريعة لبعض ما صدر عن الصحافة العبريّة خلال الأيام الأخيرة والتي تعبر عن الواقعية السياسية الحقيقية والتي تتجسّد في الأزمة التي يعيشها الصهاينة نتيجة عملية طوفان الأقصى وفشل عدوانهم على غزة في تحقيق أهدافه المعلنة، فقد جاء على لسان المراسل العسكري لصحيفة «ماكور ريشون» العبريّة أن «نصرالله يعرف كيف يضرب بدقة، ويعرف كيف يصرف نظر أنظمة الدفاع الجويّ لكي يصيب الهدف الذي يريد». ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية عن مستوطن صهيوني في الجليل «نصرالله ثابت في مسار الحرب، فهو يعلم أن الطريق الذي يقودنا إليه هو طريق نسير عليه وأعيننا مفتوحة وأقدامنا وأيدينا مقيّدة». وتؤكد الصحيفة العبرية نفسها أنّ «الدمار يلوح في الأفق من جميع الجهات تقريباً في مستوطنة المطلة – إحدى المستوطنات الصهيونية الحدودية مع لبنان – المنظر هنا يحبس الأنفاس». وتشير الصحيفة نفسها في تقرير تحت عنوان الحرب الأعلى كلفة وأهداف «إسرائيل» لم تتحقق بعد «أن اليوم القتالي للجيش الإسرائيلي يُكلّف مليار شيكل أي ما يعادل ٢٧٠ مليون دولار.. هذا إلى جانب تضرّر صورة «إسرائيل» أمام العالم.. وانهيار الأمن الشخصي لسكان «إسرائيل»».
وفي مقالة كتبها اللواء الاحتياط الصهيوني إسحاق بريك في صحيفة «هآرتس» العبرية يقول «الأمن القومي لـ»إسرائيل» يتحطم، وكل يوم يمرّ نغرق أكثر فأكثر في مطمر غزة.. «إسرائيل» تسير نحو هلاك مؤكد ما لم يتمّ استبدال المتسبّبين بأكبر كارثة في تاريخها.. مثل التيتانيك نحن في الطريق إلى تحطم أكيد». ونشرت الصحيفة نفسها مقالاً يؤكد على «استحالة إبعاد حماس عن الحكم السياسيّ لغزة بعد أن أصبحت لاعباً سياسياً بارزاً في الساحتين المحلية والإقليمية».
وفي السياق نفسه جاء الإعلام العبري لينحو منحى الصحافة، حيث أكدت القناة 12 العبرية أن «هدف تدمير حماس ما زال بعيداً، نحو 6 أشهر من القتال ألحقت أضراراً جسيمة بقدرات حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس) العسكرية، لكن هدف تدميرها ما زال بعيداً، حماس بدأت تستخدم الكمائن المفخّخة في غزة على نحو أوسع». وقامت القناة العبرية نفسها باستضافة حاخام حريديم أكد «أنهم مستعدون للتضحية بأنفسهم، إذا تمّ إجبار طلابهم على التجنيد». ونقلت القناة العبرية نفسها تظاهرات إسرائيلية «تطالب بمغادرة نتنياهو للسلطة، وإجراء انتخابات مبكرة. وتحميّله مسؤولية الفشل في استعادة الأسرى المحتجزين في قطاع غزة.. ويطالب أهالي الأسرى بإبرام صفقة تبادل وإلا سيحرقون البلاد». وتشير القناة العبرية نفسها أنه «في هذه المرحلة يجب توضيح أنّ الضرر في الشمال لا يمكن إصلاحه، لقد انهارت العديد من الشركات، ونقلت الشركات الرائدة أعمالها إلى الجنوب ولن تعود مئات العائلات إلى منازلها تحت أي ظرف». وتذكر القناة العبرية نفسها «أنّ العائلات التي تمّ إجلاؤها من مكان إلى آخر في البلاد، تجوّل بحثاً عن الاستقرار من جهة، ومن جهة أخرى يعلقون على أيّ خبر عن إمكانية العودة إلى المنازل التي تركوها وراءهم، وقد تمّ بالفعل تدمير المئات منها بنيران حزب الله، في المقابل لم يتغيّر سبب إجلائهم من أماكن سكنهم، ولم يصل بعد الشعور بالأمن الذي طال انتظاره إلى الشمال».
هذا بعض الاستشهادات من الإعلام العبري أعتقد أنها خير من يردّ نيابة عنا على هؤلاء الانهزاميين المندسّين داخل إعلامنا الوطني الذين يحاولون تمرير مشروع التطبيع والانبطاح للعدو الصهيوني وتسويقه لدى الرأي العام العربي تحت مزاعم الواقعية السياسية التي تضخم من قدرات وإمكانيات العدو، وتقلل من قدرات وإمكانيات المقاومة، وتحاول تصدير الإحباط وزعزعة الثقة بالنفس، في الوقت الذي يتجاهلون ما أحدثته المقاومة منذ بدء عملية طوفان الأقصى، من زلزال مدوّ هز أركان الكيان الصهيوني اللقيط، والذي هو أوهن من بيت العنكبوت كما أشار سماحة السيد حسن نصرالله، وهو ما تأكد من خلال التغطية الإعلامية والصحافية العبرية، لذلك نردّد مقولة الزعيم جمال عبد الناصر أنّ المقاومة ولدت لتبقى، وأنّ معركتنا مع العدو الصهيوني معركة وجود، اللهم بلغت اللهم فاشهد…