يوم القدس العالمي والذاكرة المتقدة
} حمزة البشتاوي
يتمّ إحياء يوم القدس العالمي هذا العام تحت عنوان طوفان الأحرار حيث تحضر القدس في عواصم ومدن القارات الخمس حاملة كلّ الأسماء المشعّة بالأمل وبشائر النصر الآتي، وهي موعودة دوماً بالنصر على الاحتلال وعدوانه، وكلما ذكر اسمها تتحوّل السواعد إلى أحصنة تبشر بالأمل على أجنحة من يقين مع التأكيد بأنّ يوم القدس العالمي الذي أعلنه الإمام الخميني في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان، يتطلب المزيد من الأبحاث والدراسات في الأبعاد السياسية والفكرية.
ولكن في خضمّ العدوان على قطاع غزة يجري الحديث عن هذا اليوم من قبل الشعوب المتضامنة مع القضية الفلسطينية باعتباره يشبه الماء العذب للشعوب العطشى لنصرة الحق ورفض الظلم والإحتلال والعدوان.
وتشارك شعوب العالم الشعب الفلسطيني إحياء يوم القدس هذا العام وغزة تواجه الحرب الأعنف والأطول والأشرس في تاريخ الصراع مع الاحتلال بصمود ومقاومة أسطورية مدعومة من جبهات الإسناد المتسلحة بالإيمان والحكمة والشجاعة، إضافة إلى مسيرات التضامن خاصة في أوروبا والولايات المتحدة، دعماً لعدالة القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني في غزة والقدس والضفة الغربية.
وتتميّز مسيرات يوم القدس العالمي هذا العام بارتفاع وتيرة المشاركة في مختلف القارات الخمس لنصرة غزة والقدس والأسرى الفلسطينيين في سجون الإحتلال، انطلاقاً من الوقوف مع الكرامة الإنسانية التي هي أساس الحياة واختيار للطريق الثوري الصحيح الذي ينمو عاماً بعد عام، من خلال ثقافة الوعي التي أصبحت تترجم بتحركات متواصلة ومنظمة من قبل الشعوب وقادة جماهيريين وأصحاب رأي ينظرون إلى يوم القدس العالمي بأنه المناسبة الأهمّ على الصعيد الإنساني والفكري والسياسي للتحرك نصرة للقدس وفلسطين، خاصة مع تحوّل طوفان الأقصى إلى طوفان للأحرار ضدّ الاحتلال المصاب بداء الهزيمة والانهيار.
ويلاحظ هذا العام بأنّ مسيرات يوم القدس العالمي في الغرب لم تعد مقتصرة على مشاركة الجاليات العربية والإسلامية، بل بدأت الشعوب الغربية نفسها تتحرك وتشارك بهذه المسيرات رافعة أعلام فلسطين ومنادية بتحريرها من الغزاة، وإدانة حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة، وهذا يؤكد على وجود صحوة عالمية تجاه كيان الإحتلال الذي بات ينظر إليه كأداة أرهابية تحترف القتل والإجرام، مع الإشارة إلى ان موازين القوى الشعبية قد تغيرت على المستوى العالمي لصالح فلسطين، وهذا يتكامل مع تنامي قدرات المقاومة، وارتفاع منسوب الأمل بالخلاص من الاحتلال رغم كلّ التضحيات والمعاناة القاسية التي أخرجت حكومات غربية وعربية من المنطقة الرمادية تحت طائلة وصمة العار والخضوع الذليل.
ولأنّ الوقت اليوم هو للمواقف الصادقة والإسناد الحقيقي للشعب الفلسطيني، تحركت دول وقوى وشعوب محور المقاومة، لوقف العدوان على غزة، كما تحركت الشعوب الحرة في العالم لمواجهة حرب الإبادة والتجويع، رافضة تواطؤ الحكومات الغربية التي تدّعي الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ومع تشديد الحصار والإغلاقات والتضييق والحواجز والانتشار الأمني والعسكري لجيش الاحتلال وحملات الاعتقال الممنهجة منذ بداية معركة طوفان الأقصى، فإنّ مسيرات يوم القدس العالمي تحوّلت إلى محط أنظار العالم، حيث يتجدد الوعي والمعرفة والإلتزام بقضية فلسطين والقدس التي قال عنها الإمام الخميني: ستبقى القدس في الذاكرة تشحذ الهمم والتعبئة والاستعداد لتطهيرها من رجس الصهاينة والمستوطنين.
وها هم الأحرار من كافة شعوب العالم اليوم بذاكرة متقدة، وثقافة الوعي المقاوم، يعلنون وقوفهم مع غزة والقدس وما تحمله من قداسة المبنى والمعنى باعتبارها أيضاً تجسّد كلّ المعاني النبيلة للقضية والفكرة والثورة ورفض الظلم والإستكبار.