دبوس
الخيانة
يتحدث أبناء الضفة الغربية، بطريقة فيها الكثير من السخرية والمرارة، أنهم يستدلّون على مقدم قوات الاحتلال الى مناطقهم في حالات الاقتحام، حينما يلاحظون ان قوات أمن السلطة، سلطة أوسلو، بدأت بالانسحاب وإخلاء أماكن تموضعها خروجاً الى مناطق بعيدة، مما يعني انّ هذه القوات تتلقى أمراً بالانسحاب من المناطق التي ينتوي الاحتلال اقتحامها، أيّ انّ قوات أمن عباس وماجد فرج وحسين الشيخ، تقوم بدلاً من التصدي للدفاع عن أبناء جلدتهم، بالابتعاد بعيداً، حتى يأخذ جنود الاحتلال راحتهم في التنكيل بشبابنا والتعدّي على بناتنا، والبطش بشيوخنا ونسائنا…
ليس هذا فحسب، بل سرقة كل ما يحلو لهم سرقته من أموال ومجوهرات ومقتنيات، ثم بعد ذلك اعتقال من يحلو لهم اعتقاله بعد ضربه وإهانته وإيذائه ثم الزجّ به الى غياهب السجون إلى أجل غير مسمّى، التقاعس عن إلحاق العقاب بالخونة، وجعلهم عبرة لمن تسوّل له نفسه ارتكاب جريمة الخيانة هو ما يشجّع دعبس وفرج والشيخ وغيرهم للتمادي في الخيانة، واستسهال ارتكاب هذه الجريمة البشعة في حق شعبنا ووطننا ووجودنا، ها هي المعلومات تترى تباعاً عن دور ماجد فرج، كبير عملاء “إسرائيل” في المؤسسة الأمنية للسلطة في إرسال بعض عناصره الى غزة لاستحضار المعلومات من داخل مستشفى الشفاء لتمريرها الى قوات الاحتلال…
لست من أولئك الذين يرون في التعامل الطّريّ المتسامح مع الخونة، مسلك حضاري إنساني يستدعي المباهاة والتفاخر به، انّ التسامح مع الخونة يلحق الضرر الفادح ببقية أفراد المجتمع، لأنه يشجع بطريقة غير مباشرة على الخيانة، وبالذات في ظلّ أوضاع اقتصادية منهارة، وحينما تناول القرآن مسألة الجريمة، ومن ضمنها جريمة الخيانة، أدلى بتوصية هي بمثابة أمر لممارسة القصاص، لأنّ فيه حياة لكلّ الأمة، “ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون”، صدق الله العظيم، حتى الذين هم ليسوا من المسلمين يدركون مدى أهمية عقاب الخونة والقصاص منهم، فالمقاومة الفرنسية ضدّ الاحتلال النازي قامت بتصفية سلطة فيشي الخائنة بلا رحمة، كي ترسل رسالة الى الأمة الفرنسية، بأن لا رحمة للخونة، وسلطة دعبس بالقياس هي أسوأ من سلطة فيشي التي أوجدها الاحتلال النازي خدمة لاحتلاله، ولست أدري كيف تبقى حتى الآن من دون الاقتصاص منها على كلّ هذه الخيانة والتماهي مع الاحتلال، والانبطاح الكلّي بلا حدود، لتمكين الاحتلال من تحقيق أهدافه في ابتلاع كلّ أرض فلسطين وإبادة وتهجير شعبنا، لست أدري، ولا يمكنني أن أفهم استمرار بقاء هذه السلطة الخائنة حتى النخاع.
سميح التايه