هل تحقّق واشنطن أهداف المقاومة لتفادي الردّ؟
– بالرغم من أن أحداً ليس لديه جواب عما يكون عليه الموقف الإيراني إذا تمّ التوصل عبر مفاوضات القاهرة الى اتفاق يلبي شروط المقاومة، عبر اجتماع استقواء المقاومة بتهديد الرد الإيراني وسعي واشنطن وتل أبيب لتفاديه، يبقى أن لإيران حساباتها التي تتصل بمعايير الردع والكرامة الوطنية، بما يفرض عليها عدم اعتبار تلبية شروط المقاومة سبباً يؤدي حكما للتخلي عن الرد، الا أن بقاء الرد على الطاولة يحفز المفاوضات حكماً. وفي حال حدوث اتفاق وحدوث الرد بعده فلن يكون حكماً بحجم ودوي الرد في حال عدم الاتفاق، لأن الرد يؤدي وظيفتين، واحدة لها صلة بمفهوم الردع الإيراني، وثانية تتصل بالحرب الدائرة والتي لم يكن الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق منفصلا عنها، ولا كان قرار الردّ وتحديد حجمه ودرجته منفصلاً عنها.
– الأكيد أن النقاش حول احتمالات الرد من عدمه سحب من التداول عند كل من يتعامل بجدية مع الأحداث. وهذا هو حال الأميركي والإسرائيلي المعنيين الرئيسيين بالرد. والجدية الأميركية الإسرائيلية لا تتجلى فقط بتناول احتمالات الرد وكيفية التعامل معه، بل بما يبدو واضحاً من جرعات عالية منحت للمسار التفاوضي، عبر تدخل أميركي قوي لفرض أولوية التوصل الى اتفاق تقبل به المقاومة في غزة وعلى رأسها حماس قبل عيد الفطر، في سباق مع الرد الإيراني، وليست صدفة هذه الهرولة الإسرائيلية وبقيادة بنيامين نتنياهو نحو مفاوضات القاهرة بصلاحيات واسعة للوفد المفاوض تعثرت كثيراً من قبل. وجاءت هذه المرة تحت عنوان السعي للتوصل الى اتفاق، بالتزامن مع الانسحاب من خان يونس بينما عمليات المقاومة في ذروتها، بما يقطع الطريق على ادعاء انتهاء المهمة، ويشير الى صرف النظر عن عملية عسكرية في رفح.
– واشنطن وتل أبيب تدركان أن إيران أخذت قرار الرد، والرد الإيراني سوف يكون حكماً من الأراضي الإيرانية، ولن يكون لائقاً بدولة بحجم إيران عندما تقرر الدخول الى ميدان خطوة عسكرية، بعد تحملها سلسلة اعتداءات إسرائيلية، إلا أن يأتي الرد تعزيز الصورة التي رسمتها إيران عن مقدراتها وشجاعتها وعزمها، وان يكون رادعاً لوضع حد لمثل هذه الاعتداءات لمرة أخيرة، مع إبقائه دوماً تحت سقف عدم الذهاب الى حرب كبرى، يبقى احتمالها وارداً بقياس كيفية تعامل كيان الاحتلال مع هذا الرد.
– السباق بين رد يضع احتمال الحرب الكبرى على الطاولة، واتفاق ينهي الحرب على غزة، ويوقف الرد أو يؤجله أو يجعله دون مستوى فتح الطريق أمام فرضية الحرب الكبرى، يجري هذه الأيام بالساعات والدقائق.
التعليق السياسي