«عرمتى» جديدة متطوّرة وحاسمة…
أحمد بهجة
بمناسبة عيد المقاومة والتحرير في شهر أيار من العام الماضي 2023، أتيحت لنا فرصة حضور المناورة العسكرية الحية التي نظّمها حزب الله في معسكر عرمتى (قضاء جزين)، وذلك بدعوة كريمة من العلاقات الإعلامية في الحزب ومسؤولها الأخ العزيز الحاج محمد عفيف.
رأينا في تلك المناورة المميّزة مشاهد رائعة ومهمة جداً أكدت أنّ المقاومة في أعلى درجات الجهوزية ليس فقط لحماية لبنان والدفاع عنه في مواجهة أيّ عدوان قد يغامر به العدو الصهيوني، بل رأينا كيف أنّ عمالقة المقاومة مستعدّون لاقتحام الجليل وتحريره بالكامل، وربما أبعد من الجليل أيضاً.
بعد أقلّ من خمسة أشهر أتت عملية «طوفان الأقصى» الأسطورية في 7 تشرين الأول الماضي، لتذكرنا بأننا رأينا بأعيننا المشاهد نفسها تقريباً في معسكر عرمتى، ولتؤكد أمام العالم أجمع الحقيقة الساطعة التي أعلنها قبل 24 عاماً سيد الوعد الصادق السيد حسن نصرالله، وهي أنّ كيان العدو «أوهن من بيت العنكبوت».
قيل وكُتبَ الكثير عن عملية «طوفان الأقصى»، وها هي اليوم تطوي الشهر السادس، ورغم الآلام والمآسي التي خلّفتها فظاعة الجرائم والمجازر التي ارتكبها العدو الصهيوني ولا يزال… بحقّ أهلنا في غزة على مرأى ومسمع من العالم أجمع، إلا أنّ هذا العدو لم يحقق أيّ هدف من أهدافه التي أعلنها منذ بدء العدوان البربري الهمجي على غزة، بل على العكس من ذلك تماماً، إذ يتكوّن إجماع لدى الخبراء العسكريين بمن فيهم «الإسرائيليون» أنفسهم بأنّ كيان العدو خسر الكثير على المستوى الاستراتيجي، سواء أمام المقاومة الباسلة في غزة أو أمام جبهات المساندة في لبنان وسورية والعراق واليمن وصولاً إلى إيران حيث الحساب مفتوح والردود على جريمة العدو في القنصلية الإيرانية في دمشق آتية لا محالة…
كذلك جرى التأكيد من قبل كلّ أطراف محور المقاومة بأنّ عملية «طوفان الأقصى» هي عملية فلسطينية خالصة لم يكن أيّ طرف من المحور على علم مسبق بموعدها، إلا أنّ أيّ عمل مقاوم يحظى بطبيعة الحال بالتأييد والدعم فكيف إذا كان عملاً متقناً مثل النموذج الرائع الذي رأيناه صبيحة 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
طبعاً لم يؤثر في شيء ما حاول بعض المُغرضين ترويجه بأنّ أطراف المحور أبدوا انزعاجاً وعتباً على حركة حماس لأنها لم تخبر حلفاءها بموعد العملية، ما أدّى إلى جعل العدو متنبّهاً ومستنفراً لمواجهة أيّ عمل مماثل قد يقوم به أيّ طرف لا سيما المقاومة في لبنان تجاه الجليل، وهو ما كان موضع تخطيط وإعداد كما أظهرت مناورة عرمتى بالصوت والصورة في أيار الماضي، خاصة أنّ أبطال حماس استنسخوا في تنفيذ عمليتهم النوعية في 7 أكتوبر جزءاً كبيراً من تكتيكات وتقنيات المناورة المذكورة، وهذا شأن طبيعي جداً.
لكن ما فات هؤلاء المُغرضين هو أنّ قادة المقاومة وخبراءها الاستراتيجيّين والميدانيّين واعون تماماً لكلّ ما يجري من حولهم لحظة بلحظة، وهم بالتأكيد يسجلون كلّ كبيرة وصغيرة لدرسها وتحليلها، ومعرفة الإيجابيات والسلبيات، واستخلاص العِبر، وتوظيف كلّ هذا الجهد في تطوير التكتيكات والتقنيات السابقة على ضوء التجربة المستقاة من الحرب الحالية، ولا بدّ بالتالي أننا سنكون أمام «عرمتى» جديدة متطورة وحاسمة في المعركة النهائية التي سوف تؤدّي بلا شكّ إلى زوال هذا الكيان المؤقت…
هل الفيدرالية في العراق بخطر؟