أولى

من «طوفان الأقصى».. إلى «طوفان الأحرار».. زوال الكيان الصهيوني أًصبح حتمياً..

د. جمال زهران*

بين «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023م، وبين «طوفان الأحرار» يوم 3 أبريل/ نيسان 2024م، ستة أشهر، ليتبيّن لنا حقيقة التطورات الحادثة خلال هذه الفترة.. وأهمّها: استمرارية العدوان الصهيوني على شعبنا العربي في غزة بلا سقف، الأمر الذي أكد أنّ هذا لم يكن مجرّد عدوان فقط، بل هي حرب ممنهجة، جرى التخطيط لها، تحقيقاً لإبادة بشريّة لشعب غزة، وتهجير قسريّ، وتشتيت من لا يريد التهجير بين الشمال والوسط والجنوب، لتتحوّل أرض غزة كلها إلى ساحة حرب حقيقية من جانب جيش الكيان الصهيوني المرتزق وصاحب الأعمال الإجراميّة ضدّ مدنيين، ولم يتركوا بشراً ولا حجرّا، إلا ودمّروه.
وخلال هذه الاستمراريّة، فقد ازدادت شعلة الصمود من الشعب الفلسطيني في غزة، إلى حدّ الصمود الأسطوري، وازدادت المقاومة من جميع فصائل المقاومة وفي المقدّمة: حماس والجهاد والشعبية وغيرهم، ضدّ جيش الاحتلال، والضرب في العمق داخل هذا الكيان «المصطنع»، وفي كلّ المدن الصهيونيّة في أراضي فلسطين المحتلة. إلا أنّ الجديد خلال هذه الفترة التي وصلت إلى أشهر ستة كاملة، هو فتح الساحات المباشرة وغير المباشرة ضدّ الكيان الصهيونيّ. فانفتحت جبهة الجنوب اللبناني في اليوم التالي لطوفان الأقصى (8-أكتوبر/ تشرين الأول)، وارتفع صوت حزب الله وأمينه العام السيد/ حسن نصر الله، بالتأكيد على أنّ الجبهة اللبنانية فتحت لمساندة غزة، وحتى يتوقف العدوان الصهيوني والحرب على غزة، والتأكيد على أنه لا بدّ من نصرة وانتصار غزة، وانتصار المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس، ولا بدّ من نصر حماس تحديداً. ثم تتالت الساحات في المقاومة، الساحة العراقية والسورية واليمنية، في تحدّ كبير للولايات المتحدة وأوروبا الاستعمارية الداعمين للكيان الصهيوني، باعتباره يمثل المشروع الصهيوني، والشركة الاستثمارية للغرب الاستعماري. ثم وجدنا روسيا، وقد استضافت جميع فصائل المقاومة الفلسطينية، في تأكيد من روسيا على ضرورة هذا التنسيق، لنصرة المقاومة، لأنها نصرة لروسيا في أوكرانيا، وهي خطوة إيجابية على طريق النصر.
ثم وجدنا منذ أيام، زيارة قيادات المقاومة الفلسطينية لجمهورية إيران الإسلامية علناً، وفي المقدمة، قيادة حركة حماس (إسماعيل هنية)، وقيادة حركة الجهاد (زياد النخالة)، وغيرهما، وذلك في إشارة إلى قيادة إيرانية رسمية، لمحور المقاومة بأطرافه المختلفة في فلسطين، وتأكيداً للرعاية والدعم الإيراني الواضح.
حتى أتى موعد الاحتفال بيوم القدس العالمي، والذي يوافق يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان من كل عام، ومنذ عام 1979م (تفجير الثورة الإيرانية)، ليكون الاحتفال في ظلّ الزخم الجديد لحدث عملية «طوفان الأقصى» وما تلاها من حرب صهيونية ضدّ شعبنا في غزة، وفي ظلّ تصاعد جبهات المساندة مع المقاومة الفلسطينيّة، التي حالت دون أن يتمكّن العدو الصهيوني، من تحقيق أيّ من أهدافه المعلنة على الإطلاق، ومنها تدمير المقاومة وخاصة «حماس»، والسيطرة على غزة، وفرض الأجندة الصهيونيّة/ الأميركية، بتعاون أطراف عربية وإقليمية للأسف.
وفي الوقت الذي قام فيه الجيش الصهيوني ومخابرات الكيان، بتوجيه ضربة إلى سفارة إيران في دمشق، راح ضحيتها (7) شهداء من القادة الكبار من الحرس الثوريّ الإيرانيّ، ومعهم (7) سوريين من العاملين بالسفارة، وهي لا شك عملية عسكرية مخالفة للقانون الدولي، ويفرض حتمية الردّ الإيراني وبقوة على هذه العملية العسكرية الحقيرة. وقد أسهمت هذه العملية في تأجيج مشاعر الغضب لدى الشعب الإيراني وقياداته، وكذلك مشاعر الغضب لدى ساحات المقاومة، وتواكب ذلك مع احتفالية يوم القدس، الأمر الذي أسهم بالتعجيل في ميلاد «طوفان الأحرار»، وهو نتاج «طوفان الأقصى».
فـ»طوفان الأحرار»، انطلق تأكيداً لعملية «طوفان الأقصى»، حيث تحرّكت الساحات بفاعلية، وارتفعت وتيرة التنسيق بينها تدريجياً، وتفاعلت مع الأحداث والتطوّرات على مدار الأشهر الستة، وآخرها: العدوان الصهيوني على السفارة الإيرانية في دمشق، وتواكباً مع احتفاليات يوم القدس العالمي، الأمر الذي أدّى إلى تصاعد وتيرة التنسيق بين الساحات بشكل علنيّ. وانطلق «طوفان الأحرار»، بكلمات قادة محور المقاومة، وبذلك فقد أصبحنا أمام هيكل هرميّ، لقيادات محور المقاومة، الذي تحدثنا عنه كثيراً من قبل، بأنّ واقع الإقليم، يسير إلى انشطار واستقطاب حول محورين هما: محور المقاومة للأحرار، ومحور الاستسلام والانبطاح للمشروع الأميركي الصهيوني، التابعين لأميركا والاستعمار الغربي. والآن نحن أصبحنا أمام محور قويّ، له جسم وله رموز وقيادات وأرض حركة استراتيجية، وهدفه الأساسي تحرير فلسطين وبيت المقدس، على طريق تحرير القدس، تأكيداً لوحدة الساحات.
ولو تتبّعنا، ما حدث في الكيان الصهيوني من تداعيات سواء في المجتمع الصهيوني، وفي الجيش الصهيوني، وفي حكومة الكيان، بقيادة الـ «نتن/ياهو»، فإنّ الانهيار هو من نصيب هذا الكيان الاصطناعي، والمؤشرات المختلفة، تؤكد ذلك.
إذن، فطوفان الأقصى، كان إيذاناً ببدء انهيار الكيان الصهيوني، وعلى مدار ستة أشهر كاملة، ولد طوفان الأحرار، عبر فتح كافة الساحات ضد الكيان الصهيوني، وهزيمة هذا الكيان، وانتصار المقاومة، ليتأكد لنا، أنّ «طوفان الأقصى الأحرار»، هو الطريق لزوال الكيان الصهيونيّ. فقد بدأ انهيار الكيان الصهيوني من الداخل، وتأكد زوال الكيان نهائياً من الآن فصاعداً، بعد الصعود الأسطوري، لطوفان الأحرار، وتأكيد وحدة الساحات المقاومة.
وختاماً.. التحية واجبة للمقاومة وقياداتها في جميع الساحات، بدءاً من المقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها وفي المقدّمة حماس والجهاد…

*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة قناة السويس، جمهورية مصر العربية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى