آخر الكلام

نزار قباني يغادر بيروت
يكتبها الياس عشي

قصة نزار قباني مع بيروتَ قصّة خُرافية جميلة، بدأت بخصرٍ ميّادٍ، وانتهت بصلاة كي تقومَ بيروتُ من «تحت الردم».
تُرى، لو عاد نزار إلى بيروتَ اليومَ، هل يعود ليهديَها كما لم يهدِ أحداً من قبلُ؟
تُرى، هل يأمرها بأن تقوم، كما فعل دوماً، «من تحت الردم» بعد أن تحوّل بعضهم إلى صليب معقوف، وحفظوا على ظهور قلوبهم «نشيد الأناشيد» و «مزامير داود» وخرافة «شعب الله المختار» وقصة «الهيكل المدمّر» ؛ ثمّ تبنوا رأس «يوحنا المعمدان»؟
كيف لنزار قباني، إنْ عاد اليوم إلى بيروت، أن يغسل عينيه بدمع لبنان، وبحر لبنان، ومطر لبنان، ومعاطف بيروت الدافئة والحميمة؟ كيف له أن يفعل بعد أن فقد بعض اللبنانيين ذاكرتهم، فنسَوا رائحة الياسمين والنعناع والزعتر الهاربة من الشام في حقائب نزار، لينثرها أبياتاً من الحبّ على شرفات لبنان، وهضابه، وغاباته؟
ربّما… إنْ عاد الشاعر الدمشقي إلى بيروت سأكون إلى جانبه لنستقبل الناس الطيبين الذين ما زالت ذاكرتهم تختزن أيامهم في اللاذقية، وبانياس، وطرطوس، وضهر صفرا، ووادي النصارى، ودمشق، وغيرها… وغيرها… يختزنونها ليؤكدوا تواصلهم مع بيوت استقبلتهم، وجعلتهم في مكان الصدارة!
أمسِ… كشف القناصون، والمأجورون، والتجّار عن وجوههم البشعة، طاردوا سوريين أبرياء في الشوارع، في الأزقّة، على الأوتوسترادات، وفي البيوت… وفي كلّ مكان.
أمسِ… سقط القناع، وغادر الشاعر نزار بيروت.