واشنطن وتل أبيب: شراكة استراتيجية في الخسائر… وارتباك في خيارات الردّ / زمن الردع الإيراني يفرض إيقاعه وقلق أميركي إسرائيلي من تبعات المواجهة / المقاومة تستهدف القبة الحديديّة مرّتين وتشعل النيران فيها… وغارات انتقاميّة /
كتب المحرّر السياسيّ
دخل الأميركيون والإسرائيليون في مرحلة الحسابات الدقيقة لمخاطر ومكاسب الرد وعدم الرد على عملية الردع الإيرانية ليل 14 نيسان، ردًّا على الغارة الاسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق، حيث كل من الخيارين محفوف بمخاطر أقلّها التسليم بموازين جديدة تكون لإيران اليد العليا فيها على مستوى المنطقة، وما لذلك من انعكاسات على مكانة «إسرائيل» الإقليمية وهي في قلب حربها الخاسرة على جبهات غزّة ولبنان، واستطرادًا على النفوذ الأميركي في المنطقة التي تمثل «إسرائيل» القويّة المهيمنة قاعدته الرئيسية. وبالمقابل فإن الرد يفتح الباب لمواجهة تبدو إيران جاهزة لخوضها وقد أعدت لها عدتها، رغم تأكيدها أنها لا تسعى إليها لكنها لا تخشاها، وحتى منتصف ليل أمس، كانت المعادلة المعلنة تقوم على أن القرار يعود لـ «اسرائيل» وأن واشنطن تحترم ما سوف تقرره تل أبيب وأنها تلتزم بحماية «اسرائيل»، مهما كان قرارها، بينما تحت الطاولة يستمر التشاور الأميركي الإسرائيلي على مستوى الخبراء لبلورة جواب يتيح ردًّا لا يؤدي الى المواجهة المفتوحة او الى رد إيرانيّ أشد قسوة، وهذا ما ظهر في تردّد مجلس الحرب في كيان الاحتلال تجاه بلورة قرار واضح.
إيران دخلت مرحلة الاستعداد لفرضيّات الرد الإسرائيلي، عبر إجراءات دفاعية لحماية الأجواء الإيرانية، وتحصين المنشآت النووية والعسكرية والصناعات الحساسة، وبالتوازي الإعداد لردّ قالت إنه سوف يكون سريعًا وفوريًّا على أي استهداف إسرائيلي لأي من المصالح الإيرانية داخل إيران وخارجها، مجددة التأكيد أن هذا الرد سوف يكون عشرة أضعاف الردّ الذي سبق، والذي أرادته إيران محدودًا ومحددًا عقابًا على استهداف القنصلية، لكن الجديد كما يقول المسؤولون الإيرانيون هو أن زمن احتواء الضربات قد انتهى، وقد أدّى مهمته في اتاحة الوقت اللازم لبناء القدرات اللازمة لمواجهة كبرى من جهة، وتمكين محور المقاومة وقواه من امتلاك الجهوزيّة اللازمة لأي منازلة مقبلة.
على جبهة لبنان، صعّدت المقاومة عملياتها، فاستهدفت القبة الحديدية مرتين في قاعدة بيت هلل، وأشعلت الحرائق فيها، وردّت قوات الاحتلال بغارات انتقامية في دبعال والشهابية كانت حصيلتها أربعة شهداء، وكان رد المقاومة استهداف قاعدة ميرون للمراقبة الجوية وقيادة اللواء الشرقي 769 في كريات شمونة.
برزت في الأيام الماضية تحرّكات محلية وغربية من أجل حل أزمة النازحين السوريين، بعد الصرخة اللبنانيّة التي حذّرت من خطر استمرار النزوح. وتقول أوساط سياسية بارزة لـ «البناء» إن هناك حراكًا لبنانيًّا رسميًّا يعمل من أجل تنظيم الوجود السوري في المرحلة الأولى بالتوازي مع الاتصالات التي يجريها رئيس الحكومة مع المجتمع الدولي ومع قبرص من أجل إيجاد معالجة هذه المعضلة. وثمة تعويل محلي على تبدّل في موقف الاتحاد الأوروبي في مؤتمر بروكسل الذي سيعقد نهاية شهر أيارالمقبل للبحث في الوضع في سورية وفي أزمة النزوح. هذا سوف يترأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفد لبنان إلى مؤتمر بروكسل، وسوف يعقد لقاءات مع رؤساء الوفود وأبرزهم رئيسة الاتحاد الاوروبي والرئيس الفرنسي.
يتحرّك السفراء بدءًا من اليوم في جولة جديدة باتجاه مرجعيات وكتل وقوى سياسية وحزبية من بينها المرشح الرئاسي سليمان فرنجية ورئيس حزب الكتائب. وعقد في دارة السفير المصري علاء موسى، لقاء لسفراء الخماسية. وقال موسى: الكلام عن أن الخماسيّة تروّج لطرح برّي غير صحيح أو منطقيّ. فنحن نستخلص الإيجابيات من كل الطروحات بما فيها «الاعتدال» من دون تبنٍّ تام أو ترويج لأي منها.
وحضرت أيضاً الكتل النيابية للمشاركة في اللقاءات المرتقبة بينها وبين السفراء وهي «التوافق الوطني» و»التغييريين» والطاشناق.
وافادت مصادر نيابية لـ «البناء» أن هناك حراكًا جديدًا من الخماسية ودفعًا من أجل تفاهم اللبنانيين على انتخاب رئيس. واعتبرت المصادر أن أعضاء الخماسية لم يقدموا أفكارًا جديدة إنما اللقاءات خصصت لاستمرار الآراء، مع تركيز المصادر على أهمية الحوار من أجل إنقاذ البلد.
وكان النائب أديب عبد المسيح جدّد طرح فكرة ما بين «مبادرة الاعتدال» وصيغة الرئيس نبيه بري تقوم على أن نأتي إلى المجلس بدعوة لانتخاب رئيس ونخرج بعد الدورة الأولى من دون رفعها لإجراء حوار برئاسة بري، ثم ندخل مجدداً الى الدورة الثانية لاستئناف الجلسة ويحصل ذلك على مدى ٧ دورات.
على خط آخر، ردّ رئيس مجلس النواب نبيه بري على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وقال: «جبران «في كتابه» يريد أن يفصل جبهة الجنوب عن غزة «وهيدي ما بتزبطش». وأضاف: «وحدة الساحات قائمة «شاؤوا أم أبوا».
كما ردّ على رئيس حزب القوات سمير جعجع فقال: «لن تحصل انتخابات بلدية من دون الجنوب وبده يستوعب جعجع «مش مستعدّ أفصل الجنوب عن لبنان». وأضاف: «الخطورة في كلام جعجع هو عن الفدرالية. وهذا يعني أننا ما نزال في «حالات حتماً». وشدّد بري على أن قواعد الاشتباك تغيرت وأهم نتيجة للسجادة العجميّة أنها قالت لـ«إسرائيل» «زمن الاول تحوّل».
إلى ذلك الغليان جنوبًا على حاله. وأمس، شنّت طائرة مسيّرة إسرائيلية بعد الظهر غارة على بلدة عين بعال استهدفت سيارة أدّت إلى سقوط شهيد وإصابة شخصين.
أيضاً، سجل قصف مدفعيّ لبلدة الخيام. وأطلقت مواقع الجيش الإسرائيلي المتاخمة لجبل اللبونة رشقات نارية ثقيلة باتجاه أطراف بلدة الناقورة وجبل اللبونة. وأغار الطيران الحربيّ قرابة منتصف الليل على منزل من ثلاث طبقات في بلدة حانين ما أدّى إلى تدميره بالكامل. وفي المقابل، أعلن حزب الله أنه شنّ «هجوماً جويّاً بمسيرات انقضاضيّة على دفعتين استهدفتا منظومة الدفاع الصاروخي في بيت هيلل وأصابت منصات القبة الحديديّة وطاقمها وأوقعت أفراده بين قتيل وجريح». وتحدثت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، من مؤسسة عامل عن «ضرورة العمل المشترك، من أجل مصلحة لبنان، والنظر بالملفات الإنسانية على اعتبار أنها أولوية»، مؤكدة أن «الأمم المتحدة ستساند كل الجهود الرامية إلى تهدئة الأوضاع وتطبيق القوانين والقرارات الدولية ومن بينها القرار 1701، وأن هناك الكثير من الدول في مجلس الأمن التي تنوي تعزيز صمود لبنان ودعمه وأنها تسعى من أجل تحقيق ذلك».
واستقبل رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في دارته في البياضة، فرونتسكا. ووفق بيان عن «التيار»، شرح النائب باسيل مبادرته الأخيرة المتمحورة حول تطبيق القرار 1701 وأهميتها، في ظل التطورات الأخيرة في جنوب لبنان وفي المنطقة. كما أوضح لها آخر التطورات المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي.
وعلى صعيد أمني آخر، أكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي أن «القوى الأمنية تقوم بجهد كبير لكشف الجرائم بأسرع وقت»، مضيفًا «نقوم بفرض النظام أكثر فأكثر في بيروت». وأضاف، بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان: في ملف النزوح السوري أكد المفتي دريان على أهمية عودة النازحين السوريين إلى بلادهم بأمان وتطبيق الإجراءات القانونية.
وشددت السفيرة الاميركية ليزا جونسون على «المضي قدمًا في تنفيذ المشاريع المعلوماتية الهادفة الى تطوير عمل قوى الأمن الداخلي، والتي تساعد على مكافحة الجريمة في جميع أشكالها، وكذلك على الحد من الاستهلاك الورقيّ، وسرعة إنجاز المعاملات. كما أكدت من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي التزام الولايات المتحدة الأميركية الدائم بدعم قوى الأمن الداخلي، للاستمرار في تحمل مسؤولياتها، وللحفاظ على الأمن والاستقرار».