قالها سيد المقاومة: «إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت»
} عبد السلام بنعيسي*
عقب القصف الإيراني الذي تعرّض له الكيان الصهيوني العنصري المجرم رداً على استهداف مقر القنصلية الإيرانية في دمشق، قال مسؤول في البيت الأبيض، إنّ الرئيس الأميركي جو بايدن أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنّ الولايات المتحدة الأميركية لن تشارك في أيّ هجوم إسرائيلي رداً على هجمات إيران…
وقال جون كيربي كبير المتحدثين باسم الأمن القومي في البيت الأبيض تعقيباً على ما جرى، (إنّ الولايات المتحدة الأميركية ستواصل دعم إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنها لا تريد الحرب مع إيران). وأكد كيربي (كما قال الرئيس مرات عديدة، نحن لا نسعى إلى حرب أوسع في المنطقة. لا نسعى إلى حرب مع إيران. وأعتقد أنني سأترك الأمر عند هذا الحدّ).
لم نتعوّد في السنوات الخوالي على خطابٍ مهادن من هذا النوع من الإدارات الأميركية المتعاقبة. ليس مألوفاً لدى الأميركان خطاب يروم بث التهدئة والاطمئنان والحلول السلمية العادلة في بؤر التوتر في العالم. اللغة التي كانت سائدة لدى الأميركان في السابق هي لغة العنف والبطش، هي لغة الكاوبوي الذي يقتحم كلّ الأماكن، سواء كانت مفتوحة أو مغلقة، ويطلق بمسدسه النيران على كلّ من يعترض سبيله، سواء كان المعترض بريئاً أو مذنباً ويتركه مضرجاً في دمائه، وينصرف مزهواً بأنه حقق المُراد.
الممارسة الطاغية أميركياً عبر التاريخ، هي صبُّ الزيت فوق النيران المشتعلة، والنفخ في لهيبها لكي يحرق الأخضر واليابس من حوله.
عندما تخاطبنا اليوم واشنطن بهذه اللغة المختلفة عن المعتاد، فهذا يعني أنّ مياهاً كثيرة جرت تحت الجسور، وأنّ أشياء عديدة تبدّلت وأجبرتها على تغيير خطابها وسلوكها المألوفين. الإدارة الأميركية باتت مكرهة على ذلك، وصارت تحت الاضطرار. وبمراجعة بسيطة للوقائع والأحداث، يمكن لنا استخلاص دواعي وأسباب هذا التغيير في السلوك الأميركي، فلقد انهزمت القوة الأميركية الباطشة في أفغانستان هزيمة مذلة، وشاهد العالم أجمع الهروب الأميركي الكبير في مطار كابول، وفشلت المشاريع الأميركية في العراق، وفي سورية، وليبيا، ولم تجن منها إلا الخيبة والخذلان، حتى أنّ الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عبَّر عن ندمه على غزو ليبيا، وقتْل الرئيس معمر القذافي، واعتبر أنّ ذلك كان خطأ كبيراً.
رغم كلّ الوعيد والتهديد فإنّ واشنطن لم تفلح في ثني المقاومة في لبنان أو العراق أو اليمن على ضرب الكيان الصهيوني وتقديم الدعم للمقاومة الفلسطينية التي أغرقت الجيش الصهيوني في أوحال القطاع. المقاومة العراقية تقصف أم الرشراش، والمُسيّرات والصواريخ اليمنية فرضت حصاراً بحرياً على السفن الإسرائيلية والأميركية والبريطانية، وباتت في مرمى نيرانها، ورغم كلّ الضجيج الذي يحدثه الإعلام الغربي والوعيد الأميركي البريطاني، فإنّ مقاومة أنصار الله لا تزال تجعل من العبور من بحر العرب وباب المندب، أمراً محرماً على سفن «الإسرائيليين»، وسفن أعوانهم من أميركان وبريطانيين.
والمقاومة اللبنانية المتمرّسة على قتال العدو، حوّلت صهاينة الشمال الفلسطيني إلى (لاجئين) في داخل الكيان…
أميركا التي استغلت تفجيرات مركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع بواشنطن، وغزت أفغانستان، وأميركا التي افتعلت وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق، وبادرت إلى غزوه واحتلاله وتدمير دولته وكافة مؤسساته، وأميركا التي حرّضت الكيان الصهيوني على شنّ عدوان تموز على لبنان سنة 2006، ووظفت أحداث ما يسمّى بالربيع العربي لتدمير ليبيا، وسورية، واليمن، وأميركا التي أيّدت بشكلٍ مطلق الردّ الإسرائيلي على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وباركت بشدة حرب الإبادة الجماعية المشنة على الفلسطينيين، وبعد الفشل الصهيوني المريع في القطاع، والقصف الإيراني المبارك للكيان الصهيوني.. أميركا هذه، اصطدمت في منطقتنا، بالجدار المسدود، ولم تعد لها العضلات التي تعوّدت على التهديد بواسطتها..
إحجام أميركا عن الردّ على الإيرانيين، ودعوتها ربيبتها الدولة العبرية اللقيطة إلى ما تسمّيه ضبط النفس، وبلعَ الصفعة وتقبُّلها، يفيد بأن ليس في متناولهما الردُّ والتصعيد، وأنهما عاجزان، مهما فعلا، على تحقيق أي إنجاز عسكري، يُغيِّرُ مجرى الأحداث ويقلِبُها في غزة والإقليم. بعد حوالي سبعة أشهر من القتل والتدمير، فشل الكيان الصهيوني، بدعم أميركي، في القضاء على المقاومة وفي تحرير أيّ أسير من أسراه. لقد حلَّت بهما الهزيمة النكراء بفضل عملية طوفان الأقصى التي خاضها المقاومون الفلسطينيون الأشاوس، بقيادة وإشراف الأبطال المغاوير، يحيى السنوار، ومروان عيسى، ومحمد الضيف…
قالها ذات يوم سيد المقاومة السيد حسن نصر الله: ولّى زمن الهزائم، وجاء زمن الانتصارات. رغم امتلاكه طائرات ف 15، وف 16، وف 35، والقنابل الذرية، فإنّ الكيان الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت. إنه يترنّح وهو آيل إلى السقوط، الأيام تؤكد هذه الحقيقة السافرة لكلّ ذي عين بصيرة وقلب سليم. «إسرائيل» إلى زوال من منطقتنا العربية الإسلامية. هذا هو الذي استقر في وعي ولا وعي الشعوب العربية والإسلامية من طنجة إلى جاكرتا. زوالها مسألة وقت لا غير…
*صحافي وكاتب مغربي