ضُربت «إسرائيل» ونُفذ الوعد …
} رنا العفيف
الأمور صارت مكشوفة تماماً، فالمواجهة لم تعد خافية في الظلّ، لا بل بشكل مباشر وصريح ماذا بعد الردّ الإيراني؟ وهل انتهت الأمور هنا أم أنّ الكيان سيلعب بدحرجة كرة النار؟
الحرس الثوري الإيراني يعلن الاكتفاء بهذه الضربة، ولكنه سيردّ بعشرة أضعاف إذا أقدم الاحتلال على أيّ إجراء، ويؤكد إصابة ثلاث قواعد عسكرية «إسرائيلية» ويحذر «إسرائيل» والولايات المتحدة من أيّ ردّ،
طبعاً هناك تبعات استراتيجية للضربة الإيرانية على «إسرائيل»، بعد نجاح محور المقاومة في فرض معادلاته بقوة في رسم خطوط استراتيجية عميقة على صعيد المنطقة ستظهر ملامح أو رؤية هلال النصر الاستراتيجي التي حققته طهران في الأيام المقبلة، لا سيما أنّ إيران كسرت الخطوط الجغرافية من خلال الوظيفة الاستراتيجية الجديدة التي فتحت صفحة جديدة في المواجهة بعد تنفيذ وعدها الصادق، وضرب «إسرائيل»، والعقاب الذي ألمّ بالكيان بالإهانة وأدخلته بصدمة أصابت في مقتل، بعد أن فرضت طهران بردّها مفهوم الردع المرتبط بسياسة نفاذ الصبر الإستراتيجي حيال السلوك العدواني للكيان، بينما الكيان المأزوم غارق في أزماته التي يتحدث عنها خبراء وكتاب ومحللون، حتى في الأوساط الإعلامية هناك حديث عن انهيار المنظومة الأمنية مع الإشارة إلى التراجع في الأداء، وطبعاً هذا ليس بجديد والجميع بات يعرف هذا وإنما التحديث في هذه الجزئية هو أنّ المأزق انفجر في الداخل وتشظى للخارج وبدأ «المجتمع الإسرائيلي» يحث على الإنفلات الأمني والعسكري في منظومة المؤسسات الاستخبارية دون حال ضبط عوامل الترتيب بالرغم من فرض عدة قيود في الأوساط العسكرية الإسرائيلية،
أتى ذلك في سياق معركة طوفان الأقصى التي عززت وثبّتت معادلاتها عبر جبهات الإسناد من العراق واليمن ولبنان، وبالتالي ثلة من المأزق الإسرائيلي يتدحرج وبدأ يظهر في ظلّ الضربة الإيرانية التي تلقاها الكيان دون معرفة كيفية الردّ، فإيران بضرباتها لـ «إسرائيل» أنهت ما يُسمّى التفوق العسكري الأميركي والإسرائيلي، وكشفت هذه الضربة أنّ القدرة العسكرية الإسرائيلية ضعيفة وهشة ومتآكلة غير قادرة على حماية نفسها الأمر الذي جعل الغرب والولايات المتحدة تطرح أسئلة عما إذا كانت «إسرائيل» قادرة على الدفاع عن نفسها دون مساعدة خارجية؟ ليبقى السؤال مفتوحاً، وقالت ذلك «وول ستريت جورنال» بأن ما إذا كان بوسع «إسرائيل» تكرار ذلك الأداء في ظروف حرب شاملة؟ للإجابة على هذا من الصعب ربما على الكيان والولايات المتحدة أن تضع خطة عسكرية للردّ على الضربة الإيرانية، لأن ليس لديهم حالياً أو على الأقلّ خطة عسكرية للردّ وهي قد تكون بحاجة إلى فترة طويلة ما لم تحدث متغيّرات أو تطرأ تحوّلات جيوسياسية في المنطقة، لا سيما «إسرائيل» وحدها غير قادرة ولا حتى الأميركي لأنه منشغل في الداخل الأميركي حيال الانتخابات الأميركية إلى جانب طبعاً الوضع الملتبس في المنطقة على مستوى الأقتصاد إزاء عمليات اليمن في البحر الأحمر وتأثيره على التجارة الدولية وهذا مؤثر في هذه المواجهة ولا ننسى أنّ اليمن لاعب محترف له بوصلته التي تشير إلى ما هو مطلوب ومحدد، وبالتالي نحن أمام مشهدية انحدار كبير على الصعيد العسكري والجيواستراتيجي وعلى الغرب وفي طليعتها الولايات أن تقرأ جيداً هذا التحول.
أما بالنسبة للكيان وحليفه لليوم هم لا يستطيعون أن يقرّروا ماذا سيفعلون وما الذي سيقومون به وما هي قدرات الدول التي ستقف معهم ومن الذي سيدخل معهم في هذه المغامرة، في مقابل ذلك الإيرانيون كانوا واضحين عندما قالوا بأنّ أيّ دولة عربية أو غير عربية ستقوم بدعم ومشاركة وفتح أجوائها للكيان الصهيوني للاعتداء على إيران، فإنّ اللحظة ستكون وخيمة وسيكون الردّ بعشرة أضعاف، وبالتالي من سيغامر مع نتنياهو أو يضحي بمستقبل بلاده وإمكاناته وقدراته أمام جبروت القوة الفولاذية الإيرانية؟
وعلى ذكر القوة الفولاذية والإنسانية للجمهورية الإيرانية الإسلامية، هناك نقطة هامة جداً يجب ذكرها وتفصيلها ليعي البعض ماذا فعلت إيران قبل الردّ، إذ قالت إنها مستعدة لأن تتنازل عن قضية الردّ في مقابل وقف العدوان على غزة لأنّ شهداءها الذين استهدفهم الكيان في القنصلية بدمشق كانوا جزءاً من هذه المعركة وعلى هذا الطريق، طريق تحرير القدس وفلسطين في سبيل دعم أهلنا في غزة، وبالتالي إيران على الصعيد القيَمي والأخلاقي والإنساني تفوّقت على الغرب الذي يتشدّق بالإنسانية، إذ الجملة الذهبية في المفهوم الإنساني عنوان غير قابل للتأويل والتوضيح بقول إيران بأنها مستعدة للتنازل مقابل وقف إطلاق النار في غزة انطلاقاً من هذا العنوان العفيف النزيه بمفهومه الإنساني العميق يجب أن ندرك ونعي ونفهم تماماً بأن هذه الضربة تنطلق من القيَم الأخلاقية النبيلة التي تتمع بها طهران والتي تفوّقت بها على الخصوم بجدارة وكفاءة عالية، بينما الولايات المتحدة وحلفاؤها يبحثون عن عمليات ردّ دبلوماسي علماً أن لا أحد منهم يملك خطة عسكرية ولا حتى رؤية للمواجهة مع إيران بشكل خاص ومع المحور بشكل عام، فالولايات المتحدة فشلت في البحر الأحمر عسكرياً واستراتيجياً فكيف لهم أن يدخلوا في مغامرة مع محور كامل ومع إيران بالذات؟ وبالتالي لم تتنهِ الأمور بعد فنقطة البداية هي بدء نقطة التحوّل استكمالاً للسر في السابع من أكتوبر ومن خلفه الرابع عشر من إبريل، وإذا نظرنا إلى هذه المسألة بأبعادها الإستراتيجية والعسكرية لما فيها من ارتباط وثيق بالعمليات العسكرية والمواقف نجد الاقتدار والكفاءة والصلابة سيد الموقف في الميدان بالرغم من أنّ إيران في هذه الضربة لم تستخدم الأسلحة المتطورة وإنما أسلحة قديمة بالنسبة لإيران علماً لديها إيران أسلحة نوعية استراتيجية حديثة وفاعلة ومؤثرة لم تستخدمها بعد في هذه المعركة وهذا كافي لنقول إننا أمام تطور كبير أدخل العالم والمنطقة بحقبة في موازين القوى في عملية الردع الإستراتيجي، وعلى الأرجح الكيان سيحاول أن يلعب على وتر دحرجة كرة النار لشدّ عصب توتر المنطقة بدلاً من الاعتراف بالهزيمة والفشل .