في 7 أكتوبر أنجبت الأرض حكاية التحرير
} فراس فرحات*
في ظلّ الأوضاع الراهنة التي تمرّ بها المنطقة بشكل عام وبلدنا لبنان بشكل خاص، هناك مشهد أقلّ ما يُقال فيه إنه صورة تجسّدت في مرآة اختلفت الرؤية فيها باختلاف متلقيها؛
فمن ناحية مرآة تعكس حقيقة عدوّ دخل المعركة متحصّناً بترسانته الإجرامية، مدعوماً بعضلات أميركية غربية، ثم عربية، يحاول من خلالها فرض انتصار أبديّ له على أمّة بأسرها، وإلغاء شعب أصليّ متمسّك بأرضه، ظنّاً منه أنه سيحقق مبتغاه على أرض سبق واغتصبها خلسة وبالمجازر والتزوير والترويع الذي يمارسه منذ 75 عاماً لغاية اليوم. ففوجئ بما لم يكن في حسبانه…
انّ هذا الشعب لا يمكن أن يتخلّى عن أرضه وتاريخه ومقدساته، وهو مستعدّ لخوض غمار الوغى وبذل الدماء والتضحيات الجسام، مهما بلغ مستوى الألم والمعاناة والحرمان والقهر والحصار..
وما السابع من أكتوبر 2023 إلا بداية الغيث، بل بداية الطوفان الذي يروي حكاية أرض عصيّة على الغزاة، قد حفرت على الصخر وامتزجت مع أمواج البحار والأنهار وعصفت مع رياح التحرير وأهازيج النصر.
السابع من أكتوبر 2023، مشهديةٌ محلية الصنع، أبطالها فتيانٌ قد فجروا غضبهم كالبركان الهادر، طالما كان لهيبه يغلي تحت رماد القهر والصبر والإعداد للساعة الصفر.
هبّوا من تحت رمال غزّة، وهطلوا من سمائها، وتفجّروا من جدران صمتها، وانسلّوا مع أشعّة شمسها وزفرات ريحها، وسهروا على ضوء قمرها وسطوع نجومها وسواد غيومها. التحفوا الكوفيّة الرقطاء التي نسجت بعزيمة الثورة وعشق الوطن والشوق إلى التحرير.. خيطت على جبينهم الحرية وفي يمينهم استراحت البندقية وعلى طريق القدس زغردوا أنشودة القضية.
ومن ناحية ثانية، مرآة عكست حقيقة مارد قطّعت أوصاله وتشتتت أفكاره وسيطر الظلام على كيانه الوهمي فضاع جنده بين الركام، وابتلع بحر غزة قواعده وأحرق ناقلات جنده ودباباته وتحصيناته بغضب الرصاص وصواريخ الغضب، وطعن قادته بخناجر الكرامة والعزة، المشحوذة بعبارة «صنع في فلسطين»، و»لا شيء يعلو فوق كرامتنا وغزتنا»، وانطلق من أجل فلسطين.
وأعلن شعار الوعد الصادق الذي يقول إنه لا مكان لهذا الكيان بيننا، وها هي نهايته قد بدأت مع طلّة الطوفان.
والخلاصة أنّ العدو الذي كان بالأمس لا يُقهر، بات اليوم كياناً لا يستمرّ، وباتت نهايته قاب قوسين أو أدنى…
*ناشر ومدير موقع شبكة جبل عامل الإعلامية