مرويات قومية
ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…
تُخصّصُ «البناء« هذه الصفحة، لتحتضنَ محطات مشرقة من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة، وقد سجلت في رصيد حزبهم وتاريخه، وقفات عز راسخات على طريق النصر العظيم.
وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا أي تفصيل، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.
أنّ نكتب تاريخنا،..فإننا نرسم مستقبل أمتنا.
إعداد: لبيب ناصيف
أحد مناضلي الحزب الأفذاذ الرفيق نقولا حلاق
وافت المنية مؤخراً في بوسطن، وبعد صراع طويل مع الداء، الرفيقة مادلين عكاوي، التي كان لها حضورها الحزبي النضالي الى جانب زوجها الرفيق الراحل نقولا حلاق، وقد أقيم قداس وجناز عن روحها في كنيسة سيدة النياح – شارع المكحول وذلك بتاريخ 20 شباط 2015.
هذه النبذة عن الرفيق نقولا كنتُ اعددتها منذ فترة، لأعمّمها بعد حين، إلا أنّ وصول نبأ رحيل الرفيقة مادلين، جعلني أعجّل في نشرها، مع بعض التعديلات والإضافات.
كانا توأم صداقة ونضال. فما كنت تسأل عن الأول الا تجده مع الثاني. كلاهما من سورية الجنوبية. منها نزحا. ومعاً وجدا في الحزب قضية تساوي وجودهما. انتميا. ناضلا. توليا مسؤوليات. قاتلا في حوادث العام 1958. شاركا في الثورة الانقلابية. حكم عليهما بالسجن. خرجا بعد أربع سنوات، واستمرا في النضال.
الاول، الرفيق نقولا حلاق، غادر الى الإمارات العربية فبوسطن متولياً المسؤوليات الحزبية في كل منهما.
التوأم الآخر، الرفيق الياس الشيتي، استشهد في جسر الباشا، في السنوات الأولى من الحرب المجنونة. عنه سنحكي لاحقاً في عداد شهداء الحزب في السنوات 1975 – 1990.
عرفتُ الرفيق نقولا منذ العام 1959، من أصفى وأنقى الرفقاء. مناضلاً حقيقياً. قومياً حقيقياً. كما عرفتُ عقيلته الرفيقة مادلين عكاوي وشقيقها الرفيق وليد(1)، شقيقته الفاضلة ميليا عقيلة الوطني، المشعّ بالأخلاق، أنيس عوض، وعرفت أولادهما: السيدة ماري أسعد نصر، المواطنين طوني، والمرحوم جورج، الرفيقين الياس وعصام.
كذلك عرفت شقيقته الفاضلة نيللي، والدة الرفيقين سهيل وسمير حبايب، وسامية عقيلة الأمين ميشال الخوري.
الى كلّ العائلة شدّتني أواصر من المحبة والمودة والثقة والارتياح.
وكان طبيعياً ان يكون الرفيق نقولا احد المجلّين في هذا «التجمع العائلي»، له حضوره، متمتعاً بمحبتهم وثقتهم وتقديرهم لنضاله الحزبي الذي لم يتوقف.
من الصعب ان نُحصي المسؤوليات والمهام الحزبية الكثيرة التي تولاها او قام بها الرفيق نقولا، بدءاً من عكا وصولاً الى الحدث المجاورة لبيروت. او ان نغطي كامل سيرته الشخصية، ومسيرته الحزبية النضالية وقد كان مجلّياً في كلّ المسؤوليات التي تولاها وفي كلّ الأمكنة التي تواجد فيها. عُرف عنه صدقه، صراحته، استقامته، إيمانه الفذ بالحزب، وتفانيه.
ولد الرفيق نقولا يعقوب حلاق في 23/11/1920 في مدينة عكا (سورية الجنوبية)، انما عاش طفولته في منطقة طبريا وفيها، حدثاً عمل في المحكمة، ثم في «سكة الحديد» عندما انتقل الى حيفا، ومنها الى عكا حيث تولى إدارة تعاونية الجيش البريطاني في منطقة الجليل، مستمراً في عمله الى ان اضطر الى مغادرة فلسطين.
والدته: نديمة بردويل.
اقترن بالرفيقة مادلين شمس عكاوي، من مدينة حيفا، بتاريخ 26/07/1946.
عام 1948 التحق بصفوف الحرس الوطني في معركة الدفاع عن فلسطين، وكان فاعلاً في تنظيم بعض الشبان وتسليحهم بما تيسّر من أجل حراسة بعض المنشآت الحيوية، خاصة المائية منها، تحسّباً من قيام العصابات اليهودية الى تسميمها.
يروي صهره السيد انيس عوض: «انّ الرفيق نقولا كان ممثلاً بارعاً(2)، بل من أبرع الممثلين في عكا.
قام بتمثيل مسرحيات للأديب القومي الاجتماعي سعيد تقي الدين، وغيرها من مسرحيات على خشبة مسرح النادي الأرثوذكسي منها للمواطن الصديق أنيس عوض.
منذ نشأته كان يتمتع بنفسية ثورية. آزر ثورة عمر المختار في ليبيا. حرب الحبشة ضدّ الاستعمار الإيطالي، وعندما بلغ سن المراهقة انضمّ الى المظاهرات المندلعة ضد الوجود البريطاني في فلسطين.
عند سقوط عكا، وكان رزق بإبنه البكر، يعقوب، أرسل عائلته الى منطقة جزين في لبنان، مستمراً مع الحرس الوطني في واجب التصدي للعصابات اليهودية رغم انّ الإمكانيات كانت ضئيلة، أسلحة وغذاء وأدوية…
بسبب تفشي مرض التيفوئيد على اثر قيام العصابات بتلويث مياه عكا، وغيرها، التحق بعائلته في جزين، وسرعان ما انتقل الى الحدث التي فيها تعرّف الى القوميين الاجتماعيين، وقد كانت لهم اليد الطولى في استقبال النازحين من الجنوب السوري ورعايتهم. أخصّهم الرفقاء داود برباري، عادل الشويري، رجا نصرالله، اميل وبترو الحاج، صموئيل برباري وغيرهم.
من الحدث غادر الى حمص، موظفاً في شركة نفط العراق.
عام 1949 وقد هزّه استشهاد سعاده، انتمى الى الحزب في منفذية حمص على يد الأمين الياس جرجي قنيزح، وبحضور الرفيقين مصطفى سليمان(3) وسري الحلبي، ولاحقاً تولى فيها مسؤولية ناظر إذاعة، وفي حمص أيضاً تولّت الرفيقة مادلين مسؤولية مديرة مديرية السيدات.
اثر اغتيال العقيد عدنان المالكي، انتقل سيراً على الأقدام الى الحدود اللبنانية وكان في استقباله الرفيق مشهور دندش ورفقاء آخرون. تروي الرفيقة مادلين في رسالة لها بتاريخ 25/10/2000:
«في اليوم التالي من وصول الرفيق نقولا الى لبنان، توجهت الى الأمن العام في حمص لأحصل على تصريح للسفر مع أولادي. دخلت الى مكتب مدير الأمن العام الرفيق محمد شمنق(4). أخذ أوراقي وفوراً أغلق باب المكتب عليّ وذهب لينهي المعاملة. واذ عاد وسلّمني الأوراق، طلب إليّ أن اتوجه فوراً الى الكاراج، فاستقلّ سيارة تاكسي وأذهب فوراً الى بيروت. قال لي ألا التفت الى الوراء «فسأمشي وراءك كي أؤمن لكِ اجتياز الحدود».
استقرّ الرفيق نقولا وعائلته في بلدة الحدث بيروت، متولياً مسؤولية مدير مديريتها.
في أوائل الخمسينات، عُيّن منفذاً عاماً لمنفذية الساحل الجنوبي.
بعد حلّ المنفذية وإلحاقها بمنفذية الغرب، تولى مسؤولية ناظر الإذاعة فيها، فمنفذاً عاماً(5).
شارك في الثورة الانقلابية وصدر عليه الحكم لمدة أربع سنوات.
بعد خروجه من السجن، اضطر للبقاء في لبنان بسبب حجب جواز السفر عنه، حتى العام 1968 فغادر الى أبو ظبي، مديراً في شركة ألبير أبيلا، ومتولياً مسؤولية مدير مديرية الحزب لمدة سبع سنوات، ثم استقال من شركة أبيلا ليؤسّس معمل أجبان وألبان في الشارقة.
عام 1980 غادر الى الولايات المتحدة بطلب من الحزب، فتابع نشاطه الحزبي متولياً مسؤولية ناموس منفذية الشرق الأميركي، الى جانب المنفذ العام الرفيق صفا رفقه.
منحه الحزب وسام الواجب بتاريخ 16 كانون الأول 1989.
لمحة من نضال عنيد
تروي الرفيقة مادلين في رسالتها المُشار إليها آنفاً، انها، بعد ان توارى الرفيق نقولا في أحد البيوت بعد حصول الثورة الانقلابية، «بقيتُ مع أطفالي الثلاثة (يعقوب، جورج وهنيبعل) وجدّتهم العجوز، نتعرّض لتصرفات بشعة من عناصر من الجيش التي كانت لا تتوقف عن الحضور الى منزلنا في ايّ ساعة من النهار او الليل، فيفتشون البيت من الداخل الى الخارج، والجنينة وقفص الدجاج، وينبشون الأرض».
«وفي كلّ مرة كانوا يقودونني الى السجن للاستجواب فأقضي عدّة أيام قبل ان يفرجوا عني لأعود الى أطفالي».
«عندما علم الرفيق نقولا بما حصل لنا، رفض ان يبقى متوارياً، فسلّم نفسه.
«لم نعد نراه إلا بعد أن بدأت جلسات المحاكمة بعد أربعة أشهر. كان لا يزال يعرج من شدّة ما تعرّض له من جلد».
تضيف: «ذات يوم، طوّق عدد كبير من أفراد الجيش بيتي، ليسوقوني الى سجن بعبدا. لم يأخذوني بسيارة بل سيراً على الأقدام، وعندما وصلنا الى ساحة البلدة، وجدت رفيقاتي(6) ورفقائي ينتظرون، فساقونا سيراً على الأقدام ايضاً من ساحة الحدث الى سجن بعبدا «بهدف إذلالنا». إلا أننا كنا طوال الطريق ننشد ونهتف «لأبناء الحياة»، والناس من حولنا، في ذهول».
أما عن زياراتها للرفيق نقولا في السجن، فكان عليها في كلّ مرة ان تتوّجه الى وزارة الدفاع للحصول على تصريح للزيارة: «وكنت أجرّ أطفالي ورائي».
عندما اتصلت بها منفذية الغرب لتقديم المساعدة المالية لها أسوة بعائلات الرفقاء الشهداء والاسرى، اعتذرت: «هناك عائلات محتاجة أكثر مني».
فهي، الى رسم اللوحات الفنية، راحت ترسم لوحات من تراثنا، إضافة الى أشغال يدوية وحرفية اخرى، وكان الرفقاء والأصدقاء يشترون من أعمالها، ويساعدون في بيعها.
حكت لنا إحدى المواطنات، جارتنا حالياً في السكن، وكان منزل عائلتها مجاوراً لمنزل الرفيق نقولا حلاق في الحدث، كم قاست الرفيقة مادلين إلا أنها تمكنت بفضل شخصيتها وفولاذية إيمانها بالحزب ان تواجه تلك المرحلة الصعبة جداً. قالت: «رحنا نشتري من لوحاتها وأعمالها الجميلة، ونساهم في بيعها. كان بيتها بيتاً لنا. كنتُ أرافقها الى السجن لزيارة «عمو نقولا» الذي أحببته مذ التقيته، وتسلّمت منه قطعة من الشوكولا. كم كانت شخصيته آسرة، وكم كان محباً، وحديثه ممتعاً».
أفادنا الرفيق ايلي ستيليو(7) انه فيما كان يسير الى جانب الرفيق نقولا حلاق في ثكنة هنري شهاب، عند اعتقالهما اثر الثورة الانقلابية، راح ينشد والقيد الحديدي يشدّ ساعده الى ساعد الرفيق نقولا.
جندي يقترب وينهال عليهما بالسوط. الرفيق نقولا يهز الرفيق ستيليو صارخاً: كفّي.. كفّي.. والسياط تنهال.
الرفيقة مادلين عكاوي الى جانب زوجها الرفيق نقولا خلال تقليده وسام الواجب
تحت هذا العنوان قالت مجلة «البناء-صباح الخير» في عددها بتاريخ 03/03/1990:
«أقام السوريون القوميون الاجتماعيون في بوسطن مأدبة غداء تكريماً للرفيق نقولا حلاق بمناسبة منحه «وسام الواجب»، نتيجة عمله الحزبي الذي استمرّ وما زال على مدى أربعين عاماً.
حضر المأدبة في فندق «الهوليداي إن» حوالي مائة شخص في جو قومي اجتماعي هادئ وجميل، وقد افتتح اللقاء الرفيق جهاد برباري بنشيد الحزب الرسمي، ثم قدم الرفيق جورج جريج، الرفيق الدكتور صفا رفقه الذي تناول في كلمته الوضع الحاضر للأمة مركّزاً على جملة من المفاصل الهامة في تاريخها، كما تكلم عن الرفيق المكرّم عارضاً لسيرته الشخصية والحزبية المتميّزة بالنضال المستمر»
أما السيدة فريال (لم تورد المجلة اسمها الكامل) فقد قدمت عرضاً مصوراً لما حققه الرفيق نقولا حلاق بدءاً من ولادته وطفولته في مدينة عكا – فلسطين المحتلة، مروراً بالتحاقه بصفوف الحرس الوطني عام 1948 للدفاع عن فلسطين، وكيف اهتز وجدانه عام 1949 إثر جريمة اغتيال الزعيم حيث انتمى الى الحزب السوري القومي الاجتماعي.. ولتاريخه لا تزال الجذوة النضالية تتقد في عقله ووجدانه..
كانت الرفيقة مادلين عكاوي حلاق قد منحت «وسام الواجب» بتاريخ 05/03/1999، بموجب مرسوم رئاسة الحزب رقم 94/67، وقد اقيم لها حفل تكريمي مناسب في بوسطن، تقلّدت فيه الوسام كما يبدو في الصورة أعلاه.
وفاته
وافت المنية الرفيق نقولا حلاق يوم الخميس 17/05/1990 بعد معاناة مع داء السرطان، فجرى له يوم السبت 19 أيار مأتم مهيب، شارك فيه رفقاؤه القوميون الاجتماعيون من مختلف مناطق الشرق الاميركي، الى العدد الوفير من الأصدقاء، وممثلين عن بعض الاندية السورية في الولايات المتحدة.
يقول الرفيق سهام عكر في تقريره الى مجلة «البناء – صباح الخير» بتاريخ 23/05/1990:
«الساعة الحادية عشر ظهراً، وقف الرفقاء والرفيقات صفوفاً نظامية على جانبي الطريق وهم يؤدون التحية الحزبية فيما كانت الرفيقة مادلين تتقدّم مع أولادها الى امام النعش. بعدها تقدّم الكاهن واقام مراسم الدفن.
في تلك اللحظة اُخذت التحية مرة ثانية بينما كان رئيس النادي السوري في بوسطن الرفيق جورج جريج يتقدّم من النعش ويضع عليه علم النهضة المصنوع من القرنفل الأحمر.
بعد الدفن توجه الجميع الى قاعة كنيسة مار جرجس السورية حيث تكلّم كل من رئيس النادي الرفيق جورج جريج، والرفيق نبيه عوده.
عندما بلغني نبأ رحيل الرفيقة مادلين، التي عرفتها منذ ستينات القرن الماضي وواكبت نضالها وحضورها الحزبيين، وكنت أكنّ لها، كما للرفيق نقولا حلاق، الكثير من المودة والارتياح، وجهت الى ابنها الرفيق جورج رسالة التعزية التالية:
«الحبيب جورج
كنت أتابع وضع الرفيقة الرائعة مادلين كلما التقيت بالرفيق الياس عوض، ومراراً تحدثت عن سيرتها النضالية مع الرفيق سامي سعد عندما كان يزور لبنان صيفاً، فألتقيه.
اني أقف الى جانبكم حزناً على رحيلها، وقد عرفتها متألقة في السنوات التي تلت الثورة الانقلابية، وكانت تشدني إليها، والى الرفيق نقولا حلاق، والى شقيقها الرفيق وليد عكاوي الكثير من أواصر المحبة.
آمل ان تنقل الى كلّ العائلة الحبيبة والى كلّ رفقائنا الذين عرفوا جيداً الرفيقة مادلين، تعازيّ وحزني،
والبقاء للأمة
*****
هوامش:
1 عرفته منذ ستينات القرن الماضي، كان موظفاً مرموقاً في البنك البريطاني. تولى مسؤوليتي ناظر مالية وخازن في منفذية بيروت.
2 يفيد ابن اخته الرفيق الياس عوض، ان الرفيق نقولا قام بدور البطولة في فيلم «في بيتنا رجل»، من اخراج وتصوير الرفيق يوسف فهدي (دمشق).
3 مُنح رتبة الأمانة وتولى مسؤوليات عديدة. برز حزبياً كقائد لفرقة الزوبعة عام 1948. توفي منذ أشهر. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى أرشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية. www.ssnp.info
4 من الرفقاء المناضلين، كشقيقه الرفيق أحمد وشقيقتيه حرية وسميحة. للاطلاع على المعلومات عنهم الدخول الى ارشيف تاريخ الحزب على الموقع المذكور آنفاً. وبخاصة في النبذة عن الأمير أمين أرسلان.
5 يوضح الرئيس السابق للمجلس الأعلى الأمين الراحل محمود عبد الخالق، وقد كان مديراً لمديرية مجدلبعنا في حينه، انّ الرفيق الياس الشيتي كان يتولى مسؤولية ناموس المنفذية والرفيق فايز ملاعب ناظراً للتدريب.
6 لا يسعني إلا أن أستعيد في ذاكرتي نشاط الرفيقة انجول برباري، شقيقة الأب إيليا برباري، وكم كانت الى جانب الرفيقة مادلين في تلك الأيام الصعبة، ومثيلتها في الجبروت.
7 متواجد وناشط في منفذية سدني. تولى فيها مسؤوليات حزبية أخصّها في نظارة التدريب. من منطقة الأشرفية – بيروت.
الرفيق يوسف ميشال سالم .. تبقى حياً في ذاكرتنا ولو بعد رحيلك بسنوات
عرفتُ الرفيق يوسف سالم من بين أذكى وأصفى من عرفتُ من القوميين الاجتماعيين، كان له حضوره اللافت في فترة العمل السري حين توليت مسؤولية الطلبة، كان يدي اليمنى في الكثير من الأنشطة الحزبية، لا سيما في كلية العلوم وفي الجامعة اللبنانية عموماً.
تميّـز بذكائه بثقافته الحزبية بنشاطه اللافت كنا نشبّهه بالأمين الياس جرجي لسعة ثقافته وسرعة البديهة لديه.
بفضله أمكن للحزب أن يقوم بحضور لافت في الجامعة اللبنانية ولا سيما في كلّ من دار المعلمين، وكليتي الآداب، والعلوم وفي معهد العلوم الاجتماعية.
عنه هذه الكلمة التي كنتُ أعددتها ونشرتها مجلة «البناء» في العدد 991 تاريخ 02/10/1999:
معظم الرفقاء الذين عملوا في الفترة 1967 حتى أوائل السبعينات يعرفون الرفيق يوسف ميشال سالم، ولا شكّ أنهم ما زالوا يذكرونه بكثير من الحب، واللوعة.
باكراً رحـل، وخسرت النهضة رفيقاً مملوءاً بالمناقب، فواراً بالذكاء، دفـاقـاً بالحيوية ورائع الحضـور.
من نابية، البلدة المتنية، طلع، ليسطع في الحزب، ليس فقط في كلية العلوم – الجامعة اللبنانية، وقد كان من أبرز الرفقاء فيها، ومن أوائل الذين كانت لهم اليد الطولى في تنظيم العمل الحزبي الطالبي في مرحلة الملاحقات قبل العفو عام 1969، إنما في المجالات حيث تسنّى له تولّي المسؤولية الحزبية فيها، فكان مديراً، وناظراً للإذاعة، ومنفذاً عاماً في منفذية الطلبة كما في منفذية المتن الشمالي، ومفتشاً في عمدة الداخلية.
كان إدارياً، ومذيعاً باهراً، ومحدثاً لبقاً، تمتع بذاكرة مذهلة، حيث تعدّدت مواهبه ومزاياه، فبرع في إنجاز مهماته، وأعطى المسؤولية التي تولاها عقله وقلبه ووجدانه وحيويته، فنجح ونجحت أعماله.
محب، ضحوك، مناقبي، اطمئن إليه من صادقه واستمرّ في محبته كلّ من تجادل معه في رأي او قناعة.
لم يكن يخاصم ولو قسا. وما حقد حتى لو أخطأت في حقه. وما وقف عند نقيصة في أحد بل عالج وصحّح، وأمسك باليد سائراً مع رفيقه وصديقه نحو الأعلى.
لو استمرّ حياً، لكان ذا شأن عظيم، ولكانت «نابَية» تحضنه بنهضة الإيمان القومي الاجتماعي، كما كانت يوم انتمى والده الرفيق ميشال الخوري سالم، ولكان المتن الشمالي فرحاً بإبن يندر ان نجد مثله في كلّ حين.
نذكره اليوم، وقد فارقت والدته مؤخراً. تلك التي مشت مع زوجها أيام الحزب الأولى، ومعه ربّت عائلة قومية اجتماعية، أبناء وأحفاد.
الرفيق يوسف سالم: تبقى في الذاكرة، كأحلى ما يكون القومي الاجتماعي، نذكرك والحزن كبير، لأننا خسرنا برحيلك رفيقاً من النوعية التي تفرح، وتشعّ، وتسمو فوق كل صغيرة.
سيرة ذاتية
ـ ولد في نابية 1/01/1947.
ـ والده الرفيق ميشال خوري سالم.
ـ دخل الى الجامعة اللبنانية – كلية العلوم في العام الدراسي 1966-1967.
ـ شارك في المؤتمر القومي الاجتماعي العام 1970.
ـ تولى المسؤوليات الحزبية التالية:
ـ مدير مديرية في الجامعة اللبنانية.
ـ منفذ عام الطلبة الثانويين.
ـ منفذ عام الطلبة الجامعيين.
ـ مفتش في عمدة الداخلية.
ـ كان له الأثر الفعّال في انضمام العديد من المواطنين الطلبة الجامعيين الى الحزب.
ـ توفي في 5/02/1973 اثر مرض، وأقيم له مأتم حزبي حاشد في بلدته «نابَية».