الرد الإيراني نجح والكلمة للميدان…
منجد شريف
لم يكن الرد الإيراني على الكيان المؤقت هوليودياً كما يحلو لبعض الأبواق الإعلامية توصيفه، بل كان رداً مباشراً وحقيقياً على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، واستشهاد قادة وضباط من الحرس الثوري الإيراني.
جاء الردّ بعد جولات عديدة قامت بها مختلف السفارات الغربية، وبعد رسائل عبر وسطاء لتجنيب القواعد العسكرية للولايات المتحدة من الردّ، على اعتبار أنها لم تكن على علم بذلك، علماً أنّ الطائرات التي قصفت في عمق العاصمة السورية دمشق هي من الجيل الحديث المصنّع من الولايات المتحدة الأميركية، وتحمل اسم «اف 35»، ومن ضمن شروط استخدامها إعلام المنتج بخلفية تشغيلها لأيّ سبب كان، وبالتالي فإنّ التنصل الأميركي من تلك الضربة، يُعدّ رسالة بعدم رغبته في جبهة مباشرة مع طهران، نظراً لكلفتها الكبيرة عليه، وما يمكن أن تحدثه من تطورات على الصعيدين الدولي والإقليمي.
إذن، كان قصف القنصلية معلوماً وواضحاً، وحتم الردّ المباشر بما يتلاءم وحجم الضربة، فكانت على الشاكلة التي رآها كلّ العالم وحققت أهدافها الأساسية في عمق القواعد العسكرية للاحتلال «الإسرائيلي»، وهنا يطول الحديث عن التقنيات العديدة التي استعملتها إيران في الردّ وما تسبّبت به من أكلاف في القبة الحديدية وما استطاعت إنجازه في التضليل حتى وصلت صواريخها الباليستية إلى عمق أهدافها، الجيوعسكرية، وكانت ضربة بضربة، على اعتبار أنّ أرض القنصلية هي أرض إيرانية، فكانت الضربة في داخل الكيان المحتلّ وفي عمق قواعده العسكرية.
كثرت التأويلات عن تلك الضربة، علماً أنّ العدو نفسه اعترف بحجمها ودقتها وما فرضته من توازن على الصعيد العسكري في هذا الصراع، وكان الردّ على تلك الضربة لا يعدو كونه هزيلاً بحدّ ذاته، من أجل حفظ ماء الوجه داخل الكيان حتى لا تهتز ثقتهم بالدولة المزعومة ولا تتسرّب إليهم مشاعر الإحباط والقلق، خاصة أنّ المستوطنات في الشمال لا تزال خالية من مستوطنيها وهم بالتأكيد يشكلون عبئاً حقيقياً على الدولة المزعومة وعلى الاقتصاد فيها .
أما في الجهة المقابلة من الجنوب اللبناني فما زالت وتيرة الاشتباكات تشي بالكثير لجهة أنها حرب تكنولوجية من الطراز الأول، وما تقدّمه المقاومة هناك يسترعي انتباه العدو، من حيث الدقة في إصابة الأهداف، وما يسبق ذلك من أعمال لوجستية في الحصول على المعلومات الضرورية من أجل تحقيق الغاية المرجوة منها.
من نافل القول أنّ غربيّي الهوى من الإعلام المناهض غالباً ما يقللون من أهمية تلك الجبهة وما أسفرت عنه من إصابات في صفوف العدو وفي تجهيزاته، بينما واقع الحال ينمّ عن إنجازات كبيرة شكلت وما زالت رادعاً كبيراً عند العدو في خوض مغامرة عسكرية جديدة في جبهة الشمال، بعدما تأكد له أنّ ما استُخدم حتى الآن لا يُعدّ شيئاً أمام ما تخبّئه ترسانة المقاومة من المفاحآت في التجهيزات والعتاد العسكري.
لا تزال الحرب مستمرة، وكل الجبهات مشتعلة، وليس هناك من أفق سوى ما سيقوله الميدان حصراً في غزة ولبنان وسورية واليمن والعراق وفي كلّ مكان آخر مرشح للولوج في تلك الحرب، فالكلمة الأخيرة هي كلمة الميدان ومن سيصرخ أولاً، وعلى الأرجح ستكون صرخة العدو هي الأولى بعدما تجاوزت هذه الحرب الـ 200 يوم لم يستطع العدو خلالها تحقيق أيّ من أهدافه العسكرية سوى ما «تفنّن» فيه من المجازر الجماعية، والتي لا تعدّ شيئاً في العمل العسكري…